الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أخذ القانون باليد يكلف الخليل الدم والمال

نشر بتاريخ: 2021-07-29 الساعة: 19:29


باسم برهوم
  
مرة أخرى هناك من قرر أن يأخذ القانون بيده في الخليل وكانت النتيجة مقتل شاب فلسطيني وحرق وتدمير عدة محال تجارية وسيارات، الأمر الذي استدعى ان يدعو محافظ المدينة اللواء جبرين البكري المواطنين الى الالتزام في بيوتهم خوفا على حياتهم من العنف الذي انفجر في الخليل بعد مقتل المواطن باسل الجعبري بسبب ثارات قديمة. السؤال في أي عصر نحن نعيش بحيث يجب على أكثر من 150 ألف مواطن فلسطيني أن يلتزموا البقاء في منازلهم لأن مجموعة قررت أن تأخذ القانون بيدها؟؟

قد نتفهم أننا شعب نعيش تحت احتلال غاصب عنصري وهذا أمر يشكل ضغطا نفسيا كبيرا، ولكن هذا الواقع بحد ذاته يجب أن يمنعنا من إراقة دمنا بأيدينا وأن نكون متحفزين وموحدين في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وليس مواجهة بعضنا البعض. لست مطلعا على الخلفيات البعيدة للحادث، ولكن مهما يكون الأمر لا يجب اللجوء للمحرم قانونيا ووطنيا، ان نلجأ من خارج القانون الى تصفية الحسابات  بيننا.

إن أكثر المسرورين للمشهد الذي سيطر على الخليل ليلة أمس الأول هم أولئك المستعمرون المغتصبون لوسط المدينة وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يذوق الأمرين من مواطني الخليل الأبطال. كم مرة شعر أبناء الشعب الفلسطيني بالفخر وهم يشاهدون صور من تحدي أهلنا بالخليل لجيش الاحتلال ببسالة وجرأة. مشهد لم يكن في مواصفات أهل الخليل الشجعان، الصامدين والمعروف عنهم انهم أذكياء وأهل نخوة وكرم. المشهد أضر بنا جميعا وكل ما كنا نعتقد أن هذه الممارسات لن تتكرر نصدم عندما نراها تتكرر.

من المسؤول عن تكرار مثل هذا الخروج عن القانون؟ هل هو الاحتلال؟ نعم الاحتلال هو سبب  معظم ما يحدث، انه يمنع عنا الحرية وأن نكون مستقلين أحرارا في بلادنا ويحرمنا من القدرة الحقيقية لبناء دولة ديمقراطية عصرية. الاحتلال هو سبب في معظم الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نعيش. كل ما سبق صحيح وأكثر ولكن ليس الاحتلال وحده السبب كما ليس من المقبول أن نعلق على شماعة الاحتلال كل مشاكلنا وكل سلوكياتنا الخاطئة. نحن من يتحمل مسؤولية مثل هذه الظواهر التي تأكد عدم ترسخ فكرة احترام سيادة القانون في مجتمعنا.

دور الحكومة هو الرئيس في كيفية فرض تطبيق القانون وبشكل عادل. وعملية فرض سيادة القانون ليست إجراءات إنما هي قرار حازم وحاسم.. هي ثقافة مجتمع تدخل في العملية التعليمية وفي الاعلام والممارسة الجادة والحازمة. والمبدأ الأهم في تكريس مبدأ احترام القانون أن لا أحد يمكن أن يكون فوق القانون وغير خاضع للمحاسبة. إن العملية هي سلوك دولة ومجتمع كيف نتعامل مع مبدأ احترام القانون.

كل ما سبق يرتبط بدوره وبشكل أساس في بناء دولة ديمقراطية ونظام سياسي يستند لمبدأ فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة. عندما تعمل هذه الماكنة بشكل صحيح نبدأ تدريجيا في التخلص من كل المظاهر السلبية في مجتمعنا، ونبدأ في بناء ثقافة وتقاليد حياة مختلفة ومع مثل هذا التطور تولد فكرة المواطنة ويظهر المواطن الوعي لحقوقه وواجباته وهما أساس الدولة الحديثة.

دون شك، الاحتلال الإسرائيلي هو مصدر الاختناق الذي نعيش فيه، ولكن ما الذي علينا نحن- المواطن والحكومة- فعله كي نحسن من حياتنا ونبني مجتمعا أفضل للأجيال القادمة؟؟

ليكن ما حدث في الخليل تحديا جديدا لنا؛ كي نبدأ بعمل ما هو صحيح.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024