الرئيسة/  مقالات وتحليلات

" الله يقويك ياحاج " .. هذا الوسام الذهبي يا قادة

نشر بتاريخ: 2021-05-20 الساعة: 08:53

موفق مطر  

لم اقصد تشجيعهم ، لأنهم يمتلكون قدرة لإمداد الأمة العربية كلها بالشجاعة والجرأة ، ولم اتقصد سرقة دورهم القيادي ، فهم يصنعون بسواعدهم وعرقهم وجراحهم ودمائهم  لحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية ، فالميدان لا يحتمل   تنظيرات جوفاء ، لذا آثرت الصمت وعدم التعريف بنفسي ، أو حتى باسمي ، لأنه باي حال من الأحوال لن يكون اهم من اسم جريح او شهيد منهم ، او ذاك الشديد الذي يلاحق جنود الاحتلال المدججين بالسلاح الى اعلى التلة  بدون سترة واقية من الرصاص ، أو بندقية ، وإنما ( بشباح ) رقيق وبضع حجارة يحصرها ويعصرها في قبضته حتى تكاد ترتوي من عروقه فتنبت وتكبر فتصير جبلا .. نعم هذا ما رأيت للمرة الألف على ارض وطني فلسطين ، فاستعدت شريط  ذاكرة غنية من غزة طوله بمدى ثلاثة عشر عاما لا تقل صور المعاناة والآلام والدمار والدماء وارتقاء الأرواح عما نعيشه في هذه اللحظات ، فنحن لسنا بعيدون عن غزة وإنما نحن وكل فلسطيني هناك في قلب الوطن  .  

التواجد مع شباب فلسطين خلال لحظات رسمهم وخطهم كتاب انتماء وطني بلغة وصور فلسطينية حديثة ،  يجدد آمالنا وتفاؤلنا  كمناضلين ويعمق ثقتنا وقناعتنا بمنهجنا الوطني الذي اعتمدناه في اطارنا التنظيمي ، فالشباب  وأؤكد مرة ثانية على  كلمة (  الجنسين ) اناثا وذكورا قد برهنوا عمليا خلال الأيام الماضية على صواب مبادئ وأدبيات حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في موضوع  الصراع الطويل الأمد مع المشروع الصهيوني  الاستعماري العنصري ، وفي موضوع تجديد دماء الحركة بالقدرات والطاقات الشابة ومنحها كل اسباب النجاح لتولي مهام قيادية ليس على مستوى التنظيم وحسب ، بل على مستوى الميادين الوطنية بكل مسمياتها ومساراتها . 

نقولها الان بكل حرص على ردم هوة بين قيادات العمل الوطني والشباب ، بدون تحديد ألوانهم السياسية ، انتبهت الى محاولة البعض استغلالها  للتشكيك ، وتحقيق اهداف فئوية لا يستفيد منها إلا الغزاة المحتلون ، وأعتقد أن كثيرا من هؤلاء الشباب  لا يعرفون حتى وجوه قيادات في الصف الأول ، لكنهم – كما استخلصت – معنيون برؤية مناضل صاحب تجربة – فشبابنا كما بدا لنا متقدمون بعلم الفِراسة  والذي يعني ( مهارة التعرّف على بواطن الأمور من ملاحظة ظواهرها والحكم على شخص الإنسان من ملامح وجهه ) ورغم معرفتهم بوجوه وأسماء قيادات وطنية تحضر وتشارك وتصاب في مثل هذه الميادين  ، إلا أنهم يعتقدون أن  قيادات العمل الوطني الفلسطيني بدون استثناء يجب ان تكون معهم في الميادين وتحديدا في مثل هذه المناسبات ، فهذا يقوي عزيمتهم  ويمنحهم قناعة بأن المناضلين الوائل الذين صنعوا لحظات فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني  لم يستكينوا ، ولم يشيخو ، ولم تأخذهم عن قضايا الوطن اية قضية ذاتية أو شخصية ، فشبابنا يتطلعون لرؤية المناضلين القادة من كل درجات الهرم  التنظيمي  السياسي والثقافي الاجتماعي  الفلسطيني  وبدون استثناء في الميدان من الصبح حتى المساء .. فقد يحظى الواحد منهم بتحية مثل  " الله يقويك ياحاج "  و :" نحن فخورون بك يا حاج " التي نعتقد أنها اوسمة ذهبية ننالها من جيل ناضلنا من اجل رؤية ايمانه وانتمائه الوطني ، والأهم اننا سنكون مطمئنين ونحن نسلمهم الراية ليمضوا ، اما اجابتي لهم فكانت:"  الله يقويكم يا شباب  فانتم جيل التحرير والنصر ، ونحن الفخورون بكم ومنكم نستمد ثقة جديدة بأننا مازلنا على درب مبادئنا وأهدافنا الوطنية" .  

العبارة بين المزدوجين في عنوان المقال قالها لي مئات الشباب من الجنسين في الأيام الماضية  اثناء مواجهاتهم مع جنود جيش منظومة الاحتلال الاسرائيلي عند الحاجز العسكري المتقدم لموقع قيادة الاحتلال المسمى (بيت ايل )  المنشأ على مدخل مدينة البيرة الشمالي اثر مسيرات ومظاهرات وفعاليات شعبية انطلقت اسنادا  عمليا لجماهير الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية والطبيعية  وفي مقدمتها القدس وغزة ، معظمهم  لا يعرفونني شخصيا ، وليس لديهم معلومات سابقة عن موقعي التنظيمي كعضو في المجلس الوطني الفلسطيني ، وعضو في المجلس الثوري لحركة فتح ، أو حتى طبيعة مهنتي – صحفي – التي اتخذتها وسيلة للنضال ، فقد تفاعل الشباب معي بحكم عمري - 67 عاما- كأب أو جد ، لم يهتموا لاسمي ومكانتي السياسية ،  شاركتهم ببوستر صممته خصيصا بعنوان القدس بشرتنا بميلاد الحرية ، 18 ايار  الانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية ، فكانت بالنسبة لهم رؤية سياسية وطنية جديدة غير مستهلكة ، حضرت معهم وفي المقدمة  تحت وابل قذائف الغاز الخانق ، والرصاص المعدني والمطاطي والحي أيضا ، اختنقت بالغاز لكنني بعد ساعة عدت للميدان اقوى ، أما حرصهم بقولهم " خليك هون يا حج ما تخاطر " فهذا يعني انهم يريدوننا معهم ونقطة آخر السطر . 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024