الرئيسة/  مقالات وتحليلات

"الشيخ جراح" رمز التصدي لسياسة التطهير العرقي

نشر بتاريخ: 2021-05-09 الساعة: 13:35


بقلم: د. دانييلا القرعان

 

المقدسيون لا يعوّلون على أية سلطة أو هيئة دولية لإنقاذ حي الشيخ جراح من سطو المستوطنين على منازلهم، بل يعولون على أنفسهم، وعلى الأهل في عموم فلسطين التاريخية، وعلى الإسناد الشعبي والدور الميداني لكوادر المقاومة في إفشال مخطط التهجير والتطهير العرقي.

أثبت المقدسيون أنهم ليسوا بحاجة لمن يقترح عليهم سبل الحفاظ على عروبة القدس وهويتها، وبرهنوا على أنهم الأقدر على رسم خطوط المواجهة مع الاحتلال، من واقع الخبرة التي اكتسبوها على مدى 54 عاماً، فهم من فجر انتفاضة الأقصى عام 2000، وهم من أشعلوا هبة النفق عام 1996، وهم من ساهموا بجدارة في هبة 2015، وهم من أشعلوا انتفاضة 2017 لإسقاط البوابات الالكترونية، وهم من أفشلوا في هبتهم الشعبية مشروع العدو في باب الرحمة.

وهم اليوم في انتفاضتهم العارمة، لا يحصرون حراكهم الانتفاضي في باب العامود والمسجد الأقصى، بل ينقلون جزءاً منه إلى مواقع مقدسية أخرى تتعرض لخطر الإجلاء والتهويد، إذ أنه منذ الثاني من شهر مايو (أيار) الجاري، توجهت جموع المنتفضين لنجدة أهالي الشيخ جراح، وللتصدي لمشروع الاحتلال القاضي بطرد 500 عائلة مقدسية من الحي لصالح إسكان المستوطنين فيها، إدراكاً منهم أن كل شبر في فلسطين هو أقصى، وكل شبر في فلسطين هو كنيسة قيامة.

إن محاولة حكومة الاحتلال طرد السكان الفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح هي جزء من مخطط التطهير العرقي، والتطبيق الفعلي لمنظومة "الأبرتهايد" والتمييز العنصري، وهناك ترابط واضح بين ما يجري في الشيخ جراح وسلوان وما جرى في الخان الأحمر والنقب وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعمليات الاستيطان في أحياء القدس والضفة الغربية، هي جزء من النشاط المحموم للمنظومة اليمينية العنصرية الإسرائيلية لفرض الضم والتهويد وتكرار مآسي النكبة عام 1948. إن هذا النشاط ومخططات الحركة الصهيونية للتطهير العرقي لن تمر بفضل صمود ومقاومة أبناء وبنات الشعب الفلسطيني، لكن ذلك يتطلب الإسراع في توحيد النضال الفلسطيني بكل مكوناته لإفشال التطهير العرقي الخطير.

حي الشيخ جراح شوكة في قلوب الاحتلال، فمنذ أشهر نشهد هجمات مسعورة لقطعان المستوطنين بحماية عناصر أمن الاحتلال؛ بهدف إرهاب أهالي القدس والتخطيط للتغيير الديمغرافي على أرض المدينة المقدسة، واليوم يقف حي الشيخ جراح في قلب المواجهة من جديد حيث تعود تهديدات الصهاينة والمستوطنين بإصدار قرارات إخلاء سكان منازل في الحي وهو سيناريو عنصري ليس مستغربا على المحتل، الذي هجر شعبا بأكمله من أرضه. إن القدس وأهلها يسطرون من جديد صفحات مجيدة من الصمود والمقاومة، يأمل كل الأحرار بأن تفضي إلى نصر مؤزر في كتاب انتصارات القدس التي طالما تلقى الاحتلال صفعات متتالية من أهلها الصامدين كما هي مآذن وأجراس القدس. إن الاحتلال الى زوال، حتى لو زادت وتصاعدت هذه الضغوط والممارسات العنصرية من قبل كيان غاصب محتل أقيم على التطهير العرقي والفصل العنصري، وسيبقى الحق الثابت لفلسطين وأهلها، وسيبقى حي الشيخ جراح وأبناؤه الابطال شوكة في قلوب الاحتلال.

حرب الاحتلال على حي الشيخ جراح تطهير عرقي وعنصرية بامتياز، فقد أجلت محكمة الاحتلال العليا البت في استئناف قرار إخلاء عائلات (السكافي، والكرد، والجاعوني، والقاسم)، من منازلها في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، لصالح مستوطنين يدعون ملكيتهم للأرض. وإن المهلة التي منحتها المحكمة للأهالي، هي فخ كبير من المحكمة، وبالنسبة لنا جميعنا كعرب وفلسطينيين لا نعترف بمحاكم الاحتلال، ولكننا مضطرون أحيانا للتوجه لهذه المحاكم، التي تحاول ان توقعنا بفخ أن نقبل دفع الايجار للاعتراف بملكية المنازل للمستوطنين، وهم يقومون بهذه الاساليب لأخذ ملكية المنازل من العائلات الأربع وفرضها بعد ذلك على باقي المنازل.

إن كل الأساليب التي يتبعها المستوطنون تثبت انهم لا يملكون أي سند ملكية، وكل ما قدموه هي بينات مزيفة، لكنهم يستغلون القوة التي اكتسبوها في الفترة الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي السابق ترامب، يساندهم في ذلك صمت المجتمع الدولي أو تواطؤه وبخاصة المجتمع الاوروبي، والحقيقة أن أهالي القدس حصلوا على اوراق كثيرة من الحكومة الاردنية، وكل ما يطلبونه أوراقا تثبت الملكية، والمطلوب تعاون اردني فلسطيني حثيث على جميع المستويات القانونية والسياسية، وتعاون الجانبين مع تركيا، بالإضافة للتعاون مع وكالة الغوث ومن ضمن ذلك الوثائق التي تثبت أن الحكومة الاردنية سلمت السكان المنازل في 1956 المنازل وملكتهم إياها في سنة 1959.

إن اول قضية حصلت في حي الشيخ جراح في شهر 11 من عام 1967 بعد الحرب بخمسة شهور عندما استولى المستوطنون على بيت دون اي اوراق او محكمة. وفي سنة 1972 سجلوا الارض بورقة مزيفة، وأحضر الأهالي بدورهم قراراً من تركيا بأن ما جرى غير صحيح، في تلك الفترة عندما رفع المستوطنون على أهالي القدس قضية لم يكن هناك محامون عربا يترافعون عنهم فترافع عنهم محام يهودي، بقيت القضية مستمرة الى 1976، واستطاع ان يثبت للمحكمة ان العائلات الاربع دخلت بطريقة شرعية بوساطة الحكومة الأردنية.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024