الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أوروبا تقلب الحقائق

نشر بتاريخ: 2021-10-07 الساعة: 13:04

 

عمر حلمي الغول


مجددا تعود أوروبا تحت ضغط إسرائيل وأميركا وزيادة نفوذ اليمين القومي المتطرف إلى انتهاج سياسة بعيدة عن الواقع، وفيها انحياز غير مقبول، ويتناقض مع قيم السلام والتسامح وحقوق الإنسان، وحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير. لن أتحدث عما أصدره الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء، من توجه لـ"محاربة" ما يسمى "معاداة السامية" في دول العالم بذريعة ان هناك تصاعدا في موجة "العداء للسامية" خلال زمن انتشار وباء كوفيد 19. وسأحصر النقاش مع المنظومة الأوروبية فيما أصدرته لجنة الموازنة في البرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء الموافق 28 /9/2021 من تعديل لحجب 20 مليون يورو (23 مليون دولار أميركي) من المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) إن لم يتم اجراء تغييرات فورية على المناهج الدراسية، التي تدرس في مدارسها، التي يزعم انها تتضمن خطابا مناهضا لإسرائيل، وتحريضا على العنف. حسب ما نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت يوم الأربعاء 29 أيلول/سبتمبر الماضي.
وقال التعديل "سيتم تحرير الاحتياطي البالغ 20 مليون يورو بحلول العام الدراسي المقبل إذا تم إجراء تغييرات إيجابية جوهرية في المناهج من اجل تعزيز التعايش والتسامح والسلام مع إسرائيل بما يتماشي مع اهداف حل الدولتين".
وكان البرلمان الأوروبي أصدر للمرة الأولى في تاريخه قرارا يدين (الأونروا) للتحريض على الكراهية في مناهجها، ويطالب "بإزالة المحتوى على الفور". وجاء هذا القرار المجحف واللامسؤول و"النادر" بعد تقرير نشرته منظمة الأبحاث والسياسة والدعوة الإسرائيلية "IMPACT-SE" حول الطبيعة السلبية والمعادية للسامية للمواد التعليمية لـ (الأونروا). 
وهدد البرلمان الأوروبي على غير العادة بتحويل الأموال لمنظمات الـ NGO,s ذات الخطاب "الإيجابي" والبعيد عن "التطرف"، ليس هذا فحسب، بل ان بعض المسؤولين الأوروبيين (لم يذكروا أسماءهم) هددوا بوقف دعم موازنة السلطة الوطنية في حال استمر الخطاب الفلسطيني التربوي والإعلامي على ذات النسق في الدفاع عن الرواية الفلسطينية. 
للأسف من يتابع التصعيد الأوروبي، يرى أنه يتكامل ويتناغم مع الخطابين الأميركي والإسرائيلي، والهدف إفراغ المنهاج التربوي الفلسطيني من الرواية الوطنية الفلسطينية، والتسليم كليا بالرواية الصهيونية، لإتمام عملية غسل الدماغ الكلي للأجيال الفلسطينية المقبلة بذريعة تطبيق حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.  
وبعيدا عن سياسة ردود الأفعال، والذهاب لجادة السؤال والحوار، هل دولة إسرائيل القائمة بالاحتلال والاستعمار للأرض الفلسطينية العربية تريد السلام؟ وهل لديها أدنى استعداد للاقتراب من حل الدولتين على أساس حدود الـ1967؟ وهل لديها استعداد للانسحاب الكامل من القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية؟ وهل عندها الاستعداد لعودة اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرار الشرعية الدولية 194؟ وإذا كان لديها الاستعداد لذلك، لماذا صادقت على قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية"؟ ولماذا تواصل التهويد والمصادرة والبناء الاستيطاني الاستعماري في أراضي دولة فلسطين المحتلة؟ لماذا تواصل عمليات الهدم والسيطرة على العقارات في العاصمة الفلسطينية وتحديدا في حي الشيخ جراح واحياء بلدة سلوان الستة داخل القدس العاصمة؟ ولماذا تقوم بعمليات الاقتحام شبه اليومية للمسجد الأقصى؟ وهل توقف البرلمانيون الأوروبيون من مختلف الاتجاهات والمشارب الفكرية السياسية امام المنهاج التربوي والإعلامي الإسرائيلي؟ وهل يسمعون تصريحات ومواقف رئيس وزراء إسرائيل الحالي وباقي جوقة حكومة الخليط الصهيوني المعادية لحل الدولتين، ورفض مناقشتها من حيث المبدأ؟ وهل قرأوا خبر توجه حكومة بينت/ لبيد ببناء عشرة الاف وحدة سكنية مكان مطار قلنديا؟ وهل تابعوا ويتابعون عمليات الاعتقال والملاحقة والحواجز واعتداءات قطعان المستعمرين للمدن والقرى الفلسطينية على مدار الساعة؟ هل مطلوب من الفلسطيني التخلي عن رواية الآباء والاجداد الوطنية؟ ومن من شعوب الأرض تخلى عن روايته لصالح مغتصبي ارضه ووطنه؟ هل دول أوروبا تخلى أي منها عن هويتها وروايتها الوطنية؟ 
ألف سؤال وسؤال يثار حول جرائم ومجازر إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني. لماذا على الفلسطيني ان يرفع الراية البيضاء امام الرواية الصهيونية المزورة والكاذبة؟ وهل ما تدفعونه لموازنة السلطة مجانا، ولسواد عيون السلطة ام نتاج ما اقترفتموه أنتم وأميركا من ظلم تاريخي ضد حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني؟ اليس جزءًا مما سببتموه من نكبة مازالت تؤرق وتدمي حياة المواطن الفلسطيني على مدار عقود النكبة السبعة الماضية؟ 
الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية بالتأكيد لن يتنازلوا ولن يتخلوا عن روايتهم الوطنية، وسيتمسكون بها مهما كانت النتائج، ولكم ان تتخذوا ما تريدونه من قرارات، ولكنكم أنتم وأميركا وإسرائيل ستتحملون المسؤولية عما ستؤول اليه الأمور من عواقب وخيمة تهدد الأمن والسلم في دول الإقليم والعالم. تذكروا جيدا ان التاريخ لا يعود للوراء، وان من يمارس العداء للسامية ولمعايير السلام والأمن هي دولة المشروع الصهيوني ولا أحد غيرها. لذا راجعوا قراراتكم قبل فوات الأوان.  
[email protected]

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024