خطة لابيد: مِلءُ الغربال بالماء!!!
نشر بتاريخ: 2021-09-14 الساعة: 13:02موفق مطر
يبدو واضحا ودون مواربة، أن حكومة منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري إسرائيل الجديدة، تتبنى الحل الاقتصادي الإنساني، منسجمة بذلك مع جوهر خطة بلفور الثاني دونالد ترامب المسماة صفقة القرن، ما يعني أن ائتلاف نفتالي بينيت ووزير الخارجية في حكومته يائير لابيد قد سارعا لالتقاط إشارات جماعة حماس التي فهمها وتعامل معها قبلهما بنيامين نتنياهو ونجح في تكريس مضامينها في معادلة مرفوضة من حيث المبدأ لدى الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية الحية، لكنها اللعبة المطلوبة والمرغوبة جدا، والممكن الاستمرار بها إلى مرحلة بلا حدود.
كانت معادلة نتنياهو كالتالي: حقائب المال لحماس مقابل الهدوء عند السلك الشائك المكهرب والجدار الذي رفعه الاحتلال لحماية المستوطنات المجاورة لقطاع غزة، أما معادلة يائير لابيد فإنها لا تختلف في الجوهر عن معادلة نتنياهو إلا بالتسمية وببعض الوسائل والأدوات، فخطة يائير (ذات القرنين) مغلفة بمصطلحات مقبولة في الأوساط السياسية والشعبية الدولية على حد سواء إذ سمى القرن الأول بمرحلة "إعادة التأهيل الإنساني المتطورة"، فيما منح القرن الثاني (المرحلة الثانية) مسمى "الاقتصاد مقابل الأمن" لكنهما في الحقيقة مجموعة إغراءات، تقدمها حكومة منظومة الاحتلال بسخاء لحماس، ولحماس فقط، وبما يمكنها من تعزيز سلطتها الانفصالية على قطاع غزة عبر "إصلاح نظام الكهرباء، وتوصيل الغاز، ووضع خطة لتحلية المياه، وإدخال تحسينات كبيرة على نظام الرعاية الصحية وإعادة بناء البنية التحتية للإسكان والنقل. مقابل التزام حماس بهدوء طويل الأمد"!!. أما المرحلة الثانية فاعتبرها لابيد خطة كاملة للاقتصاد مقابل الأمن وهدوء طويل الأمد، حيث سيتغير اقتصاد غزة كلياً، وستبدو الحياة في غزة مختلفة تماماً "!!!!. حيث "ستسمح منظومته الاستعمارية باستقلال كامل للطاقة لقطاع غزة"!.
يظن يائير بإمكانية إعادة تأهيل مشروع (الدولة المؤقتة)، فبدا كأحمق يحاول ملء غربال بالماء، وجاهل بثوابت الشعب الفلسطيني، والبعيد عن حرارة موقف القيادة الفلسطينية وكأنه منقطع عن العالم في القطب الشمالي، فيائير المبتدئ يظن أن السلطة الوطنية ومصر العربية ستكونان أدوات منظومته لتطبيق مشروع أضغاث أحلامه!!. لاحظوا ما ورد في خطته "ستكون السلطة جزءاً من العملية كونها السلطة المسؤولة عن المعابر"!!! فيما "ستحتفظ مصر بالسيطرة على معبر رفح"!!.
أخطر ما في عبث لابيد المسمى (خطة) أنه يريد أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية بمثابة (سلطة انتداب) على قطاع غزة مكرسة بقرار من مجلس الأمن الدولي، حيث ورد في خطته حرفيا "إذا تم تصنيف المرحلة الأولى على أنها ناجحة، فيمكننا الانتقال إلى المرحلة الثانية التي ستصبح خلالها السلطة الفلسطينية هيئة تشغيل وإشراف مركزية، والتي سيتم تكريسها من خلال قرار من مجلس الأمن الدولي"!!!.
يحاول لابيد طمس الحقائق التاريخية والقائمة في القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وهي أن العالم يعترف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، ويعترف بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين، وأن للشعب الفلسطيني قيادة سياسية شرعية منتخبة تمثله لدى الشرعية الدولية، وسلطة وطنية، وحكومة ونظاما وقانونا يسريان على كل مناطق هذه الدولة، وأن قوة في هذا العالم لا يمكنها تشريع انقلاب (جماعة حماس) على الشعب والمنظمة والقانون الأساس والمشروع الوطني، أو تحويل الواقع المأساوي الراهن - الذي تتحمل مسؤوليته حكومات إسرائيل وحماس على حد سواء - إلى ما يشبه الاتحاد الفيدرالي ، فيائير لابيد – المراوغ الذي يحاول الرقص على حبلين مكذبا نفسه عندما يؤكد في كل مناسبة أنه مع حل الدولتين- لم يضَمِن خطته أية إشارة عن مفهومه للدولة الفلسطينية المستقلة، وإنما على العكس فقد قطع الشك باليقين حول سياسة ائتلافه مع بينيت عندما نصت خطته على أن "الحل المعروض هنا لا يتطرق إلى حل الدولتين، فالظروف السياسية في إسرائيل والسلطة الفلسطينية لا تسمح بإحراز تقدم دبلوماسي في الوقت الحالي، لكن في غزة يمكننا، ويجب علينا، أن نتحرك الآن".
mat