هاماتهم مرفوعة.. المجد للمقدسيين
نشر بتاريخ: 2021-04-27 الساعة: 01:34
بقلم ـ فتحي البس
لم ينتظر المقدسيون موعدا مع أي جهة، ولم يلتفتوا إلى مسيرة التطبيع المذلة، ولا إلى صفقة القرن وإعادة نظر بايدن بسياسة سلفه، ولم يضيِّعوا الوقت بقراءة برامج القوائم الانتخابية، ولا بخطط إصلاح النظام السياسي الموعودة، ولم ينتظروا مسيرات الدعم والتأييد من عمقهم العربي ولم يتوقفوا أمام قلق الأمم المتحدة والدول الأوروبية، وانشغلوا بمواجهة قطعان المستوطنين وإفشال قوات الاحتلال وخطط سياسييه لإحكام السيطرة على القدس، بصدورهم العارية وركلاتهم القوية وحجارتهم إن توفرت وقاماتهم العالية الشامخة التي لم تنحن أمام الجلاد المدجج بالسلاح الناري والأبيض.
لم يلتفت المقدسيون إلى التجاذب حول هل تقام الانتخابات أو تلغى أو تؤجل، فهم يعرفون أن القدس هي موضع الإجماع وجوهر الصراع، وأن القيادة الفلسطينية أعلنتها بوضوح، لا انتخابات بدون القدس، ولا دولة بدون القدس ولا قيمة لمجلس تشريعي لا يكون للمقدسيين فيه رأيٌ وازن، ولأنهم يعرفون أيضا أن القضية ليست انتخابات وإنما صراع إرادات، بين أصحاب الحق وبين عنجهية الاحتلال ومحاولته تكريس القدس عاصمة له، فهي عاصمة دولة فلسطين، وإن تأخر تحريرها مهما طال الزمن.
فرض المقدسيون إرادتهم ودفعوا ثمنا باهظا، شبابهم قالوا بالفعل وليس بالكلام أننا هنا لا نسمح بالمزايدات علينا ولا تحميلنا تبعات مواقف ترتبط بأجندات خاصة، تقدّمهم طليعة تعودت على العطاء والتضحية تعرفهم شوارع القدس وباحات الأقصى في كل أوقات المواجهة ولا بأس من التذكير بفرض إرادتهم سابقا في فرض تفكيك البوابات، فعادوا اليوم إلى باب العامود تُجلِّل هاماتهم أعلام فلسطين، ويكفيهم فخرا ومجدا الصور التي تصدرت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لهم يسخرون من مُعْتقليهم، وأكثر من ذلك يركلونهم بأقدامهم.
إذا جرت الانتخابات فهم هناك، وإن تم تأجيلها فإنهم يعرفون أن معركة القدس، كجزء من معركة التحرير الشاملة قد دخلت في منعطف جديد فيه مواجهات ستكون أشد وأقسى، سيتوحش قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال أكثر وستزداد حملات الاعتقال والإبعاد والإيذاء الجسدي والضغط الاقتصادي والمعنوي، فالحكومة الإسرائيلية المقبلة ستكون أكثر شراسة لأنها حتى الآن لا تجد موقفا رادعا من المجتمع الدولي، وتتسلح بمواقف عربية سلبية تتوسل رضى المحتلين.
يتطلع الفلسطينيون عموما والمقدسيون خصوصا إلى استمرار عمقهم الأردني في تحمل الضغوط ورفضها والمضي في الموقف المشترك للشعبين: فلسطين وجوهرتها القدس ليست للبيع، وسينتصر هذا الموقف بتبني بقية الدول غير المطبِّعة موقفا أكثر وضوحا وحزما.
لنا في التاريخ دروس وعبر، وحتما سننتصر وثورة البراق حاضرة في الوجدان.
mat