حماس بين الجد واللعب
نشر بتاريخ: 2021-06-18 الساعة: 13:48
باسم برهوم
قد نكون بحاجة للحظة صفاء ذهني وتركيز كبير كي نستطيع التمييز بين الجد عند حماس،واللعب، وبين الأهداف المعلنة لها، والأهداف الحقيقية، نحتاج إلى لحظة صفاء ذهن لأن حجم التضليل الإعلامي الموجه نحو الرأي العام الفلسطيني كبير جدا، من الصعب تخيل عدد وطبيعة الجهات والأدوات المستخدمة فيه، وهذا بحد ذاته موضوع بحاجة لمعالجة أوسع. الجد عند حماس هو السيطرة على القرار المتعلق بالقضية الفلسطينية، وتحقيق هذا الأمر لن يتم إلا بالسيطرة على الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ألا وهو منظمة التحرير الفلسطينية.
لم تكن حماس لمرة واحدة جادة بالدخول إلى المنظمة لتكون أحد مكوناتها، وشريكا بالقرار فيها، هي تريد أن تكون إما صاحبة القرار، أو لا تقترب من المنظمة. وفي سياق تحقيق هذا الهدف تأتي بكل الألاعيب، بما في ذلك الاشتباك مع إسرائيل، فهي تشتبك وتترك الماكينة الإعلامية الهائلة بقيادة قناة الجزيرة تصنع نصرا مبينا في وعي الجماهير، وعندما يكتمل مشهد النصر يبدأ جد حماس لا بقطف ثمار النصر من إسرائيل، بل على السلطة الوطنية، فهي المسلحة بكل ما تريد من تغطية إعلامية سخية جدا بالمال والوقت، لتستقوي على الداخل الفلسطيني، وتحاول فرض شروطها من أجل السيطرة على القرار الوطني الفلسطيني.
لحظة صفاء الذهن هنا ضرورية جدا لنفكر معا ما الذي حققته حماس بالفعل من أربعة اشتباكات مع إسرائيل منذ أن سيطرت على قطاع غزة بانقلاب عسكري دموي ..!!!
عام 2007, تماما مثل هذه الأيام، في الاشتباك الأول نهاية عام 2008 وبداية 2009, حصلت حماس على هدنة لم يكن فيها إنجاز واحد للشعب الفلسطيني، ولا حتى بما يتعلق بالصيد البحري أو المعابر. النتيجة ذاتها تكررت في اشتباك 2012 و 2014, في كلتا المعركتين لم تحصل حماس من إسرائيل اكثر مما كان أصلا لدى الشعب الفلسطيني..ولكن ما هو الشيء الجدي الذي حصلت عليه حماس؟حصلت حماس على إحكام سيطرتها على القطاع، وجعلت من إمكانية إنهاء الانقسام أمرا صعبا، واليوم بعد الاشتباك الأخير أصبح الانفصال شبه تام.
ما على الإنسان إلا أن يدقق بالنتائج النهائية وألا يعميه دخان التضليل الإعلامي، في النتائج النهائية اليوم ومن دون أن تتزحزح إسرائيل قيد أنملة عن سياساتها الاحتلالية..!!!
السؤال لماذا علينا أن ندقق بأهداف حماس من وراء السيطرة على القرار الفلسطيني ..؟؟
لأن الجد عند حماس هو مصلحة جماعة الإخوان المسلمين، هي وحلفها الإقليمي، هي تريد القرار كورقة مساومة، بالنسبة لإيران على سبيل المثال، ورقة مساومة مع الولايات المتحدة في الملف النووي. أما بالنسبة لقطر فهي تريد تعزيز دورها على غرار دورها مع طالبان في أفغانستان أن تكون هي مفتاح التسويات مع واشنطن، وهي بالمناسبة تدفع المليارات من أجل أن تقوم بهذا الدور، وهي عرابة العلاقة بين حماس والموساد، وعلى علاقة باللعب المشترك بين هذه الأطراف.
محصلة كل ألاعيب حماس أمر جدي وحيد، هو أن الواقع في قطاع غزة يتطور أكثر نحو الانفصال باتجاه كيان أو دويلة. بالمقابل هناك شيء يحتاج إلى صفاء ذهن أعمق وهو كيف يمكن أن نحبط هذا المخطط الرهيب؟.
لنكن واضحين وبصراحة لا نرى حتى الآن أي فعل ذي مغزى من القوى الوطنية الفلسطينية، كما وكأن الذي يجري قدر ومصير محتوم ...!! بالرغم من علم الجميع أن ما يجري هو تمرير لصفقة القرن بأدوات وأساليب أخرى، مع حجم من التضليل المخيف. على القوى الوطنية انتزاع المبادرة قبل فوات الأوان.
mat