الرئيسة/  تقارير

بيت أمر الانتفاضة

نشر بتاريخ: 2021-08-03 الساعة: 11:37

الخليل - مراسل وفا- "بيت أمر الانتفاضة" إنه الاسم الذي يليق ببلدة قدمت حتى اليوم أكثر من 70 شهيداً، في الطريق إلى الكرامة والتحرر منذ عام 1948 وحتى تموز 2021.

أعادت مشاهد إمطار آليات الاحتلال العسكرية بالحجارة وما تيسر من قطع حديدية وبلاستيكية وزجاج خلال اقتحامها بيت أمر يومي 29 و30 تموز الفائت، أعادت إلى الأذهان شدة المواجهات في البلدة خلال الانتفاضة الأولى كانون أول 1987، وبدايات الانتفاضة الثانية أيلول 2000.

ليس عادياً أن نجد خلال بحثنا عن تاريخ بيت أمر في مقارعة الاحتلال الاسرائيلي بأن البلدة قدمت (19) شهيداً خلال معارك النكبة عام 1948! على الرغم من أنها كانت قرية صغيرة في ذلك الوقت. لذا لا دهشة في أن البلدة الواقعة على بعد 10 كيلو متر شمال الخليل، 25 كيلو متر جنوب القدس، تقدم إلى اليوم الشهداء في امتداد لحالة نضالية تعيشها منذ 73 عاماً، ومن التجمعات السكنية النادرة التي تقدم منذ العام 2000 حتى العام الجاري 2021، شهيدا أو اثنين وثلاثة في العام الواحد، فخلال 16 عاما في الفترة ما بين (2000-2021) قدمت 33 شهيداً.

خرجت بيت أمر بكل ما فيها، لتقاوم... وهي المعتادة على "الحالة الوطنية العارمة" في أي ظرفٍ كانت البلاد، فتجدها تخرج في الانتفاضات، في الهبات، في المناسبات، وتخرج حتى لو وحيدة.

نهايات تموز 2021

جنود مدججون بعتاد يليق بحرب بين بلدين، لا اقتحام لبلدة صغيرة لا يملك أهلها غير الحجارة ليدافعوا بها عن أنفسهم، بلدة لا مهرب منها، ولا تملك أكثر من أجساد أولادها لتصرخ بكل قوتها "ارحلوا"، "لن نستسلم"..

بيت أمر تقاتل بجنازة شهدائها، تخرج المشيعون ليواروا جثة في القبر، لا أكثر، وإذ بالحجارة تتحرك، دافعة الجموع للغضب على جيبات الاحتلال وجنوده الذين يراقبون مشهد بلدة تخرج بكامل هيبتها لتودع طفلا أو شابا في مقتبل العمر، وإذ بالأمور تتحول إلى مواجهات عنيفة، تفضي في نهايتها إلى شهداء آخرين كانوا ضمن المشيعين منذ دقائق!

للمرة الثالثة لا تترك بيت أمر شهيدا ينام وحده في مقبرة البلدة، فتضيف إليه شهيداً أو شهيدين. ففي العام 1988 ودعت في نهار واحد ثلاثة من أبنائها وذلك في ال7 من شباط، وفي عام 2014 أيضاً ودعت ثلاثة من أبنائها في يوم 25 تموز.

استيقظت بيت أمر، التي لم تنم أصلاً ليلة 30 تموز 2021، على محاصرتها بأكثر من ثلاثين آلية عسكرية احتلالية، بينها جرافة كبيرة وسيارة رش المياه العادمة، استعدادا لقمع جنازة الشهيد شوكت الزعاقيق.

شوكت (20 عاما) كان قد استشهد مساء ال29 من تموز 2021، بعد اصابته بالرصاص الحي، خلال تشييع جثمان الشهيد محمد العلامي (11 عاما) الذي ارتقى مساء 28 تموز 2021، حيث قتله جنود الاحتلال خلال تواجده في مركبة والده مع أشقاءه الأطفال قرب مدخل البلدة.

والد الطفل علامي اكتشف استشهاد طفله بعد سيره مسافة كيلو متر واحد، حين ظن أنه ابتعد عن خطر اطلاق الرصاص الحي الذي باغته به جنود الاحتلال، وحين نادى على الأولاد وجدهم صامتين تماما، ورأس محمد مدلى على رقبة طفلته.

محمد الذي جاء إلى الحياة بعد انتظار سبع سنوات، سال دمه على ربطة خبز وحاجيات كان اشتراها مع والده ليتسلى بها مع أشقاءه.

بيت أمر في الانتفاضة الأولى

كانت بيت أمر من أوائل المناطق في الضفة المحتلة التي استخدم فيها الاحتلال الطائرات العمودية وراجمات الحجارة لتفريق الحشود والمواجهات العنيفة.

وبحسب كتاب ( بيت أمر الأصالة والحضارة) لمؤلفه محمد يوسف ابريغيث الصادر عام 1995 قدمت بيت أمر (10) من أبنائها شهداء خلال تلك الانتفاضة، وكانت فاتحة الشهداء فيها بانضمام ثلاثة شبان في يوم واحد إلى قوافل شهداء الانتفاضة، بتاريخ 7 شباط 1988.

سجلت بيت أمر خلال الانتفاضة 297 مواجهة، وذلك منذ العام 1988 وحتى العام 1994. واصابة 296 مواطنا، فيما اعتقل 785 من أبناء البلدة، واذ ما استثنينا الأطفال والنساء فإن نسبة الاعتقالات بلغت 38% من أبناء بيت امر التي بلغ عدد سكانها في تلك المرحلة تسعة آلاف نسمة.

أعنف ما تعرضت له بيت أمر في تاريخ مواجهتها مع المحتل كان بتاريخ 8 نيسان 1988، حين اقتحم اكثر من 150 جنديا اسرائيليا مدعمين بعشرات الجيبات والجرافات، التي قامت بتدمير 75 محلا تجاريا وهدم جميع الجدران الاستنادية داخل البلدة وعلى طول 3كم وست سيارات و8 تراكتورات زراعية، واستمر التدمير مدة ست ساعات.

كما شمل التدمير اقتلاع 12 عامود كهربائي و12 شرفة، واقتلاع 50 شجرة مثمرة..

كما هدمت 7 منازل بحجة مشاركة أبنائها في الانتفاضة ولأسباب امنية، 6 منها عام 1988 وواحد سنة 1989.

استولى الجيش على مدارس بيت أمر 82 يوما منها 70 متواصلة عام 1988.

قام سكان القرية في إحدى سنوات الانتفاضة بتوزيع "1965" صندوق برقوق على عشرة مخيمات، و"95" صندوق لمستشفى المقاصد و120 لمعتقلات الظاهرية والخليل.

بتاريخ 11 آذار 1988 وقعت مواجهات بعد صلاة الجمعة، وهاجم الشبان إحدى سيارات الاحتلال العسكرية بالقرب من مسجد البلدة، ولشدة المواجهات ترك الجنود مركبتهم واحتموا بالمسجد، وبدأوا عبر سماعات المساجد النداء على الشبان لتهدئة الامور بما يشبه نداء استغاثة. يومها قام الشبان بتحطيم الجيب بكل ما فيه، واصيب خلال تلك المواجهات 15 شاباً بالرصاص.

عام 1988 أطلقت الحكومة الأردنية اسم "بيت أمر" على أحد شوارع العاصمة عمان تقديرا لنضالات البلدة.

الزراعة والاستيطان في بيت أمر

تعتبر بيت أمر، التي يعيش فيها اليوم ما يقارب ال19 ألف نسمة، واحدة من أكثر بلدات الضفة بشكل عام ومحافظة الخليل بشكل خاص اهتماما بالزراعة، وتقديرا للتراب. وتبلغ مساحة البلدة 32 ألف دونم، وتشتهر بزراعة العنب والبرقوق.

رئيس بلدية بيت أمر، نصري صبارنة قال ل"وفا": لا يوجد بيت في بيت أمر لا يعتمد على الزراعة، حتى لو كان الشخص طبيب، لا بد له أن يعود للأرض وأن يعمل في الزراعة ويستفيد من منتوجاتها، لافتاً إلى أن الأهالي يقومون بشق الصخر لإيجاد مساحات زراعية.

وأضاف: 13 مستوطنة وتجمعا استيطانيا أخطرها الشارع الالتفافي المسمى بشارع "60"، وأبرزها: تجميع أفرات، مجدل عوز، عتصيون، بيت عين. ويصادر الاحتلال من أراضي البلدة ما يقارب ال7 آلاف دونم.

وتابع: يعمل الاحتلال الآن على إبعاد الشارع عن بيت أمر تجنبا للمواجهة مع البلدة، ولتوسيع استيطانه في المنطقة وتسهيل حركة المستوطنين.

"المواجهة في بيت أمر تحدث بمناسبة وبدون مناسبة، تقريبا طيلة أيام العام تظل بيت أمر "نقطة ساخنة" إضافة إلى مخيم العروب، والاحتلال يغلق جميع مداخل بيت أمر بسواتر ترابية فيما يبقي مدخلها الرئيسي الشرقي مفتوحا للتنقل مع وجود بوابة حديدية تتحكم في البلدة، يغلقها الاحتلال متى يشاء" يضيف صبارنة. 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024