الرئيسة/  مقالات وتحليلات

حنا عيسى .. قمر لا ينطفئ

نشر بتاريخ: 2021-07-13 الساعة: 15:39


موفق مطر  


 
 المناضل في دروب المعرفة الثقافة القانون الدولي  ، ذو الرأي السديد وذو القلم  ، ذو رؤية كنور الشمس اشعاعها تشرق من القدس وتغرب فيها بعد اطلالة على بقاع الأرض كلها تبعث الحياة في نفوس المناضلين من اجلها الحرية والسلام . قال لي قبل سنوات بعد انتهائنا من تسجيل حلقة من برنامج حكاية صورة لقناة عودة الفضائية عن المناضل المطران هيلاريون كبوجي :"  شرفتني بالحديث عن مناضل عربي كرس حياته الدنيوية والدينية من اجل حرية الأرض المقدسة فلسطين ، ومن اجل القدس ومقدساتها ، في هذه اللحظة رأيت دمعة منحبسة في عينه وكأنه في لحظة تقلد وسام ، إنه الدكتور حنا عيسى أمين عام الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، 
للأوطان أشكال ومضامين وأسماء وحدود في كتب العلوم  السياسية وأطالس الجغرافيا ، لكن أن يكون الوطن انسانا أو أن يكون الانسان وطنا  فهذه سمة المناضلين ،المخلصين ، الأوفياء ،المثقفين ، ولا نبالغ إذا قلنا أن الفلسطيني حنا عيسى قد منحه الوطن شرف النيابة . 
لا نودعك ، لا نشيعك ، لا نبكيك ،  فمثواك في قلوبنا ، فالكبار امثالك لا يموتون ، ومن عشق فلسطين حتى ولو مات فإنه سيحيا ، في ذاكرة ضاربة جذورها في عمق التاريخ ، ذاكرة تمنح الشعب الوفي اعجاز البقاء ، فالشعوب يا اخي لا تموت  ، ولا تنطفئ من سمائها الأقمار أبدا .  
المناضلون أمثالك أخي حنا  ترتفع قاماتهم وأسمائهم على جبل من الفكر والفعل والسلوك ، وعندما تحين لحظة ارتقاء الروح  وفناء الجسد يبقى الجبل ، أما أنت فهنيئا لك  ذروة جبل القدس ومقدساتها..فهنا وهناك سننتظر – ونحن في عهد على  الوفاء - صبحا قريبا ، ونترقب سماع اجراس كنيسة القيامة  لتقرع مبشرة بالنصر والسلام  ، كما نترقب سماع الآذان من المسجد الأقصى  أن حي على صلاة الحرية . 
كانت اخلاقك ، دماثة خلقك ، خفة روحك ودمك ، انعكاسا لثقتك بذاتك وبمعرفتك وعلومك ومكانتك ، وتعبيرا صادقا عن التزامك وانتمائك لوطنك فلسطين وعروبتك وعقيدتك الانسانية الشبيهة بفضاء السماء حيث لا حواجز ولا حدود ولا اسلاك شائكة ، ولا كتل أوهام ولا جدران فولاذية مصنوعة من  ادعاءات باطلة تفرق بين الاسان وأخيه الانسان ، فوطنيتنا الفلسطينية تمنحنا رؤيا الفلاسفة والحكماء  وطاقة الرسل والأنبياء للانتصار للمبدأ والفكرة ، فكيف وان الفكرة هي قدس  فلسطين بوابة الأرض الى السماء . 
سأقتبس يا اخي منطوق قلب أخيك الأكبر عباس زكي الذي فاض حزنا على رحيلك بعد تعبير عن فخره بالشراكة معك على درب فلسطين الحرية  فهو الذي وصفك " بالوسام على صدر الوطن " و " القامة الوطنية " و" القدوة الخلوق ذو الرؤية والقلم والعلم " أما قوله أنك " كنت من عناوين الأمل مزهوا بمكانتك النضالية  وسعة افقك  وانك اعطيت كل مالديك للوطن " فإننا يا أخي حنا نراك قد عشت فلسطينيا كما احببت أن تكون ، وفارقت دنيانا فلسطينيا كما نحب ان نفارقها مثلك ، نعطي وطننا كل ما لدينا . 
ستبقى خالدا في ذاكرتنا ، حتى وإن نسينا أو غفلنا فلعل الفرحة بعيد الفصح التي شاركتنا اياها في بيتك مع عائلتك الكريمة وتلاوتك للقرآن في مبتدأ كلمتك  بمناسبة إضاءة شجرة الميلاد المجيد في مدينة روابي تذكرنا ، أما كتبك التي الفتها ، ومحاضراتك ، ومداخلاتك الجريئة المرفوعة على ايمان بحق يجب ان يقال ، فإنها ستبقى نبراسا لمن أراد أن يعرف وجه حنا عيسى الفلسطيني وقلبه العربي وروح الانسان في عقيدته. 
 

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024