"على أرض فلسطين التاريخية في دولةٍ واحدة"
نشر بتاريخ: 2021-09-28 الساعة: 10:44
موفق مطر
تعمد رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية تكرار وصف منظومة الاحتلال (إسرائيل) بأنها سلطة تمييز واحتلال عنصري حيث وردت (9 مرات) في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما وصفها بمنظومة التطهير العرقي والأبرتهايد (7مرات) كما اعتبرها (سلطة احتلال (7 مرات) أيضا، مبينا للعالم وسائلها مستخدما مصطلحات: المجازر والجرائم والقهر والعقاب الجماعي والتوسع الاستعماري (7 مرات)، ما يعني أن الرئيس أبو مازن قد استخدم (30 صفة وحالًا) للواقع الذي عليه منظومة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي (إسرائيل) وبمصطلح (الدولة العنصرية الواحدة) باعتباره الهدف الرئيس الذي تسعى هذه المنظومة لتكريسه على أرض فلسطين التاريخية والطبيعية ..ونعتقد أن دولة واحدة في هذا العالم "فاقدة للأخلاق الإنسانية" بحجم فقدان (منظومة إسرائيل) لها، أو لو حملت صفة واحدة من الثلاثين المذكورة أو مارست أسلوبا من أساليب (إسرائيل) لكانت الآن محاصرة بالعقوبات والقرارات الدولية.
خيار الدولة الواحدة الديمقراطية هو الخيار الفلسطيني، وليس الخضوع لواقع "الدولة العنصرية الواحدة" باعتبارها الهدف الرئيس لمشاريع سلطة الاحتلال العنصري على أرض فلسطين، فقد قال الرئيس محذرا من مخططاتها "لأنّها تكرسُ واقعَ الدولةِ الواحدةِ العنصرية".
قطع الرئيس الطريق على العابثين العاملين على تشويه وحرف المقاصد والغايات الوطنية عندما قال: "سَتفرِضُ المعطياتُ والتطوراتُ على الأرضِ الحقوقَ السياسيةَ الكاملةَ والمتساويةَ للجميع على أرض فلسطين التاريخية، في دولةٍ واحدة ".
سيلاحظ الباحث عن الحقيقة مكان عبارة "أرض فلسطين التاريخية" في السياق وملاحظة تأكيد الرئيس عدة مرات على حق الشعب الفلسطيني التاريخي بأرض وطنه فلسطين عندما قال: "هل تعتَقدُ إسرائيلُ أنها تستطيعُ تجاهلَ الحقوقِ المشروعة، بما فيها السياسيةَ لملايينِ الفلسطينيين في الداخلِ والخارج، أصحابِ هذه الأرضِ وَفي القلبِ منها القدسُ"، ومن جملة: "ملايين الفلسطينيين في الداخل والخارج .. أصحاب هذه الأرضِ وَفي القلبِ منها القدسُ" نبدأ.
لقد شكل يوم 18 أيار الماضي منعطفا تاريخيا في مسار النضال الوطني الفلسطيني، عندما هب الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية والطبيعية، واللاجئون في الشتات للانتصار للقلب (القدس)، وهي المنعطف الثاني بعد يوم الأرض الفلسطيني في الثلاثين من آذار من عام 1976 الذي بات يوما وطنيا فلسطينيا يتجاوز الحدود الجغرافية التي رسمتها الوقائع والأحداث وقرارات الأمم المتحدة خلال تعاملها مع قضية الشعب الفلسطيني كالضفة وغزة وما يعرف بمناطق الـ48 أو الخط الأخضر، وأعتقد جازما أن هذه الهبة التي سيبنى عليها أو على ما قد يكون أعظم منها، كانت حاضرة في جوهر خريطة النضال والكفاح الوطني الفلسطيني التي رسمها الرئيس أبو مازن للمرحلة القادمة، ذلك أن تحقيق هدف الدولة الفلسطينية الواحدة يتطلب توجيه وتطوير برامج القوى الوطنية في منظمة التحرير الفلسطينية، مع برامج الأحزاب والقوى العربية الفلسطينية لتتقاطع مع بعضها ولتلتقي مع برامج أحزاب وقوى إسرائيلية ومنظمات تضم أكاديميين وروادًا اجتماعيين مناهضين لسياسة الاحتلال الاستعمارية والعنصرية، وسياسة المنظومة في التطهير العرقي والترحيل القسري للفلسطينيين من أرضهم التاريخية (فلسطين).
لاحظوا معنا هذه العبارات في خطاب الرئيس منها: "حقّ الشعبِ الفلسطيني التاريخي والحاضرِ في وطنهِ" مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأرض والشعب هما القاسم المشترك بين مصطلح الوطن، ومصطلح دولة فلسطينية، رغم أن حدود دولة فلسطين ستكون ضمن حدود أرض الوطن التاريخي (فلسطين) وهذا منسجم تماما مع إعلان وثيقة الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني عام 1988. إنها رسالة لكل الوطنيين بأن أية مرحلة نضالية شاملة لتحقيق هدف "الدولة الفلسطينية الواحدة" المناهض لهدف الدولة العنصرية الواحدة "ستكون مشروعة وقائمة على أساس هذا الحق التاريخي، وكذلك قوله: "قرارات الشرعيةِ الدولية، التي تُؤكدُ على حق اللاجئِ الفلسطيني في العودةِ إلى وطنِه". وللتدليل على هذه الفوارق قال الرئيس أبو مازن: "أقولُ لقادةِ إسرائيل، لا تقهروا الشعبَ الفلسطيني وتضعوهُ في الزاويةِ وتحرموهُ من كرامتهِ وحقّهِ في أرضهِ ودولتهِ".. ثم قال: "إن الشعبَ الفلسطيني سيدافعُ عنْ وجودهِ وهويتهِ ..سيبقى على أرضهِ يدافعُ عنها، وعن مصيرِه".
إن دمغ إسرائيل بطابع "دولة التمييز العنصري والتطهير العرقي (الأبرتهايد) والنظام الاستعماري مهمة دقيقة وحساسة وخطيرة إذا لم تحسب الوقائع والحقائق بتعقل وبصيرة بعيدة المدى، فانتصار شعب جنوب إفريقيا وقواه الوطنية ما كان ليحدث لولا تغييرات جذرية في مناهج العمل الوطني والكفاحي والسياسي، أدت إلى تكثيف الضغط على نظام الاستعمار العنصري المشابه في تكويناته لمنظومة النظام الاستعماري الإسرائيلي، ولهذا كان الرئيس واثقا عندما قال: "إن النظامَ الاستعماري الذي أنشأتهُ على أرضِنا مآلهُ إلى زوالٍ طالَ الزمانُ أم قصر".