(الجزية ) الجديدة لمعركة حماس الانتخابية في القدس
نشر بتاريخ: 2021-04-15 الساعة: 11:29موفق مطر
يبدو أن القدس لبعض المتهافتين على الاستحواذ على سلطة ما وكراسي خاوية كقصب المستنقعات والعروش الجافة لا تعنيهم إلا كمادة خطابية يقوون فيها السنتهم على المنابر ، ومادة للدعاية والادعاء.
عضو المكتب السياسي لجماعة حماس خليل الحية خلال لقاء اعلامي قال :" لماذا لا نتفق اليوم أن نضع صناديق الاقتراع تحت إشراف لجنة الانتخابات في المساجد والمسجد الأقصى والكنائس ؟! ، لنؤكد للعالم أنه لا تفريط ولا تنازل عن المدينة المقدسة " .. مع الاشارة هنا أن الحية لم يغفل عن دغدغة مشاعر المعنيين بسماع شعارات سياسية من حماس لذا قدم لاقتراحه المسبوق بقوله :" إن إجراء الانتخابات في مدينة القدس يجب أن يكون معركة بيننا وبين الاحتلال " .
سبق الحية كثيرون ممن لا يرون في الانتخابات التشريعية سوى وسيلة نقل تمكنهم من الوصول الى مركز التشريع في السلطة الوطنية الفلسطينية ، واعتبروا اصرار الرئيس ابو مازن وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ألا تجرى الانتخابات بدون القدس ترشحا وتصويتا وفي مركزها وحيث يقيم المواطنين الفلسطينيين المقدسيين في عاصمة فلسطين المحتلة وليس في أي مكان خارج اسوارها ذريعة لتأجيل الانتخابات ، أما وقد كشف عضو مكتب سياسي لحماس عن مستوى رؤية جماعته لمستوى ومكانة معركة الانتخابات التشريعية في القدس ، فقد بات واضحا أنها أي معركة ( القدس ) بالنسبة لهم والمتحالفين معهم تشبه الى حد كبير معركة ماسمي مسيرات العودة التي بدأوها بزف بشرى اقتراب يوم العودة وأنهوها عند حاجز الاحتلال في بيت حانون باستلام حقائب مكدسة بعشرات ملايين الدولارات تسلم لهم شهريا مختومة بدمغة الشاباك الاسرائيلي وموصى عليها بمقولة " نبغي هدوء" ! ولكن بعد ثمن باهظ دفعه المواطنون الفلسطينييون في قطاع غزة حيث استشهد (316) مواطنا منهم (62) طفلاً، وسيدتان ، و(9) مواطنين من ذوي الإعاقة الجسدية ، و(4) مسعفين، وصحفيين اثنين .أما الجرحى فبلغ الرقم (35.703)، منهم (6534) طفلا، و(2642) سيدة وبترت اطراف علوية وسفلية ل (158) شاب اصيبوا برصاص جنود وضباط جيش الاحتلال ... وفعلا دخلت حماس معركة مسيرات العودة وربحتها ( بجزية ) فرضتها على سلطة الاحتلال كما ادعى مشايخها وأعضاؤها ذوي شان ومكانة في الجماعة ،في أسوأ تضليل لوعي الجمهور الفلسطيني في تاريخ القضية الفلسطينية والصراع مع منظومة الاستعمار والاحتلال الصهيوني العنصري .
لا ندري حتى الساعة كم ستكون قيمة ( الجزية ) الجديدة التي سيطلبها الحية في معركة حماس الجديدة ، لكننا على دراية الى حد اليقين أن مفهوم جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس لمعركة الانتخابات في القدس لا يختلف عن المفهوم الأصل لدى الجماعة للقضايا الوطنية المصيرية ، وتحديدا قضية الصراع مع منظومة الاحتلال اسرائيل ، فهؤلاء اينما كانوا وفي أي بلد يحتلون فيه سدة السلطة يغيرون بوصلتهم مئة وثمانين درجة ، فتصبح اسرائيل ( العدو) صديقا عزيزا ، ويصير بعضهم كوتد تشد عليه حبال خيمة حكومة دولة الجريمة والعنصرية .. فرجال الجماعة مستخدمو الدين (الاسلامويون ) بارعون في البيع والشراء والتجارة بدماء الفلسطينيين ، لن يترددوا في بيع قضية الانتخابات في القدس ، أما الثمن فمن البديهي أن يبدع مشايخهم الجاهزون دائما لتبرير فعلتهم بالفتاوى بإخراجه للجمهور مغموسا بمصطلحات دينية ومن هذه الحلول اقتراح الحية .
قلنا أن الانتخابات ستكون مفتاحا لإنهاء آثار انقلاب حماس في العام 2007 على السلطة والقانون ومنظمة التحرير والذي يسميه البعض ظلما الانقسام ، لكن لو قلنا على سبيل الافتراض والجدل أن السلطة الوطنية ولجنة الانتخابات المركزية قررت وضع صناديق الاقتراع في مساجد وكنائس قطاع غزة دون الحاجة الى حوارات ولقاءات واتفاقات وفي القاهرة مع حماس ، أي بدون حالة توافق معها ، فهل كانت حماس ستمتنع عن اقتحام المساجد والكنائس وتدمير الصناديق واعتقال المراقبين عليها ، الجواب لا ، فجرائم مسلحي حماس وقتلهم مواطنين داخل المساجد وفسادهم فيها مازالت ماثلة ، فكيف ستسمح بوجود صناديق اقتراع لانتخابات سلطة تشريعية هي عبارة عن حالة عاكسة لسيادة السلطة الوطنية على المكان على الأقل .. وكذلك سلطة الاحتلال فإنها لن تسمح وستقتحم وتعتقل وتصادر وتغلق وتدمر .
لن تقع الجماهير الفلسطينية بهذا الفخ كما وقعت في أفخاخ مسيرات العودة ، إذ لا يمكن تفسير اقتراح خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس سوى رغبة جامحة بالوصول الى لحظة الاقتراع بأي ثمن ، حينها ويومها أي في الثاني والعشرين من شهر مايو / أيار القادم ستقتحم قوات الاحتلال الاسرائيلي المساجد والكنائس في وتصادر الصناديق وتعتقل المراقبين وتمنع المواطنين الفلسطينيين المقدسيين من حقهم القانوني في الاقتراع ، وبذلك يفرح الذين انتظروا هذه اللحظة للانقضاض على حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح رائدة المشروع الوطني وقائدة الشعب الفلسطيني نحو انجاز الاستقلال والدولة ، ظنا أن فتح ستدخل الانتخابات ضعيفة غير متماسكة ، فيحققون هدفهم من معركتهم في هذه الانتخابات وهي ضرب العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وتجريد الشعب الفلسطيني من قراره الوطني المستقل ، وإعدام مشروع الدولة المستقلة ، والبقاء في حوض الحكم الذاتي البارز جيدا في كثير من البرامج التي تبشر بها قوائم انتخابية كثيرة .. هذه هي معركة الانتخابات في القدس حسب نواياهم المكشوفة ، فهؤلاء كالضفدع الشفاف ، ينق كبقية الضفادع ، لكن جوفه مكشوف للعيان بكل تفاصيله .
معركة القدس بالنسبة لنا كحركة تحرر وطنية حسمها رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس ابو مازن ، وكذلك فصائل منظمة التحرير في بيانها اثر اجتماعها قبل ثلاثة ايام بتأكيد القرار الوطني "لا انتخابات بدون القدس " فهي انعكاس لإستراتيجية كفاح ونضال وطني هدفها تكريس حق الشعب الفلسطيني القانوني والسياسي والتاريخي والطبيعي في كل مكان على ارضه المحتلة ، فهو صاحب الأرض ، وأن الاحتلال طارئ لا يمكنه سلبه حق الانتخاب ترشحا وتصويتا وفق قانون ونظام الدولة المحتلة ( فلسطين الواقعة تحت الاحتلال ) وأن اسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال لا يحق لها منع المواطنين أصحاب ألأرض من ممارسة هذا الحق المكفول في القوانين الدولية .
معركتنا الانتخابية هدفها القدس باعتبارها عاصمة دولة فلسطين , الانتخابات التشريعية ارهاص لانتخابات برلمان الدولة ، وإذا قدًرنا أن الانتخابات لم تحقق هدفها المنسجم مع قرارات الشرعية الدولية بأن القدس الشرقية ارضا فلسطينية محتلة وأن كل اجراءات سلطة الاحتلال الاسرائيلي فيها باطلة ، وأن منع المواطنين الفلسطينيين المقدسيين أو المواطنين في أي مكان آخر يعتبر انتهاكا ومخالفة للقانون الدولي ، وجريمة تصنف تحت بند الارهاب ما يعني جريمة ضد الانسانية ، فلا داع للانتخابات برمتها ، فنحن لا يمكننا نظم اهداف وطنية مركزية ليست القدس على رأسها ، كما لا يمكننا بيع اوهام لشعبنا بأننا بتنا بأحسن حال وبأننا يمكننا استثناء جوهر وروح قضيتنا ، واستثناء المقدسيين عنوان الوفاء للأمانة والحفاظ على المقدسات ، فالمواطنين الفلسطينيين في القدس ليسوا موظفي وكالة حراسة ، وإنما هم تاريخ وحاضر ومستقبل المدينة ، وحتى يتمكنوا من ممارسة حقهم في الانتخابات مثل مواطني دولة فلسطين يمكن اجراؤها في مراكز اقتراع رسمية تحددها لجنة الانتخابات المركزية لدولة فلسطين ، ولكن ليس في دور العبادة التي نزهها قانون الانتخابات ومنع زجها في السياسة .
m.a