أسئلة تحتاج إلى إجابات
نشر بتاريخ: 2021-05-30 الساعة: 19:14
باسم برهوم
بعد أن هز الشعب الفلسطيني بانتفاضته الشاملة ضمير العالم هناك أسئلة للنخب الفلسطينية، واخرى لإسرائيل وللدول العربية والعالم بدون هذه الإجابات سيتحول كل ما حدث إلى جولة من جولات التصعيد، تقطف اطراف محددة ثمارها المباشرة، وتذهب تأثيراتها أدراج الرياح على صعيد القضية الفلسطينية. كما لا نريد أن نبقى أسرى مقولة احد الجنرالات الانجليز، " إذا أردت إحباط ثورة للعرب اعطهم نصرا وهميا "، لكن ما جرى لا يمكن حسره بأنه انتصار او هزيمة عسكرية، انه صحوة فلسطينية شاملة في كل مناطق تواجد الشعب الفلسطيني وتحول هذه الصحوة إلى فعل جماعي وهو أمر يحدث للمرة الاولى بهذا الزخم والإنتشار.
هناك حاجة ملحة لإيجاد حالة وطنية فلسطينية موحدة تعكس وحدة الشعب الفلسطيني التي تجسدت على الارض بقوة. وتكون قادرة على استثمار هذا الزخم وإعطائه القدرة على الإستمرار بموازاة الفعل السياسي لقيادة الشعب الفلسطيني. لم نلمس حتى الان أن الانقسام قد انتهى، بل العكس من ذلك فهو قد تعمق، وتعمق معه المشهد بأن للشعب الفلسطيني مركزين للقرار.
من هنا،فإن سؤال كيف يمكن إستثمار ما جرى سياسيا يتطلب قبله الاجابة كيف يمكن انهاء الانقسام وان يكون للشعب الفلسطيني مركز قرار واحد، العالم ينتظر منا الاجابة على هذا السؤال. ثم هناك تقدير دولي بأن حل الدولتين،وبالرغم انه قد أصبح هشا بسب سياسات التهويد والاستيطان الإسرائيلية. إلا أنه الحل الوحيد المطروح والقابل للتنفيذ. السؤال هنا هل لا نزال نحن نتمسك بهذا الحل، وإذا كانت الإجابة سلبية فما هو البديل؟
هل البديل هو النضال ضد نظام الفصل العنصري في إسرائيل والحقوق المتساوية. ام الدمج بين حل الدولتين وانهاء النظام العنصري بما يتعلق بجماهير الشعب الفلسطيني داخل مناطق 1948 مع التأكيد على حق العودة؟ المقصود بكل هذه الأسئلة هو الاتفاق وطنيا على إستراتيجية موحدة يجمع على تحقيقها الكل الفلسطيني، والا سنبقى نراوح في دائرة الهبات السياسية العاطفية. التي تتلاشى مفاعيلها بسرعة. وهناك أسئلة تفصيلية. هو الأسلوب الأفضل لانهاء الانقسام، هل الانتخابات هي المدخل ام الانتخابات نتيجة لانهاء الانقسام عبر دخول الجميع لمنظمة التحرير الفلسطينية والعمل من خلالها.
اما الأسئلة الموجهة للعرب. ألم تسقط فكرة التطبيع قبل انهاء الاحتلال؟ ألم يحن الوقت للعودة لانهاء سياسة المحاور التي اضرت بمصالح الأمة وخاصة بالقضية الفلسطينية قضية العرب الأولى والعودة إلى لغة التضامن؟ ثم ألم يحن الوقت لوقف كل أشكال التدخل السلبي في الساحة الفلسطينية ومحاولات تعميق الانقسامات والتنافس على حصص من ورقة القضية الفلسطينية بهدف تعزيز دور هذه الدولة او تلك في المنطقة؟ ألم يحن الوقت لانهاء خلافاتنا مع الدول الإقليمية إيران وتركيا وإيجاد صيغة للتعاون بدل التناحر معها؟ بالمقابل السؤال لإيران وتركيا ألا يمكن إيجاد صيغة لبناء تعاون إقليمي بدل محاولات التمدد داخل الجسم العربي وخلق التوترات التي لا تستفيد منها سوى إسرائيل؟
ان الإجابة على سؤال من هو العدو الرئيسي للجميع تضع الجميع على اول الطريق لصيانة علاقات تعاون بدل التنافس والتناحر بين الدول العربية والاقليم. الجميع يريد شرق أوسط ينعم بالأمن والسلام والازدهار ولكن ليس على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
اما بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فإن هناك إدراكا ان إدارة الرئيس بايدن تختلف عن إدارة ترامب، وكانت هذه الإدارة قد أرسلت رسائل بهذا المعنى للقيادة الفلسطينية حتى إبان الحملة الانتخابية. فقد اجتمع أنتوني بلينكن مرتين او ثلاث مرات مع قيادات الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأميركية خلال الحملة الانتخابية وابلغهم بتوجيهات بايدن المختلفة. كما ان مركز الأمن القومي الأميركي الجديد المقرب من الحزب الديمقراطي قد أصدر في 16 كانون الاول / ديسمبر الماضي تقريرا قدم فيه الخطوط العريضة لسياسة إدارة بايدن من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولكن تركيز الإدارة على مكافحة جائحة الكورونا قد أجل الإفصاح عنها الا ان جاءت التطورات الاخيرة لنفرض ذلك.
بالنسبة للشعب الفلسطيني لا تمثل العودة للسياسة الأميركية التقليدية حلا. فالسؤال هل سيبقى دور واشنطن هو دور اطفائي للحرائق وانقاذ اسرائيل من ورطتها؟ هل ستكتفي واشنطن بالاقوال لا بالأفعال حيال حل الدولتين؟
كل هذه الأسئلة هي محاولة للدفع من اجل وضع رؤية وطنية يتفق عليها الجميع، لنمضي في طريق المشروع الوطني التحرري من اجل تحقيق كامل اهدافه العادلة.