فلسطين ..ضلع المثلث ومركز الدائرة
نشر بتاريخ: 2021-09-05 الساعة: 09:30موفق مطر
تنقسم الأشكال الهندسية ذات البعدين إلى قسمين، الأول المضلع والآخر المنحني، ويعتبر المثلث نموذجا للأشكال الهندسية المضلعة من حيث عدد أضلاعها ، دون تحديد طول الضلع ، فيما تعتبر الدائرة نموذج الأشكال الهندسية المنحنية، التي هي عبارة عن نقاط متصلة ببعضها تشكل أقواسا متصلة أيضا ، بحيث تبعد كل نقطة منها بذات الطول عن نقطة محددة تسمى المركز.
شهدنا يوم الخميس الماضي في القاهرة ظهور هرم ثلاثي الأبعاد بثلاثة وجوه ، كان إضافة نوعية لفلسطين ، التي لابد أن تكون الضلع الثالث لأي التقاء ضلعين عربيين ، ليحظى العرب بشكل هندسي سياسي متين يبنى عليه ، ويمكن القول أيضا في هذا السياق أن أي شكل هندسي مضلع للسياسة الفلسطينية لابد له من ضلعين لرسم شكل هندسي ( مثلث متساوي الأضلاع ) لبناء مشروع سياسي متين .
شهدنا في القاهرة قمة ثلاثية الأضلاع والزوايا الإستراتيجية، فقد كانت فلسطين برئيسها محمود عباس ابو مازن، والمملكة الأردنية الهاشمية بملكها عبد الله الثاني، وجمهورية مصر العربية برئيسها عبد الفتاح السيسي ، وقبل تسليط الضوء على القمة من حيث الدوافع والأبعاد والتداعيات ، وجب القول أن قمة القاهرة - حسب بيانها الختامي – ستكون تشكيلا متينا ملهما لرسم دائرة الفعل السياسي العربي التي يعتزم الأشقاء في الجزائر رسمها، بعد تحديد مركزها وليس جديدا على الجزائر أن تكون ( فلسطين ) مركز القضايا العربية ، ومركز العمل العربي المشترك في السياسة والاقتصاد والدفاع ، وهو العمل على جعل القمة العربية المقبلة قمة فلسطين والدفاع عن القضية الفلسطينية، وإخراجها من دوامة الاشتباك العربي ، فما حصل في القاهرة ، وما سيحصل في الجزائر هو اقتناع الأشقاء العرب بان فلسطين ستبقى الضلع الرئيس والزاوية الأمتن لأي شكل هندسي في السياسة العربية، ونعتقد ونحن في كامل وعينا الوطني والقومي والإنساني ، أن حكمة وصبر وعقلانية ودهاء وقوة وصلابة الرئيس محمود عباس أبو مازن وتمسكه بثوابت الشعب الفلسطيني وتعبيره عنها بوجوه الاحترام لسيادة الدول الشقيقة ومصالحها، والعمل بذات الوقت على اقناع قادتها بأن الاستقرار والنمو والتقدم مرتبط بقيام دولة فلسطين الحرة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، والحل العادل للقضية الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية ، وان أية محاولة لتجاوز هذه الحقائق بالتطبيع مثلا، أو عبر إزاحة القضية الفلسطينية عن مركزيتها التاريخية، لن تحقق أهدافها، فمنظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الصهيوني العنصري لم تفلح باختراق وعي المواطن العربي، ولم تستطع تفريع العمق الاستراتيجي العربي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، رغم كل الأحداث الدموية والمؤلمة في البلاد العربية خلال العقد الماضي ، ولعل ما نص عليه البيان الختامي لقمة المثلث الفلسطيني المصري الاردني لدليل ، حيث ورد في أولا :" أكد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجلالة الملك عبد الله الثاني مركزية القضية الفلسطينية القضية العربية الأولى وعلى مواقف مصر والأردن الثابتة في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق وحقوقه العادلة والمشروعة، وفي مقدمها حقه في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية " فالموقف بالغ الأهمية والوضوح من دولتين عربيتين تعترفان (بإسرائيل) وتقيمان معها علاقات دبلوماسية.
إن مراجعة لبنود البيان الختامي للشكل الهندسي السياسي الثلاثي - المصاغ بعناية غير مسبوقة - ستبين لنا أبعاد وأهداف تنسيق التحركات والاتصالات في المستويين الإقليمي والدولي ، حيث تم التأكيد على حل الدولتين باعتباره السبيل والخيار الاستراتيجي الوحيد لتحقيق سلام شامل وعادل، وأن استئناف المفاوضات لإحياء عملية السلام سيكون وفقا لقرارات الشرعية الدولية وبرعاية الرباعية الدولية .
أما الاستيطان ومصادرة الأراضي ولتهجير المواطنين فاعتبرت إجراءات أحادية تقوض الجهود من اجل السلام وحل الدولتين، مع تأكيد الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية الوصاية الهاشمية التاريخية عليها في القدس.
لا الشعارات الجوفاء ، ولا السياسات الانفعالية سبلنا لإحداث المتغيرات لصالح الشعب الفلسطيني والانتصار لقضيته ، فوحدها السياسة النقية الواضحة ، ذات اللسان الواحد ، والوجه السياسي الثلاثي الأبعاد: الوطني والقومي والإنساني لقادر على تحقيق طموحات وآمال وأهداف الشعب الفلسطيني الذي كان ومازال مؤمنا بتبني الأشقاء العرب لقضيته، طغيان قضاياهم الداخلية .. وسينجح أي مثلث عربي إذا كانت فلسطين ضلعها الثالث ، وستنجح أي دائرة عربية مادات فلسطين مركزها .
m.a