الرئيسة/  مقالات وتحليلات

تكنلوجيا المعلومات و الاتصالات في الاتصال الداخلي

نشر بتاريخ: 2021-08-19 الساعة: 12:24


 

الكاتب:معروف الرفاعي

منذ الخليقة ، استطاع الانسان ان يجد وسائل مختلفة للاتصال مع المحيط به ، فاستخدم الصور و الرموز و الرسومات للتواصل مع الآخرين ، ثم اخترع الكتابة و القراءة و اللغة ، فاصبحت المحادثات و الحوارات هي الوسيلة الأكثر تعبيرا عن الشخص لايصال رسالته الى محيطه .

لكن الانسان استمر في البحث عن وسائل جديدة تسهل عليه عملية الاتصال و التواصل ، الى أن حدثت ثورة في هذا المجال تتمثل بالثورة التكنولوجية ، فانتشرت التقنيات القائمة على الحاسوب و ساهمت في تغيير عملية الاتصال بين البشر .

ولأن الاتصال بكافة انواعه و اشكاله يعتبر المحرك الاساسي في اي عملية تجارية او سياسية او اجتماعية ، اصبح احد الأدوات التي لا يمكن لأي مؤسسة الاستغناء عنه ، بل وتعول عليه لتحقيق اهدافها بجودة عالية ، و خلق صورة ذهنية مميزة عند جمهور تلك المنظمة ، مما حدى بعلماء الاتصال الى تطوير قسم العلاقات العامة داخل المنظمات الاهلية و الخاصة لمفهوم اوسع و أكبر ، فتبنت المنظمات الكبرى فكرة " الاتصال المؤسسي " وعدم الاعتماد فقط على العلاقات العامة و الاعلام .

كيف يمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ( ICT) تسهيل عملية الاتصال المؤسسي ؟

يُمكن تعريف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) على أنّها كافّة الآليات التقنيّة الحديثة المُستعملة في الاتصالات الخلوية واللاخلوية، ووسائل الإعلام، وتنظيم الكيانات الذكيّة، والسلوكات العلاجيّة السمعية والبصريّة، وإدارة الشبكات وتنظيم الرقابة عليها، ومع أنّه يتم الإشارة إلى تكنولوجيا الاتصالات بأنّها تحمل نفس معنى تكنولوجيا المعلومات (IT)، ولكن تظل تكنولوجيا الاتصالات ذات نطاق أكثر شمولاً واتّساعاً . ) "Information and Communications Technology (ICT)", http://www.techopedia.com, Retrieved 14-4-2019. Edited )

تعتبر عمليات الاتصال والتواصل التقليدية باهظة التكاليف ، ناهيك عن الوقت المستنزف لايصال رسالة بالبريد العادي او السفر من دولة لأخرى لحضور اجتماع معين او عقد صفقة تجارية ما ، بينما يتحمل المستهلك الذي يتواصل من خلال التقنيات الحديثة تكاليف أقل ، ومع التطور الهائل و المستمر لرفع كفاءة شبكات الاتصالات الا أن تكاليفها تظل اقل مقارنة بالكفاءة العالية وتفادي الأخطاء في إيصال الرسائل بالسرعة والدقّة المطلوبة عند استخدام الاتصالات القائمة على التكنولوجيا، عدا عن الرسائل المُستعجلة التي قد لا تحتمل التأجيل والانتظار، وهذا ما حقّقته تكنولوجيا الاتصالات.

عانى الكثيرون قبل الاعتماد على تكنلوجيا الاتصالات من أرشفة وحفظ المواد و الملفات و البيانات المهولة التي كانت تصل في بعض الاحيان الى الاف الاطنان من الورق و الكتب و الملفات ، مما حدى ببعض المؤسسات و المنظمات الى استخدام مخازن خاصة لحفظ هذه الوثائق و الكتب و الملفات ، في حين أن الرجوع لها وقت الحاجة يحتاج الى جيش من الموظفين للوصول الى الملف او الوثيقة المطلوبة ، بينما جعلت تكنلوجيا المعلومات والاتصالات مهمة توثيق و أرشفة البيانات عملية سهلة و بسيطة و لا تستغرق وقتا كبيرا ، و يمكن انهاء عمليات الحفظ و الارشفة في غضون دقائق معدودة عن طريق حفظها في مستندات و مجلدات خاصة ، و الرجوع لها عن طريق قواعد البيانات و البريد الالكتروني ، و بالتالي لم تعد عملية الارشفة تحتاج الى حيز كبير او جهد للرجوع اليها في المستقبل .

أضافت تكنلوجيا المعلومات ميزة اضافية لمستخدميها وهي انشاء المحادثات الصوتية و المرئية ، و اصبح مالكو هذه التقنيات يستطيعون التواصل من خلال وسائلها المتعددة و الكثيرة من التواصل مع بعضهم البعض بين كافة اقطار الكرة الارضية بتكلفة تكاد لا تذكر و بسرعة فائقة ، وأثبتت جائحة كورونا الأخيرة مدى الاعتمادية العالية على هذه الوسائل في التواصل بين البشر في ظل الحجر الصحي و منع السفر الذي ساد كافة بلدان العالم ، مما سهل ايصال المنتجات و السلع و تسويقها الكترونيا في الاسواق العالمية من خلال وسائل التواصل التكنلوجية في اي وقت عبر مواقع الشركات و المؤسسات الالكترونية ، وهذا شكل قفزة كبيرة في عملية التسويق و العرض لأوسع شريحة من المستهلكين في العالم .

ما المطلوب من المؤسسات حتى تستفيد من التكنلوجيا الاتصالية ؟

في المؤسسات الكبرى التي تسعى الى رضى اكبر شريحة من الجمهور والتي تعتبر الاتصال الخارجي من أهم مرتكزات عملها لبناء ثقة متبادلة مع جمهور المنظمة وتسويق منتجاتها لأوسع شريحة من المتعاملين ، توجد استراتيجيات عامة و خاصة لهذه المؤسسات تولي خلالها للاتصال المؤسسي ( الداخلي و الخارجي ) أهمية كبيرة جدا ، الى حد جعل رؤساء الشركات والمجموعات الكبرى يربطون وحدة الاتصال في المنظمة بهم شخصيا ضمن بناء الهيكل الاداري للمنظمة ، وهذا يجعل منه مطلعا مباشرا ومراقبا قريبا على عمل هذه الوحدة ، فنجد أن استراتيجية عمل وحدة الاتصال الداخلي تأخذ أهمية كبيرة عند عملية بناء خطة و استراتيجيات الشركة وترصد لها ميزانية خاصة لتحقق تلك الاستراتيجيات التي توضع بمهنية عالية من قبل كافة ادارات المنظمة ، و بالتالي فان مؤسساتنا المحلية الاهلية والعامة التي تحرص على بناء سمعة واسعة لها بين الجمهور ، وترغب في الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق المحلية ، عليها الاهتمام اولا بالخطط العامة لها ، و بناء خطة خاصة واضحة من خلالها ذات اهداف محددة لعملية الاتصال الخارجي و الداخلي و رصد الميزانية اللازمة لذلك .

البنية التحتية المناسبة لاستخدام وسائل الاتصال الحديثة في مقر و مكاتب المنظمة و فروعها يجعل من عملية تطوير وصيانة هذه الشبكات و الوسائل امرا اقل تكلفة و اكثر سهولة ، وهذا كله يعود بالنفع و الفائدة على الوحدة بشكل خاص مما يسهل من عملها و يجعلها على تواصل دائم بآخر ما توصلت له التكنلوجيا الحديثة التي تخدم اهداف الوحدة ، و بالتالي ستحقق المنظمة اهدافها الموضوعة و المرجوة من رفع نسبة المبيعات والعائدات بتكلفة اقل ، وهذا يدعونا الى البحث عن مقرات و مكاتب ذات تصميم هندسي حديث يسهل عملية بناء شبكة الاتصالات في المنظمة ، او الاستعانة بمهندسي شبكات متخصصين في حال انشاء بناء او مقر جديد خاص بالشركة او المؤسسة ، مما يؤمن للمقر بنية تحتية مناسبة لوسائل الاتصالات التي تحتاجها المنظمة دون الحاجة الى اعادة بناء شبكات جددية في المستقبل و دفع تكاليف اضافية عالية.


عند توافر الخطط و الاستراتيجيات المناسبة لعمل وحدة الاتصال الداخلي ، ومع وجود مبنى مناسب للشبكات و المعدات و الوسائل الحديثة للاتصالات ، تكون مهمة القائمين على المنظمة او المؤسسة هي توفير ما تحتاجه هذه الشبكة من حواسيب حديثة و تطبيقات مناسبة لعمل الوحدة و برامج تساعد العاملين فيها على انجاز المطلوب منهم بيسر و كفاءة عالية ، و هنا لابد من الاشارة الى ضرورة توفير خدمة الانترنت بسرعة عالية في التحميل و التنزيل لضرورات العمل ، و الحرص على استخدام نوعية ذات جودة عالية من الشبكات و الاسلاك و الراوترات و الموزعات و الخزائن الخاصة ببناء شبكة اتصالات يعتمد عليها ، مما سيساعد في تنفيذ العمل بسلاسة و يقلل من عمليات العطل و الصيانة في المستقبل .

هل توفر الامكانيات والوسائل التكنلوجية الحديثة يكفي لبناء وحدة اتصال داخلي ؟

كل مدير منظمة او مؤسسة طموح الى رؤية عمله التجاري او المؤسسي ينمو بسرعة و يسير في الطريق الصحيح بكفاءة وجودة عالية ، عليه أن يهتم جدا بتخصيص استثمارات جيدة ومناسبة له ومنها كفاءة العاملين في المنظمة و العمل على اكسابهم مزيدا من الخبرات والادوات ليصلوا الى اعلى و افضل اداء ممكن ، ومن هنا تبرز اهمية تدريب العاملين في المنظمة بشكل عام ، وموظفي وحدة الاتصال المؤسسي بشكل خاص .

التدريب الداخلي و المستمر للموظفين يعتبر أداة فعالة وجبارة تساهم في تطوير الادارات المختلفة في المؤسسة وتعزز من مهاراتهم و قدراتهم مما يسهل عليهم تنفيذ الخطط و الطموحات التي تسعى لها المنظمة ، حيث لا يمكن لأحد اغفال دور العاملين المهم و الاساسي في اي عمل تجاري او مؤسسي ، فهم وحدهم القادرين على تسخير كل امكانياتهم و طاقاتهم و حرفيتهم و خبراتهم للخروج بأفضل نتيجة تحقق مناخ عمل حيوي يؤدي الى انتاجية عالية .

إن التنسيق بين الادارات المختلفة في المنظمة لتعلم طرق وبرامج جديدة ، وتحقيق الانسجام والتكيف بين العاملين مع بعضهم البعض، وشرح دقيق لمهام كل مسؤول وموظف في المؤسسة ، ونشر صورة ذهنية مميزة عن الشركة على نطاق واسع وواضح للجميع هي بعض الأهداف اللازم تحقيقها عند إجراء تدريب داخل الشركة او المنظمة للعاملين.

و في النهاية علينا أن نتفق ، أن السنوات الاخيرة - خاصة ما قبل جائحة كورونا - شهدت نموا هائلا في التطور التكنلوجي ووسائل الاتصال أدى الى تغيير شامل وكامل في وظائف المؤسسات و الشركات وكيفية ادارتها للمنظمة ، وبالتالي شهد العالم نموا اقتصاديا غير مسبوق في مختلف المجالات ، نتيجة اجبار هذا التطور المؤسسات العاملة في العالم إلى اعادة بناء نفسها وتبني الاعمال الالكترونية في ظل هذه الثورة المهولة من المعلومات ، وبناء كادر بشري مؤهل ومميز ومتسلح بثقافة تكنلوجية ووعي معلوماتي ، استطاع نقل المؤسسة العامل بها من التقليدية الى الحداثة .

هذه النقلة النوعية في الادارة التي تعتمد على التكنلوجيا و الكادر البشري المعتمد على وسائل الاتصال الحديثة وضع تلك المؤسسات و المنظمات أمام تحد جديد متمثلا في الادارة الالكترونية ، و تقديم خدمة الكترونية ، والاتصال الالكتروني ، والموارد البشرية الالكترونية ، وهو مسعى كل مؤسسة تتطلع الى البقاء في ظل جو من المنافسة يتسم بالجنون و التطور و السرعة الهائلة و البقاء للأقوى و الأجدر والقادر على استغلال امكانياته احسن استغلال ، وتسخير تكنلوجيا المعلومات والاتصال كضرورة لا بد منها لتقديم افضل واسرع الخدمات بعيدا عن مجاراة ومسايرة التطور التكنلوجي .

المراجع

1) "Information and Communications Technology (ICT)", http://www.techopedia.com, Retrieved 14-4-2019. Edited

2) دليو، فضيل. (2003). اتصال المؤسسة. القاهرة، مصر: دار الفجر للنشر والتوزيع.

3) علم الدين، محمد. (2005). تكنلوجيا المعلومات والاتصال ومستقبل صناعة الصحافة. القاهرة، مصر: دار الرحاب

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024