حكومة بينيت - لابيد: ألغام نتنياهو وتحديات الصمود
نشر بتاريخ: 2021-06-16 الساعة: 15:24
أشرف العجرمي
نجح ائتلاف التغيير في الحصول على دعم البرلمان «الكنيست» لحكومة بنيت- لابيد بأغلبية 60 مقابل 59 صوتاً بعد امتناع سعيد الخرومي عضو القائمة العربية الموحدة عن التصويت بسبب الاحتجاج على مخطط هدم البيوت في النقب، وأصبح نفتالي بينيت رئيساً للحكومة حتى شهر آب من العام 2023، وبعدها سيخلفه رئيس الحكومة البديل يائير لابيد رئيس «هناك مستقبل» حتى الانتخابات في عام 2025 في حال صمدت الحكومة حتى نهاية ولاية «الكنيست» الحالية. وبدأت التكهنات المتعلقة بمستقبل بنيامين نتنياهو الذي اصبح زعيم المعارضة، وهناك من يتوقع أن هذه هي نهاية عهد نتنياهو كرئيس للحكومة ورئيس حتى لحزب «الليكود».
الحكومة الحالية هي بدون شك حكومة إشكالية بسبب تباعد المواقف والايديولوجيات لمركباتها المختلفة، فهي تضم وزراء من اليسار الصهيوني الفاقع وحتى اليمين الاستيطاني بالإضافة إلى قائمة فلسطينية تنتمي للحركة الإسلامية. وفي ظل هذه التركيبة العجيبة للحكومة من الصعب التنبؤ بمدى قدرتها على الصمود لفترة طويلة. وصمودها بحد ذاته تحد كبير لأطرافها. والكثير من المحللين والخبراء في إسرائيل يعتقدون أنها لن تنجح في الاستمرار لفترة طويلة بسبب الخلافات الكبيرة في صفوف مكوناتها. بينما البعض يقدر أنها ربما تصمد لسنتين حتى انتهاء ولاية نفتالي بينت الذي سيكون معنياً بالبقاء رئيس حكومة حتى عام 2023، ولهذا سيضطر لتقديم تنازلات ستمنع عدم انهيار الحكومة.
نتنياهو يراهن على قدرته في المعارضة على خلق تحديات للحكومة ستساهم في ضعضعتها حتى اسقاطها، بل هو ترك لها بعض الألغام التي ستسهم في خلق مشكلات وستضعها أمام اختبار الصمود منذ الأيام الأولى. وأول اختبار هو مسيرة الأعلام التي انطلقت أمس في القدس بعد مصادقة وزير الأمن الداخلي على قيامها وهو ما خلق ردود فعل انتقادية له ودعوات لإلغائها من قبل شركائه في الائتلاف الحكومي وخاصة حركة «ميرتس» و»القائمة العربية الموحدة» الذين دعوا لإلغاء المسيرة. ويبدو أن الأمر الذي يقف خلف السماح بالمسيرة هو محاولة اثبات أن الحكومة ليست أقل «وطنية» من سابقتها، وثانياً أن الحكومة تريد أن توضح لحركة «حماس» أنها لن تخضع لما تقول أنه معادلة ما بعد الحرب الأخيرة مع غزة. وحتى كتابة هذا المقال ليس واضحاً من الذي ستؤول إليه الأمور بخصوص المسيرة في ظل تهديدات الفصائل في غزة بالرد وخاصة حركة «الجهاد الإسلامي»، مع وجود تقديرات بأن «حماس» ليست معنية بإطلاق صواريخ في هذه المرحلة. وفي ظل الاستنفار الشعبي في القدس واحتمال حصول مواجهات شعبية في مناطق عديدة في القدس والضفة وربما في الداخل.
اللغم الثاني الذي تركه نتنياهو لحكومة بينيت – لابيد هو إخلاء البؤرة الاستيطانية «افيتار» المقامة على جبل صبيح في بلدة بيتا قضاء نابلس، حيث أجل نتنياهو اخلاءها إلى ما بعد تشكيل الحكومة، وهذا أحد أهم التحديات لبينيت حزبه «يمينا» وجدعون ساعر رئيس «أمل جديد» وهما يؤيدان الاستيطان وحتى ضم المستوطنات إلى إسرائيل، بينما غالبية الشركاء يعارضون ذلك، فكيف ستتصرف الحكومة وهل ستنجح في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف؟. وهناك لغم إضافي يتعلق بهدم البيوت في النقب وهي بيوت البدو التي بنيت بدون ترخيص، وهنا ستكون هذه معضلة للقائمة «العربية الموحدة»، هل ستسمح وتتعايش مع قرار من المفروض أن يبدأ تنفيذه اليوم؟
وعدا عن هذه الألغام هناك الوضع مع قطاع غزة وإعادة الإعمار وتبادل الأسرى والسياسة تجاه «حماس» والوضع الفلسطيني عموماً حتى وإن لم يتضمن برنامج الحكومة أي شيء يتعلق بالعلاقة مع الفلسطينيين سوى السعي إلى منعهم من «السيطرة على مناطق (ج)»، وتعزيز الاستيطان كما ورد في خطاب رئيس الحكومة بينيت. وهناك إشكالية العلاقة مع الولايات المتحدة وخاصة بعد التخريب الذي قام به نتنياهو تجاه الحزب الديمقراطي وإدارة الرئيس جو بايدن. فترميم العلاقة يحتاج إلى مرونة سياسية وإلى عدم استفزاز واشنطن في القيام بخطوات أحادية الجانب سواء بالبناء الاستيطاني أو الاستفزازات في القدس مثل زيارات المتطرفين وإخلاء المواطنين في أحياء «الشيخ جراح» و»بطن الهوا».
وهناك تحد كبير خاص بالحكومة وهو إقرار قانون موازنة لمدة عامين حسب الاتفاقات الائتلافية. ومن المعلوم أن الحكومة السابقة سقطت أساساً بسبب عدم اقرار قانون موازنة. وحسب القانون من المفروض أن تقر موازنة خلال ثلاثة شهور، والآن يريدون تغيير القانون الأساسي بزيادة المدة لستة شهور وفي حال عدم المصادقة على الموازنة سيتحول لابيد لرئيس حكومة انتقالية حتى الانتخابات.
غير أن نتنياهو في المقابل يواجه خطر سن قانون جديد يحدد ولاية رئيس الحكومة بأربع سنوات تليها أربع سنوات أخرى فقط ثم يكون بحاجة إلى فترة انتظار «تبريد» لمدة أربع سنوات. وفي حال سن هذا القانون بعد الاتفاق على صيغته النهائية فهذا يعني أنه من مصلحة نتنياهو أن تصمد الحكومة حتى نهاية ولايتها. كما أنه يعني من الناحية الأخرى اندلاع حرب في «الليكود» على استبداله خاصة وأن الحزب يتزعم المعارضة ويسعى لإسقاط الحكومة. وعملياً بدأ عدد من قادة «الليكود» يجهزون أنفسهم للانتخابات التمهيدية للتنافس على زعامة «الليكود».