الرئيسة/  مقالات وتحليلات

وعود حماس لغزة بالخلاص

نشر بتاريخ: 2021-08-03 الساعة: 17:32


فتحي البس

  
عندما سيطرت حماس على قطاع غزة في حزيران 2007، بما سمته "الحسم العسكري"، وعدت سكان القطاع بالأمن والازدهار بعد أن خلصتهم من سيطرة "سلطة رام الله" كما زعمت.

منذ ذلك التاريخ، وأحوال القطاع في تدهور مستمر، رغم الأموال الهائلة التي تدفقت على حماس من مصادر مختلفة، وتحمل حكومة رام الله حسب تسميتها مسؤولية الإنفاق على تسيير الحياة وتأمين الأساسيات لسكانه، حماس تقبض الضرائب وتجني أرباح تجارة الأنفاق، وحكومة رام الله تنفق، وإن اشتد الخطب على الناس، يجري تحميل المسؤولية عن ذلك لحكومة رام الله كما يطلقون عليها.

المهم، بعد حروب العدوان المتكررة على غزة، تبين أن حماس وسلطتها لم تنجز مشروعا تنمويا واحدا،  واشتد الكرب على أهل القطاع، وأيقنت حماس أن لا قدرة لها على الاستقلال بالحكم في غزة وتحتاج للمزيد من الوقت والمناورة لعلها تفلح، لذلك وبعد عدوان دولة الاحتلال عام 2014 الذي قاد مفاوضات وقفه وفد مشترك شكله محمود عباس، رئيس منظمة التحرير، وافقت حماس على تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة رامي الحمد الله، قال حينها إسماعيل هنية "إننا وإن خرجنا من الحكومة فنحن لم نخرج من الحكم)، اعتقد المراقبون آنذاك انه يوجه رسالة لأنصار حماس للموافقة على حكومة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، فتبين أن الخطة المضمرة عدم تمكين حكومة الوحدة الوطنية من الحكم، وظلت حماس هي الحاكم الفعلي وشكلت ما يسمى لجنة متابعة العمل الحكومي تقود مؤسسات الدولة في غزة، أي انها هي الحكومة الفعلية، فلم تتمكن الحكومة الشرعية من احراز تقدم على الأرض حيث لا سلطة لها.

بعد العدوان الأخير على غزة، ووقف النار المتزامن وبلا شروط، وتدخل مصر القوي، والحديث عن مفاوضات انهاء الانقسام برعايتها، ووعود السنوار في خطاباته ومؤتمراته المتلاحقة لسكان القطاع بتحقيق الازدهار، سرى التفاؤل إلى أن توقف الحديث تماما عن المصالحة، وانحصر خطاب حماس بالعمل على تهدئة طويلة الأمد، وفك الحصار، ودخول أموال قطر، ولا شيء يتحقق ويسود الصمت المطبق إلا من تصريحات فيها مطالبة إسرائيل والعالم بتحسين ظروف الحياة بتوسيع حدود الصيد في البحر وإدخال السلع والمواد، وتوجيهات من عصام الدعليس، الرئيس الجديد المعين من حماس للجنتها الحكومية، للأجهزة بتحسين الخدمات لسكان القطاع، وإعلان سلامة معروف، رئيس مكتب الاعلام في سلطة حماس بقطاع غزة، عن تغييرات في قيادات ما أسماه العمل الحكومي، وإعلانه من يومين عن" إنه يجري التنسيق لوفد حكومي (...!!) من حماس متنوع لزيارة القاهرة لمناقشة ملفات التبادل التجاري وإمكانية تطويرها في إطار البحث عن حلول تساهم في تحسين الحالة الاقتصادية والتجارية في غزة".

هذه وعود حماس لقطاع غزة بالخلاص: الانفصال التام والاستقلال بالقرار بعيدا عن منظمة التحرير والحكومة الفلسطينية المعترف بها من كل العالم، ومحاولة ان تكون البديل لمنظمة التحرير وحكومتها، ولا تتوقف للسؤال هل تقبل جمهورية مصر العربية بإجراء مفاوضات مع الوفد الذي يتحدث عنه سلام معروف حول ترتيبات حكومية وهي الدول العربية التي تتمسك بمنظمة التحرير وحكومتها ولا يمكن بحال أن تبحث ترتيبات بمثل هذه الخطورة وانعكاساتها السياسية مع وفد فصائلي يتمرد بالممارسة على السلطة التي تعترف بها؟

وعود حماس بالخلاص لأهل غزة قفزات بالهواء طالما ظلّت بعيدا عن الالتزام بالمشروع الوطني الفلسطيني الشامل.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024