آخر تقاليع الاحتلال: الصلاة الصامتة في باحات المسجد الأقصى
نشر بتاريخ: 2021-10-11 الساعة: 15:11
بقلم: د. أماني القرم
لا يوجد مكان ديني مقدّس في العالم يتعرض لاعتداءات ممنهجة متنوعة الأشكال والأساليب مثل المسجد الاقصى . لم تترك اسرائيل شيئاً إلا وقامت بتجريبه ضد الحرم القدسي الشريف بهدف تغيير هويته ورمزيته الدينية والسياسية من محاولات حرقه وحفر الأنفاق تحته واقتحاماته وتدنيسه وقتل المصلين فيه ومنع روّاده من الوصول اليه. وآخر تقاليع الاحتلال لفرض الأمر الواقع إصدار قرار من قبل ما يسمى بالمحكمة الجزائية الاسرائيلية يسمح لليهود بالصلاة في باحات المسجد الاقصى ما دامت صامتة ! ولا أفهم معنى صامتة فلا أعرف فرداً يصلي بالميكروفون !
القرار ليس جديداً.. فقد سبق أن صدر عدة مرات في سنوات قديمة مع اختلاف مسمّيات الأجهزة القضائية الاحتلالية . في العام 2000 تم الاعلان من قبل المحكمة العليا في اسرائيل بأن المستوى السياسي هو المسئول عن القضايا الخاصة بالمسجد الأقصى. الجديد هذه المرّة أن المستوى السياسي ممثّلاً برئيس الحكومة الاسرائيلية كان دافعاً للقرار. ففي تموز الماضي صرّح نفتالي بينيت متعمّداً أن حرّية العبادة مكفولة بالكامل لليهود كما للمسلمين! وعلى الرغم من محاولة بعض موظفي مكتبه تعديل التصريح بأنه لم يقصد حرية العبادة وإنّما حرية الزيارة وذلك تحاشياً لأية احتجاجات اقليمية ودولية لتغيير السياسة المتبعة منذ العام 1967 حول التعهد بالالتزام بالحفاظ على الوضع الراهن ( الاستاتيكو) للمسجد الاقصى وبقائه تحت الرعاية الاردنية والصلاة تكون فيه للمسلمين فقط، إلا أن التصريح بقي كما هو على صفحات الانترنت..
كان بمثابة بالون اختبار كعادتها اسرائيل في إطلاق البالونات لتقييم ردود الافعال العربية والاسلامية، حيث /من المفترض/ أنّ هذا الامر تحول خطير في سياستها إزاء الحرم ودعوة صريحة لتأطير الصراع دينيا بين المسلمين قاطبة واليهود…
هذا التصريح أو القرار الهادف الى تقسيم الاقصى زمانيا ومكانيا أي حالة مماثلة لما عليه الحرم الابراهيمي في الخليل لم يأت فجأة بين ليلة وضحاها وإنما مر بتغيير تدريجي ليلقى قبولاً وحشدا ًداخل المجتمع الاسرائيلي والعالمي .. فقد شهدت التسعينات من القرن الماضي تزايداً في نشاط الحركات اليهودية المتطرفة الساعية لتغيير الوضع القائم للمسجد الأقصى سياسيًّا وإعلاميًّا وشعبيًّا داخل اسرائيل حتى وصلت الى الحضور السياسي والانتخابي الذي نراه اليوم . وبعد ان كانت الاقتحامات للحرم الشريف تتم من جانب بعض الحاخامات المتطرفين أصبحت مدعومة بأعضاء كنيست ووزراء ومسئولين حكوميين ولم تعد مستهجنة ومهددة للأمن العام كما كانت سابقاً ،ناهيك عن أن موضوع ما يسمى جبل الهيكل بات محل نقاش كثيف في الكنيست خلال السنوات الخمس الماضية .
لن تتوقف اسرائيل عن الوصول لهدفها وستشهد الأيام المقبلة محاولات حكومية وشعبية مستمرة لتنفيذ القرار ، ولذا يجب الوقوف بقوة أمام هذه المحاولات . أعتقد أن هناك دور هام يمكن أن يلعبه اللاعبون الجدد في الخريطة السياسية الحالية : أولا: الشركاء المسلمين في الحكومة الاسرائيلية: حيث آن الأوان للضغط والتهديد بالانسحاب من حكومة الترقيع أم أن قرار الصلاة الصامتة لليهود في باحات الأقصى شيء يمكن تجاوزه ببساطة من منطلق أن الأرض كلها لله وتسع كل صلاة ولا قيمة للمسمّيات ؟!!
ثانيا: الدول المطبعة مع اسرائيل : القرار الاسرائيلي ورقة مهمة سياسيًّا للتلويح بها والاحتجاج لدى الجانب الاسرائيلي ليس من اجل الفلسطينيين ولكن من اجل الحفاظ على مسار الصداقة المشتركة بينكم ومن اجل المسلمين ومن اجل تعزيز النفوذ العالمي وزيادة الوزن الاقليمي و..و..و؟؟