ألغام في درب حرية الأبطال الستة ..فاحذروها!
نشر بتاريخ: 2021-09-09 الساعة: 12:47
موفق مطر
لم يفروا، لم يهربوا، وإنما حرروا أنفسهم، مارسوا الحق في الحرية بكل ذكاء وشجاعة، وأخضعوا الاستسلام حتى ركع أمام هيبة الحياة.
كان الأسرى الستة محكومين بموت بطيء في معتقلات منظومة الاحتلال والاستعمار العنصري الصهيوني الإسرائيلي، لكنهم اليوم أحرار، تحكمهم إرادة إنسانية بلا حدود، فالحق بالحرية صنوان الحق بالحياة مقدس.
لا نسأل في هذه اللحظات عن تفاصيل، ولا عن كيفية كسرهم قيود السجان الإسرائيلي الظالم، وإنما عن أنفاسهم، وعما إذا يستطعمون رائحة أماني أمهاتهم وآبائهم وأبنائهم وأزواجهم وأحبابهم، فالوطن منذ فجر حريتهم الذي شدوه قبل موعده يبثون الطاقة الروحية في الجبال والوديان والسهول ووراء كل صخرة، وتصل دعواتهم السماء السابعة لأن تكون مظلة الأمان والسلام لستة أحرار، آمنوا بربهم وشعبهم، حتى يصلوا إلى بر الأمان.
لا نخشى على طهارة عبقرية المناضل في نخاع عظامهم، وإنما من ألسنة وأفواه تلوك بطولتهم ويمضغونها كاللبان للطقطقة ولفت الأنظار، وينامون ويستيقظون على وسادة الإشاعة، وكأنهم لا يدركون خبرة السجان الشاباك في رمي الشباك وزرع الشراك، ففي صميم التضخيم وتهيؤات أصحاب الألسنة المنفلتة، وردات الفعل اللامحسوبة، وابتداع روايات لا منطقية يكمن مخبر سري للشاباك وأجهزة أمن منظومة الاحتلال، ففي هذه اللحظات المصيرية لا ينفع إلا الهدوء والتأني والتفكير بصمت والعمل بسرية مطلقة، فقصة بطولة الأسرى الذين مارسوا حق الحرية على طريقتهم نريد الحياة نهاية لها...أما استغلال بطولة الأسرى لتخوين من أقسم على الإخلاص والوفاء لهم، فإنها أخطر بمئة ضعف من عدوان منظومة الاحتلال على الشعب الفلسطيني، فقائل الاشاعات المغرضة أو الناقل عما يحسبها مصادره، أو ناشرها أخطر من أركان جيش الاحتلال العنصري على الحاضنة الشعبية التي ستوفر الأمان للأحرار الستة.
مذهلة ورائعة ونوعية قصة انبعاثهم للحرية من جديد واختيارهم طرقا جديدة في الحياة، لكن هذا لم يبدد بعد خشيتنا عليهم من سيناريو خطير يراود زاوية الاحتمالات في رؤانا للأحداث، فلمنظومة الاحتلال تاريخ وسجلات حافلة بالغدر والتزوير، وتسويق الروايات قبل الانقضاض على هدفها!! فلنكن في ذروة الحذر واليقظة، ومن حقنا في خضم الثناء كالفيض استحضار الخشية عليهم كقارب إنقاذ في اللحظة المناسبة ربما، لذا فإننا نريد رؤيتهم في ذروة الأمل والأماني أحرارا إلى الأبد، أو أحياء مهما تعددت فصول الأحداث، وكيفما كانت تفاصيله، وبعدها سنكتب القصص والروايات الأدبية، ونبدع في مدارس الفنون تحت عنوان أن أرض فلسطين ما كانت إلا منبتا للأحرار.
لم يكن الأبطال الستة أول فصل في كتاب الحرية ولن يكونوا الأخير، فنحن كما يبدو قد دخلنا مرحلة تأريخ في موسوعة، فهنا ومنذ أكثر من مئة عام بطولات عظيمة تكفي كل واحدة منها لأن تكون منهجا في كيفية انتزاع الحرية، ففي مكتبة مدرستنا الفلسطينية الكفاحية - يا لفخرنا – كتب في كل سطر من كل صفحة جملة من البطولة.
حفر الأسرى الأرض بهدوء وكتمان وصمت، وخرجوا من بطن الحوت أحياء أحرار، وليس مطلوبا منا إلا حكمة مستلهمة من هدوئهم وقدراتهم الخارقة على الكتمان، فالجعجعة قد تتحول إلى ألغام نزرعها بأيدينا في دروبهم دون قصد، فبقدر ما نريد للأبطال الحرية فإننا نصلي ليكتب الله لهم الحياة.