لماذا خسر حزب الإخوان المسلمين انتخابات المغرب؟
نشر بتاريخ: 2021-09-11 الساعة: 15:48
باسم برهوم
خسارة مدوية لحزب العدالة والتنمية المغربي، وهو جناح جماعة الإخوان المسلمين في ذلك البلد العربي الذي يقع في أقصى الطرف الغربي للوطن العربي، أن يفقد حزب أكثر من 93% من مقاعده، فهذا أكثر من عقاب، إنه رغبة شعب في إقصاء هذا التيار الإخواني من الحياة السياسية. في انتخابات عام 2016 حصل حزب العدالة على 125 مقعدا وانخفض تمثيله الى 12 مقعدا. ولكي نفهم انه إقصاء وليس مجرد عقاب، علينا أن نلاحظ أن حزب العدالة والتنمية حصل في الانتخابات السابقة، كما ذكرنا على 125 مقعدا، وأن الحزب الذي يليه حزب الاستقلال حصل على 46 مقعدا. فالسؤال هنا: لماذا سقط هذا الحزب الإخواني هذا السقوط الكبير؟
تأسس حزب العدالة والتنمية في عام 1967، ومن ذلك التاريخ وحتى عام 2011، عندما فاز للمرة الاولى في الانتخابات، كانت لهذا الحزب مسيرة متعثرة، ففي أحيان كثيرة ولأسباب عديدة كان يختفي نهائيا من الحياة السياسية ثم يعود فجأة. ولكن مع موجات ثورات الربيع العربي وجد هذا الحزب الإخواني أن بإمكانه التقاط اللحظة عبر شعارات براقة، التي ملأت في حينه شوارع الكثير من العواصم العربية، (مثل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد)، وبالفعل استطاع أن يخطف الانتخابات كما خطفت الجماعة وحركات الإسلام السياسي ثورات الربيع العربي.
لماذ يقصي الشعب المغربي اليوم حزب الإخوان بعد عقد من وجوده في الحكم؟
ما أجمع عليه المراقبون والمحللون في المغرب وخارجها، وما يحكيه الواقع، أن حزب العدالة والتنمية قد باع الناس وهما ولم يحقق شيئا من الشعارات التي تقدم خلالها للانتخابات، والأهم أنه أصبح أكثر انكشافا بعد دورتين في الحكم، من 2011 وحتى أول من أمس.
لقد اثبتت أحزاب الإخوان جميعها أنها غير قادرة على التخلص من فكرة، أو هدف خدمة الجماعة أولا، والتخلص من السعي للأخذ من الوطني والدولة الوطنية لصالح الجماعة محليا ودعم التنظيم الدولي للإخوان والذي هو صاحب القرار.
بالنسبة لأحزاب الإخوان فإن غاية الجماعة تبرر كل أشكال الوسائل وهي الغاية العليا، وكان هدفها السيطرة على المجتمع ومؤسساته وليس خدمته، أي خدمة هذه المؤسسات.
أما الشعرة التي قسمت ظهر حزب العدالة والتنمية الإخواني هو موافقته وتوقيعه على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، فانكشف وانكشفت معه الجماعة بأنها حركة منافقة متلونة مثل الحرباء، فقد كانت هذه الجماعة تظهر وكأنها أكبر المُعادين للتطبيع، وكانت تهاجم كل المطبعين، وعندما طبع جناحهم المغربي صمتوا صمت الحملان لأن في ذلك مصلحة لهم.
الشعب المغربي أقصى هذا الحزب لأنه لم يكن عادلا ولا مُنَمّيا ولم يحارب الفساد بل أصبح جزءا منه. وكان من الممكن أن يغمض الشعب المغربي الشقيق عينه عن ثغرات وخطايا حزب العدالة في إدارته للحكم، ولكن لا يمكن أن يقبل بحزب منافق وأفاق وكذاب.
ولعل الدليل هو زيارة اسماعيل هنية ومعه وفد من 12 قياديا من حماس للمغرب بدعوة من هذا الحزب الإخواني لم تستطع إنقاذ حزب العدالة، لأن هنية نفسه لم يتفوه بحرف حول التطبيع بل حاول تبريره، فظهر هدف الزيارة الذي ليس له علاقة لا بالقضية الفلسطينية ولا لمصالح الشعب المغربي وإنما الهدف مصلحة الجماعة في المغرب وفلسطين وتنظيمها الدولي.
إن الشعب المغربي الشقيق كان من المكن أن يغفر لحزب العدالة أخطاءه القاتلة في الحكم لو قرر الانسحاب من الحكم ويأخذ موقفا من التطبيع انسجاما مع ما تدعيه الجماعة خصوصا وهي تهاجم بشراسة تطبيع الإمارات والبحرين، ولكن وعندما ينخرط فرع من فروعها بالتطبيع تصمت الجماعة بل وتبرر له تطبيعه.. أليس هذا النفاق بعينه؟
لقد أعطى الشعب المغربي مهلة كافية لحزب الإخوان في الحكم (عشر سنوات) لكنه فشل في كل شيء، لذلك وجب إزاحته وجاءت إزاحة قاسية. ولعل إقصاء حزب العدالة والتنمية الإخواني في المغرب هو مؤشر لنهاية مرحلة في المنطقة، نهاية التجارب الأميركية في الإسلام السياسي لوأد ثورات الربيع العربي وتدمير الدول العربية الوطنية، ولكن الشعب المغربي أقصى الجماعة بأسلوب ديمقراطي وبأقل الخسائر وهذا إنجاز يحسب له.
أحزاب جماعة الإخوان فشلت جميعها في التأقلم مع الحكم في الدولة الوطنية، لأنها لم تستطع الخروج من تحت عباءة التنظيم الدولي للجماعة، وبقيت تعمل من أجل خدمة أهدافه ومده بالمال على حساب حياة وتنمية الشعوب في هذه الدول، هذه المعادلة لم تكن صدفة أو خيارا سياسيا، فهذه الجماعة ومهما صبغت نفسها بكل الألوان الوطنية، فهي وبجوهر تكوينها العقائدي ضد الدولة الوطنية، وضد الهويات الوطنية، لأن مشروعها يشمل إندونيسيا وماليزيا تماما، وعلى نفس القدر من تونس والمغرب وفلسطين والأردن ومصر.
تنظيم الإخوان الدولي الذي صمم لنفسه إسلاما خاصا، هو إسلام الجماعة وأغلق نفسه عليه، يعتقد أنه ولي أمر الأمة الإسلامية، لذلك عندما يحكم في المغرب أو تونس أو مصر هو يعمل لمصلحة ولي الأمر أي التنظيم الدولي، وجوده في الحكم له مهمة واحدة وهي تسخير هذا الوجود بما فيه من إمكانيات لمصلحة التنظيم الدولي.
والسؤال الآن:
- هل تختلف حماس باعتبارها الجناح الفلسطيني للتنظيم الدولي للجماعة أو تشذ عن هذه القاعدة؟ هذا ما يجب أن يلاحظه الشعب الفلسطيني كما لاحظ الشعب المغربي.
- هل ما تقوم به حماس بالفعل مقاومة لمصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية أم هو لمصلحتها ومصلحة التنظيم الدولي؟ الجواب واضح حتى الان ان ما تقوم به حماس هو لصالح التنظيم الدولي برغم ان شعار المقاومة شعار غريزي جذاب بالنسبة لشعبنا الفلسطيني والجماهير العربية، كما ان القضية الفلسطينية قضية عاطفية قابلة للاستخدام مليون مرة، ولكن هل هذا الاستخدام يصب لمصلحة شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية أم للطرف المستخدم؟ انها مسألة وعي والفلسطيني لا ينقصه الوعي.
mat