الرئيسة/  مقالات وتحليلات

27 عاما على التأسيس تطور في الأداء وانجازات مستمرة

نشر بتاريخ: 2021-07-04 الساعة: 13:11

الكاتب: العقيد لؤي ارزيقات

 

تحتفل الشرطة الفلسطينية في الأول من تموز من كل عام جنباً إلى جنب مع المواطن الفلسطيني بعيد الشرطة الذي يستذكر الجميع فيه القرار التاريخي الذي أصدره الرئيس الشهيد المؤسس ياسر عرفات بعد عودته لأرض الوطن .
ففي الأول من تموز عام 1994 صدر المرسوم الرئاسي من الشهيد أبو عمار والقاضي بتأسيس الهيئة النظامية المدنية الشرطية كأول كيان لجهاز شرطي فلسطيني ليمارس أعماله على أرض فلسطين بقرار فلسطيني ويبنى بالكفاءات والخبرات الفلسطينية ويتاح دخوله لكافة أبناء الشعب الفلسطيني من الضباط والإفراد الذين يرغبون بتقديم الخدمة لأبناء شعبهم ضمن منظومة شرطية عصرية .

وبالمتابعة لواقع الشرطة الفلسطينية فيمكن القول بأنها مرت بثلاث فترات تاريخية متتالية تمثلت الأولى في مرحلة التأسيس بعد عودة القوات الفلسطينية لأرض الوطن وعلى رأسها الشهيد ياسر عرفات بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وكانت هذه المرحلة تتطلب بناء جهاز الشرطة لإدارة الشؤون الأمنية وتوفير الأمن وحفظ النظام العام في الشارع الفلسطيني وكانت الخبرات في حينها بالعمل الشرطي والقانوني وآليات تطبيقه قليلة فتمت الاستعانة بالخبرات العربية والعالمية وتلقى الضباط والإفراد الدورات العامة والتخصصية في العديد من الدول لبناء جهاز الشرطة وإعداد وتدريب النواة الأساسية للجهاز وكان يديره اللواء غازي الجبالي كأول مدير عام وقائد ومؤسس لجهاز الشرطة .

ولكن الطموح كان يتجه بأن يكون العمل والإعداد فلسطينياً وكانت المساعي لإنشاء كلية للشرطة في فلسطين فتم تأسيس كلية عرفات للشرطة لتدريب ضباط وعناصر الشرطة في قطاع غزة وكلية فلسطين للعلوم الشرطية في أريحا لتدريب عناصر وضباط الشرطة في الضفة الغربية و أسستا بإمكانيات متواضعة، وظل العمل مستمرا إلى أن تم بناء كلية عسكرية بمواصفات دولية وأطلق عليها اسم كلية فلسطين للعلوم الشرطية وتولت عملية تدريب إفراد وضباط الشرطة من مرحلة التأسيس وصولاً للتخصصات المتقدمة وأصبح لها علاقات أمنية ودولية وتتبادل الخبرات مع الجامعات والكليات الأمنية في الوطن العربي والعالم .

ثم جاءت المرحلة الثانية التي مرت بها الشرطة وكانت المرحلة الأصعب في تاريخها وتمثلت في مرحلة التدمير المتعمد من قبل سلطات الاحتلال في انتفاضة الأقصى عندما قامت طائرات الاحتلال بقصف وتدمير متعمد لمعظم مديريات ومراكز الشرطة واقتحامها بعد إعادة احتلال محافظات الضفة الغربية واستشهاد واعتقال عدد كبير من ضباط وأفراد الشرطة وقد عملت سلطات الاحتلال في هذه الفترة على إنهاء عمل الشرطة بصورة متعمدة مما ساهم في الفوضى وانتشار الخارجين عن القانون والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم وأرواحهم وانتشار السلاح وتجارة والمخدرات وتجارها في كافة المحافظات .

مما استدعى قيام القيادة السياسية بإطلاع المجتمع الدولي على الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وضرورة الضغط على الاحتلال لإعادة عمل الشرطة وهذا ما تم وقد بدأت المرحلة الثانية في تاريخ الشرطة وهي مرحلة التطور.
وقد بدأت هذه المرحلة بعد انتهاء انتفاضة الأقصى والتي تعتبر المرحلة الثالثة وفيها بدا الإصلاح والتطور والتي قادها اللواء حازم عطالله منذ أن تولى قيادة الشرطة بتاريخ 25/3/2008 ، وأطلق عليها مرحلة القيادة الشابة والذي عمل بكل جهد لتطوير جهاز الشرطة وجاء طامحا وبخطة متطورة ورؤيا متفتحة تهدف لبناء جهاز شرطي عصري ليكون نواة شرطة الدولة الفلسطينية القادمة وبدعم القائد الأعلى لقوى الأمن الفلسطينية الرئيس محمود عباس .
وقد شهدت هذه المرحلة تطورا ملحوظاً في الأداء والخطط التطويرية والأساليب والتخصص في العمل وتولى الشباب الحقوقيين قيادة شرطة المحافظات والإدارات المتخصصة وكانت نقلة نوعية في العمل الشرطي ونقلة في جهاز الشرطة بشكل عام.

وفيها تم استحداث الإدارات والأقسام الجديدة وفق لاحتياجات العمل ومتطلبات وحاجة المجتمع الفلسطيني والتطور في مناحي الحياة وكان من أهم ما تم تأسيس ما خصص للاهتمام بالطفل والمرأة والأسرة الفلسطينية المتمثل بتأسيس إدارة حماية الأسرة والأحداث وتأسيس دائرة الجرائم الالكترونية والنوع الاجتماعي وتطوير إدارات مكافحة المخدرات والمباحث العامة وتقديم الدورات اللازمة لضباطها وأفرادها للتعرف على الأساليب الجرمية الحديثة وطرق تهريب المخدرات وآلية مكافحتها ورفع كفاءة عمل الشرطة الخاصة وإدارة الحراسات وتوفير الإمكانيات الحديثة اللازمة للعمل .


كما عمل على رفع كفاءة وحدة هندسة المتفجرات وإدارة السياحة والآثار والتي تهتم بتأمين وإرشاد السياح والحفاظ على الموروث الثقافي الفلسطيني وكذلك تطوير إدارة المرور وغيرها من الإدارات الأخرى.

وسعت الشرطة في هذه المرحلة وبتوجيهات اللواء حازم عطالله مديرها العام لتطوير نفسها و بالإمكانيات المتاحة ولمس المواطن هذا التطور والذي ساهم في تطبيق القانون سواسية على جميع المواطنين والعمل على تحقيق العدالة من خلال تأسيس دائرة المختبر الجنائي لفحص الأدلة الجنائية والمساهمة في إحقاق الحق ودائرة البصمات وافتتاح مراكز إصلاح وتأهيل جديدة بمواصفات حديثة وتوفير برامج التأهيل لتعليم النزلاء الحرف والصناعات وإعادة دمجهم في المجتمع .
ولم تتوقف الشرطة في مساعيها لتطوير وبناء هذه المؤسسة بمواصفات عصرية فعملت و أنجزت قانون الشرطة الفلسطينية وكان التطور الأبرز في مسيرتها وبعد جهد من قيادتها والقيادة السياسية هو الانضمام لمنظمه الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) مما ساهم في رفع مكانه فلسطين وشرطتها على المستوى الدولي والتعاون مع أعضاء المنظمة في تبادل الخبرات والمعدات ومكافحة الجريمة .

كما عملت على بناء مراكز شرطة جديدة في عدد من البلدات والقرى الفلسطينية لتقدم الخدمات الشرطية للمواطن من خلالها أو من خلال المراكز المتنقلة التي وفرتها في كافة المحافظات بهدف تلمس هموم المواطن ومنع الجريمة قبل وقوعها هذا ولم تغفل الشرطة عن الإعلام وعملت على تطويره بشكل كبير لما له من أهمية في إيصال الرسالة والتواصل مع المؤسسات الإعلامية لإيصال المعلومات بصوره انسيابية وبيسر وسهولة لذلك قرر اللواء حازم عطالله تعين ناطق إعلامي وتأسيس وحدة الإعلام للشرطة وقبلها وافق على تأسيس الموقع الكتروني للشرطة http://www.palpolice.ps وصفحات لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي ساهم في تطوير العلاقة مع الإعلام بشكل كبير .
وبعد 27 عاما من تأسيس الشرطة يحق لها أن تفتخر وتعتز بتعاون المواطن وثقته بجهازه الشرطي والذي يقف على نفس المسافة من كافة أبناء الشعب الفلسطيني ويقدم الخدمات للجميع دون تمييز وتعتز بالمواطن الذي يشارك جنبا إلى جنب مع الشرطة في الحد من الجريمة والكشف عنها متبنيا لثقافة قانونية بدأت تظهر وترسخ بالمجتمع الفلسطيني مما ساهم بتراجع الجريمة بنسبه وصلت إلى 19% في العام الماضي وأصبح المواطن اليوم لا يتردد في التواصل معها والإبلاغ عن مرتكبي الجريمة .

ورغم النقص الحاد في الكادر البشري والإمكانيات إلا أنها تقدم خدماتها الشرطية المتقدمة وتبذل قصار جهدها لخدمه أبناء شعبها .

كما أننا لا يمكن إغفال العنصر النسوي العامل في صفوف الشرطة والذي ارتفعت نسبة التحاقه لها وإن كانت قليلة والتي وصلت إلى نسبة 4.5% ورغم ذلك إلا أن بعضهن وصلن لمناصب قيادية متقدمة في الشرطة وتولي قيادة الشرطة اهتمام واضح بالعنصر النسوي .

وفي النهاية يمكن القول انه ورغم ما تحقق من انجازات إلا أن الطموح ما زال كبير ويحتاج لوقت وإمكانيات كبيرة لكن قيادتنا مصممة على الاستمرار في بناء جهاز الشرطة العصري ليكون جهاز الدولة الفلسطينية القادمة.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024