الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الرساليّة ومعادلة: وحدة-صراع-وحدة، مع ثالوث الظلام

نشر بتاريخ: 2021-04-22 الساعة: 09:39

بقلم محمد قاروط أبو رحمه 

النضاليون الرساليون ذوي الديمومة هم حملة رسالة نبيلة جامعة لضمير الشعب وقضاياه المصيرية.

والثالوث المظلم في شخصية الفرد هي النرجسية والانتهازية والاعتلال النفسي.

اكتشف الباحثون الحائزون على شهادة الدكتوراه: "ماشاجين وهيليبج وزيتلر"،  2002م، أن هناك سمة مشتركة للثالوث المظلم والتي يسمونها الجانب المظلم من الشخصية.

الجانب المظلم هو نزعة ميول عامة، تنشأ منها السمات الظلامية كتعابير مميزة. وهذا يعني أن جميع الصفات المشتركة بين السمات المظلمة المختلفة يمكن إرجاعها إلى هذا الجانب.

سبقهم علماء النفس "جوزيف لوفت" و"هارينجتون إنجهام"  عام 1955 باستحداث  أداة نفسية مصممه لمساعدة الناس على فهم أنفسهم وعلاقاتهم مع الآخرين بشكل أفضل،

أطلق عليها نافذة "جوهاري"، واعتقد أول من مارسها ودمجها في التدريب في الوطن العربي الأخ د. نبيل شعث من خلال شركة فريق (تيم) عام 1976، وقد تلقيت شخصيا عام 1977 تدريبا على هذه النافذة من الأخ د.نبيل شعث في الكلية العسكرية الفلسطينية في بيروت.

النافذة مكونه من أربعة نوافذ صغيرة هي: المنطقة المفتوحة أو منطقة النشاط الحر، والمنطقة المخفية عن الآخرين، والمنطقة المخفية عن الفرد نفسه، والمنطقة العمياء التي لا يراها الفرد نفسه أو الآخرين.

الثالوث المظلم في ظني هو محاولة من العلماء السابق ذكرهم في تفسير المنطقة

المخفية عن الشخص نفسه والمنطقة العمياء الموجودة ضمن نافذة "جوهاري".

والنرجسية والانتهازية والاعتلال النفسي تظهر في سلوك الأفراد وتصرفاتهم وأقوالهم.

1-  الاعتلال النفسي، السيوكوباثية: سمة غير سوية في الشخصية تتميز بالتعالي والكذب والاحتيال والخروج عن معايير المجتمع ، إذ يميل الأفراد الذين يحرزون درجات عالية عن هذه السمة إلى المشاجرة و إيذاء الآخرين، وقلة الشعور بالتعاطف مع آلام الناس وعدم الندم عند القيام بالأعمال المؤذية للآخرين، فضلاً عن الرغبة في الوصول إلى ما يحتاجون إليه بالوسائل المختلفة.

 

2-  النرجسية (حب الذات المرضي):سمة تذهب بالأفراد إلى حبّ أنفسهم وتفضيلها على الآخرين، إذ يشعر الأفراد الذين يظهرون مستوى عال من النرجسية بالعظمة والتفوق على الناس والشعور بالعظمة والتفوق على  حساب الناس والشعور بالأهمية على حساب حاجات الآخرين ، وتقديرهم لذاتهم.

 فالنرجسي يرى نفسه الأذكى والأقوى والأكثر أهمية من بقية الناس، لذا يبيح لنفسه الهيمنة عليهم واستغلالهم وإشباع حاجاته، لذلك يظهر الأفراد وفقا لهذه السمة حساسية عاليه لعدم انتباه الناس لهم، ونظرة كبيرة لذاتهم أكثر مما تستحق، والمبالغة بحب الذات، وصعوبة في إبداء مشاعر التعاطف مع الآخرين.

 

3-  الانتهازية، الميكافيلية :سمة يميل فيها الأفراد إلى استعمال الخداع والكذب والاستغلال في سبيل تحقيق أهدافهم الذاتية، إذ يلجأ الأفراد الذين يحرزون درجات عالية على هذه السمة إلى استعمال الكذب والتملق حتى يصلون لغاياتهم وحاجاتهم الخاصة، فهم ينطلقون من قاعدة رئيسة مفادها: (الغاية تبرر الوسيلة)، ولديهم استعداد كبير للتصنّع ، واستعمال مظاهر الطيبة الزائفة و مختلف وسائل الإقناع والتبرير والتزييف من أجل الوصول الى مبتغاهم.

لقد قمت باختبار الجانب المظلم في الشخصية على موقع[1] (آي دي آر لابس) وهذا الاختبار يساعد الفرد على معرفة جوانب شخصيته. يعتبر علماء النفس ان السمات الشخصية للثالوث المظلم تظهر في الاختبار والأفعال.

هذا الاختبار يوضح أن كل إنسان في شخصيته سمات من الثالوث المظلم، وهذا هو جوهر الصراع الذاتي بين الخير والشر والحق والباطل والظلم والعدل والعمل العام والمصلحة الخاصة.

في تجربة حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح الطويلة التي تتميز بأنها حركة الشعب الفلسطيني فان الثالوث المظلم كان دائما جزءًا من حركة فتح.

وتميز هذا الثالوث بالالتزام بالمسار النضالي الوطني بشكل معقول ومقبول، وكذلك  تميز بالظهور والاختفاء، كان يظهر في أوقات الراحة والمغانم ويختفي في أوقات المغارم.

الرساليون الحركيون، ليسوا أنبياء، ولكن سماتهم الشخصية تتميز بالثبات، أنهم كالقابضين على الجمر، كانوا ولا زالوا في المغارم أول الصفوف وفي المغانم يستعدون لأيام المغارم.

كان الخالد ياسر عرفات ورفاقه يعرفون سماتنا الشخصية، وكانوا يخصّون أصحاب الثالوث المظلم بالمغانم ليلبّوا حاجاتهم النفسية فيسهل عليه توظيف جهودهم لصالح العمل العام.

كان ياسر عرفات ورفاقه يدركون أن أصحاب الثالوث المظلم فيهم أيضا سمات ايجابية يحاولون من خلال تلبية احتياجاتهم استثمار سماتهم الايجابية وزجها في العمل الوطني.

كان ولا زال الرّساليون يعرفون ذلك ويتقدمون الصفوف في المغارم، ويبنون ويستعدون لايام المغارم.

وللحقيقة والأمانة كان الرساليون يحظون بالاحترام والتقدير الكبير من الشخصيات التي تتميز سماتهم الشخصية بدرجة واضحة من الثالوث المظلم.

يتميز الرساليون المناضلون بالتمسك بالهدف ويعملون من أجله، يحاورون بهدوء، وحدويون، يبثون الأمل، التفاؤل، والحماس، يسعون للتطور والتطوير والتغير الايجابي والتميز والإبداع ونكران الذات والعطاء بلا حدود، واحترام الذات التفاؤل الثقة بالنفس الهمة العالية العلم الصائب،  التكليف الذاتي الإنتاجية التأثير التوازن الواقعية، ذاتي الحوافز والدافع، القناعة ضبط النفس الاطمئنان إدارة الوقت تحديد الهدف حل المشكلات التغير الذاتي، إدارة الأولويات التفكير القيادي.

على القاعدة التي أرساها الشهيد خالد الحسن، وحدة- صراع- وحدة استمر التعايش بين الرساليين النضاليين وأصحاب بعض سمات الثالوث المظلم من أجل أن تستمر حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح بالمسك بقيادة النضال الفلسطيني حتى النصر.

الذين انشقوا عن حركة فتح لم تكن تعوزهم مواقع السلطة والنفوذ، ولم يكونوا بحاجة إلى المال، ولكن أدركنا أنه غلب عليهم ثالوثهم المظلم وأرادوا أن يمارسوه لصالحهم ولصالح غيرهم من الدول وبعيدا عن الهم الوطني.

الذين انشقوا عن حركة فتح، قد يكونوا لم يفهموا جوهر الصراع بين الإنسان وذاته، وهو صراع بين الخير والشر، ولم يفهموا أن في هذه الحركة نضاليين رساليين وحدويين اهتمامهم الأول استمرار النضال الفلسطيني حتى تحقيق النصر التام.

الانحياز لفلسطين أولوية، الانحياز لفتح أولوية لأنها بوابة فلسطين، فإذا فقد أي إنسان هذه الأولويات فان النضاليين الرساليين أول من يتصدى وأول من يتقدم الصفوف للحفاظ على الأولويات، وأول من يسامح ويوحد عندما يعود الأفراد إلى الأولويات.

في الختام:

حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح، حركة تحرر وطني عقيدتها تحرير فلسطين، ودستورها النظام الداخلي، تتفاعل فيها الأفكار والشخصيات بسماتهم وخصائصهم، لا أحد يقصي احد، وذراعاها وحضنها وفكرها مشرعة للعائدين معها للأولويات، فلسطين أولًا، وفتح أولا لأن فتح بوابة فلسطين وسورها المتين.

كونوا نضاليين كونوا رساليين كونوا ذوي ديمومة تفوزون بالدنيا والآخرة، فيبقى ذكركم طيبًا بإذن الله، كذكر الخالد فينا ياسرعرفات، وأمير الشهداء خليل الوزير وصوت الحق صلاح خلف والمفكر الكبير خالد الحسن، وهاني الحسنن وماجد ابوشرار والكمالين (كمال عدوان وكمال ناصر) ومثلهم الكثير.

كونوا شبهًا لدلال المغربي وآيات الاخرس، أوثائر حماد ومروان زلوم، ونايف أبوشرخ، وناصر عويس وجهاد العمارين، وحسن المدهون، وأبوجندل،وعمار أبوبكر،وحسين العبيات...وآلاف الشهداء على درب النصر.

أو كونوا محمود درويش شاعر الحرية، أو سميح القاسم أو أحمد دحبور أو أبو عرب وهارون هاشم رشيد، أو كونوا سميرة عزام، أو فدوى طوقان أو رضوى عاشور... ومئات المثقفين والأدباء والمفكرين والشعراء.

والله معنا والنصر قريب.

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024