منتصب القامة.. مرفوع الهامة
نشر بتاريخ: 2021-09-05 الساعة: 15:48
محمّد علي طه
لفت نظري صديقي الفاضل د.أسعد عبد الرّحمن مشكورًا أنّ الشّاعر محمود درويش مات في 9 آب وأنّ الشّاعر سميح القاسم مات في 19 آب كما أنّ الفنّان ناجي العلي مات في 29 آب.. وأنّ هذا الموت الثّلاثيّ يبدأ برقم 9 وهناك عشرة أيام بين التّسعة والتّسعة!!
ماذا أقول ورزنامتنا مملوءة بالأيّام السّوداء يا عزيزي أسعد!
ومعذرة من هذا الاستهلال الّذي يتزامن مع حالتنا.
يقلقني ويحزنني– مثل الغالبيّة العظمى من أبناء هذه الأقليّة المنغرسة في وطنها- وباء العنف الّذي أودى بثمانين ضحيّة في الأشهر الثّمانية الماضية– من بداية كانون الثّاني حتّى نهاية آب-وهذا معناه، بالمختصر المفيد، أنّ معدل قتلانا قتيل في كلّ ثلاثة أيّام، ويسرق النّوم من عينيّ انّ 45% من ضحايا حوادث الطّرق في إسرائيل من السّائقين العرب.
لا يمرّ يوم لا نسمع فيه في نشرة أخبار الصّباح عن إطلاق نار على رجل عربيّ أو امرأة عربيّة أو بيت عربيّ أو مؤسّسة في مدينة أو قرية عربيّة وطبعًا نسمع عن قتيل أو أكثر وعن جريح أو عدّة جرحى.
ويبدو أنّ مظاهراتنا واحتجاجاتنا وصراخنا واستنكارنا لم يردع المجرمين والقتلة وتجّار الأسلحة وشاريها، بل إنّ الأمور تفاقمت وتصاعدت الأعمال الاجراميّة.
هذا الواقع الرّماديّ دعا عددًا من الشّخصيّات العربيّة الى جلد الذّات وتحميل عاداتنا وتربيتنا لأولادنا وثقافتنا المسؤوليّة على الرّغم من أنّهم يعون بأنّ السّلطة الاسرائيليّة هي المسؤولة الوحيدة عمّا جرى ويجري، وبلغ الأمر برجل دين فاضل أن نعت مجتمعنا بالجاهليّة.
النّقد الذّاتي صحّيّ ويدلّ على الشّجاعة ونحن بحاجة دائمًا الى نقد ذاتيّ وشتّان بين النّقد الذّاتيّ وجلد الذّات وتبرئة المسؤول.
شعبنا طيّب وفيه الخير. نحن شعب يحبّ الحياة والورد والعلم. نحن شعب ليس عنيفًا ولا يرقص على الدّم. وأعتقد أنّ نسبة تجّار الأسلحة وجماعة السّوق السّوداء والخاوة والقتلة والمجرمين تتراوح بين واحد في المائة الى خمسة بالمائة من أبناء شعبنا فقط.
قرأت في 2 أيلول الجاري 2021 في صحيفة "ذي ماركر" العبريّة معلومات مهمّة عن أبناء شعبنا تدلّ على صورته الجميلة وتزرع الأمل والفرح في صدورنا، وممّا جاء فيها:
أوّلًا: نسبة الأطبّاء العرب الّذين حصلوا على رخصة الطّبّ في العام الجاري من الدّولة 47% بينما يشكّل الشّبّان والشّابّات العرب 21% من هذه الشّريحة.
ثانيًا: نسبة الأطبّاء العرب في البلاد 16% بينما كانت نسبتهم 7% في العام 1990.
ثالثًا: نسبة الصّيدلانيّين العرب تتراوح بين 45%-48% من مجموع الصّيدلانيّين في البلاد.
رابعًا: نسبة الممرّضات والممرّضين العرب 22% من مجموع العاملين في هذه المهنة في بلادنا.
خامسًا: نسبة الطّلّاب العرب في الجامعات الأجنبيّة 60% من مجموع الطّلاب مواطني إسرائيل.
سادسًا: نسبة الطّالبات العربيّات من بين الطّلاب العرب هي 52%.
وأضاف لي أخي وصديقي وتلميذي النّائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة أنّ 19% من طلّاب الجامعات والكليّات في البلاد عرب، و30% من طلاب الهايتك عرب كما عندنا 150 بروفيسورًا عربيًّا في الجامعات والكليّات بالبلاد ومنهم 20% بروفيسورة كما أنّ 500 طالبة دكتوراة في جامعات البلاد عربيّات.
هذه المعلومات تجعلنا نغنّي مع شاعرنا الكبير أبي وطن سميح القاسم، رحمه الله، "منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي".
ولا تنسوا أن تحاربوا العنف وأسبابه وأن ترفعوا رؤوسكم لأنّكم أبناء هذا الشّعب الطّيّب!