الأسرى في زنازين ومحارق العنصرية الإسرائيلية
نشر بتاريخ: 2021-07-19 الساعة: 13:54
موفق مطر
حرية الأسرى قضية وطنية، لا يجوز لفصيل أو تنظيم أخذها كشأن خاص، كما لا يحق توظيفها للاستهلاك والتكسب السياسي، فحشد الجهود والخبرات الوطنية من أجل تحريرهم، سبيلنا القويم ورسالتنا الوطنية والإنسانية للأسرى ولشعبنا الذي يتطلع لرفع مصالحنا الوطنية العليا فوق كل اعتبار، فالعالم حينما يرانا بهذه الصورة تزداد قناعته بجدارتنا في الحياة كراما كشعب حر في دولة مستقلة ذات سيادة، فالحرية أثمن وأعظم هدف للمناضلين الأحرار ومكانتها مقدسة لأنها من روح الله.
نتطلع لمشهد تاريخي طاهر نقي من رذاذ كلام رغبوي مسيس، وتخريف وتنظير فضائي لن يحرر إنسانا ولا حتى شبرا من أرض.. فلا مكان بيننا للمحبطين والقاعدين الحكواتيين، وإنما لمن جعل قضية الأسرى أولوية ولبى نداء ضميره وشعر بمعاناتهم رغم القضبان الفولاذية والجدران الصماء الفاصلة.
نعرف كم تساوي لحظة حرية، والثمن الذي دفعناه ويجب أن ندفعه من أجل حرية الأسرى.. لذا علينا المضي بعزيمة مع الرئيس الإنسان أبو مازن، القائد الحكيم الشجاع الذي أقسم على الوفاء لقضايا الوطن على رأسها قضية حرية وحقوق الأسرى وذوي الشهداء حتى آخر نبض في حياته، متسلحين بمنهج سياسي وطني وخطة مدروسة محكمة تحقق الاختراقات المطلوبة وطنيا عربيا ودوليا وقانونيا وحقوقيا عالميا.. نستمد من صبرهم في معتقلات منظومة الاحتلال العنصري الاستعماري معززاتها ومتطلبات تطويرها، فحريتهم حق لا يقبل المساومة أبدا.
يجب أن نكون كلنا في ميدان مقاومة نوعية في هذا الوطن الأسير. فالأسرى يقاومون الاحتلال بالصمود والصبر والتعلم وبإضرابات جوع، ويقاوم الموظفون الحكوميون ابتزاز حكومة القراصنة في تل ابيب للقمة عيشهم ومستقبل أبنائهم، وسرقة أموال الضرائب الفلسطينية، وتقاوم القيادة الحصار المالي والسياسي والمؤامرات الدولية والإقليمية التي تفوح منها رائحة الموساد الإسرائيلي، ويقاوم المواطنون الاحتلال والاستيطان شعبيا وسلميا، ويمنعون تبديد رموز الثقافة الوطنية الفلسطينية الإنسانية والروحية. نقاوم لننتصر على حملاتهم المبرمجة لإكراهنا وإجبارنا على الكفر بالوطن.
يتطلب الانتصار للأسرى مقاومة قانونية حقوقية، فلسطينية، عربية، ودولية، ترتفع أركانها قواعد شعبية وطنية، يعمل بعضها بصمت، فيما يرفع الآخرون من جديد مبادئ التكافل والتضامن الاجتماعي مع ذوي الأسرى عمليا، بدءا من التكافل المادي وصولا للعاطفي المعنوي، أما الصوت الشعبي الجهوري فيجب ألا يغيب عن ساحات الوطن ومنتدياته، وفعاليات فصائل العمل الوطني والأحزاب فحيثما تتجمع الجماهير، يحضر الأمل والعمل لأجل حرية الأسرى فالقضايا لا تنتصر بجهود وأفكار النخب القيادية السياسية وحسب، بل بقوة تيارات الشعب المتتالية، فالمناسبات واللقاءات الجماهيرية المنظمة او العفوية (ما أكثرها) ما دامت تقام تحت رعاية وقداسة العلم الوطني الفلسطيني فإنها خير تعبير عن الوفاء للأسرى، فنحن بحاجة لإقناعهم أنهم معنا وأننا معهم، ليس بالبيانات والشعارات والتمنيات وحسب، بل بالتواصل معهم مباشرة، واستحضار أصواتهم، وقراءة رسائلهم، وتقدير وتكريم ذويهم، وتعريف الجمهور، وتشريفنا بمعرفة أبنائهم، وآبائهم، وأزواجهم، نشاركهم صبرهم وصمودهم بتضحيات مادية، حتى لو كانت بسيطة فإنها على عددها وقيمتها تصبح أعظم، أما بالنسبة للميسورين وأصحاب الدخل اللامحدود دور وطني عظيم، يأخذونه دون تردد المحبة والوفاء لمن ضحوا بحريتهم من أجل حريتنا.
الهبة الشعبية، وتوسيع قواعدها، ونظم فعالياتها، وتعزيز صفوفها، ومضاعفة الضغط على دولة الاحتلال، وإشعارها بحجم كلفة الاحتلال واستيطان، عامل رئيس بالتوازي مع ضغط المعركة الدبلوماسية والسياسية في ميدان المجتمع الدولي سيقصران عمر الاحتلال وعمر (زنازين محارقه) المسماة معتقلات.
سنكون أحرارا إذا حضر الأسرى معنا، في نبض قلوبنا، أفكارنا أعمالنا، نفكر بأبنائهم كلما جلسنا مع أبنائنا، وكلما خشعنا في صلواتنا وعبادتنا، فالأسير بطل، لم يفكر أو يعمل على امتلاك أسهم في بورصة ولا أرقام حسابات بنكية، ذلك أنه لم يحسب إلا حساب الحرية للوطن.
mat