أخي المواطن: فكر بصوتك
نشر بتاريخ: 2021-04-14 الساعة: 17:27
ببقلم باسم برهوم
خطر لي عنوان المقال من قصيدة للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش "فكر بغيرك"، وهي بالمناسبة واحدة من أروع قصائد الشاعر، وخصوصا بمعانيها الإنسانية العميقة. وعلى وزن القصيدة عندما تذهب إلى صندوق الاقتراع فكر بصوتك، والمقصود أن صوت الناخب هو مسؤولية، فهو قرار واختيار، فما بالك وأن يكون هذا الناخب فلسطينيا.
في البلدان الأخرى المستقرة، غالبا ما يكون اختيار المواطن أثناء الاقتراع يتركز على الاختلاف في البرامح الاجتماعية، أما السياسة فهي تأتي بالدرجة الثانية أو حتى الثالثة. بالنسبة للمواطن الفلسطيني فالأمر مختلف كليا، ميزان الاختيار مختلف، صوت الناخب الفلسطيني مسؤولية مركبة لأن هذا الناخب يفكر بمستقبل ومصير قضيته الوطنية، فالقضية تكون في كفة ومستوى المعيشة والاستقرار المعيشي في الكفة الأخرى. يضاف إلى ذلك فإن لصوت المواطن أهمية في إرساء حكم القانون والحريات واحترام حقوق الإنسان، فصوتك أخي المواطن إما أن يأخذك نحو الاستقرار والأمن وفرص عمل مضمونة أو يأخذك إلى المجهول وربما يأخذك إلى زمن غابر يسوده التخلف.
الإدلاء بالصوت ليس نزهة أو عملية عبثية، أو صوتا لخوض التجارب، فالاختبار يجب أن يوزن بميزان الذهب، فهو من يقرر مصير الشعب الفلسطيني لسنوات عديدة قادمة. هناك 36 قائمة، قد يبدو الاختيار صعبا ويشتت التركيز، ليست هناك وصفة سحرية للاختيار الصحيح، ولكن في العادة يبدأ الموطن وهو يفكر لمن سيعطي صوته بالسؤال: ماذا أريد أنا؟ لأن عملية الاقتراع والاختيار هي فعل فردي، بالضرورة أن يقف خلفها عقل مستقل يحدد هو ما يريد وهذا أساس العملية الديمقراطية. ثم سؤال: ما هو الأفضل والأضمن لاستمرار الحياة واستقرارها؟ وفي الحالة الفلسطينية كيف سيكون حال القضية الفلسطينية، وأي مستقبل ينتظرها؟
إن الفكر يبدأ بطرح الأسئلة حتى يصل المرء إلى اليقين، إلى الإجابات التي تقود إلى الاختيار الصحيح، ويختار القائمة التي يعتقد أنها تضمن أكثر من غيرها ما يريد. سؤال ما الذي يريده المواطن الفلسطيني، هل يريد الذهاب إلى مغامرة، إلى أمر مجهول، أم إلى شيء فيه نوع من الضمان للمستقبل، هذا هو المقصود بـ " فكر بصوتك"!!!؟ أن تدقق في عملية الاختيار كي لا يذهب صوتك للمكان الخطأ فأنت من يتحمل صناعة مستقبل الشعب الفلسطيني.
لا أريد أن نقارن أنفسنا بالآخرين، فالشعب الفلسطيني له واقع مختلف عن أي واقع آخر، ولكن خلفنا تجربتان انتخابيتان، الأولى عام 1996, والثانية عام 2006, وبالمناسبة جرت كلتاهما بحرية ونزاهة تامة بشهادة المراقبين الدوليين والمحليين، المهم ألا يأخذنا صوتنا إلى واقع أكثر كارثية.
بفعل عملي السابق في المجلس التشريعي يمكنني المقارنة بين تجربتين، الأولى التي بدأت بانتخابات عام 1996 وبالرغم أن فتح كانت هي من يسيطر على المجلس إلا أن الحياة الديمقراطية داخله كان العالم يشهد لها.. وأذكر ما قاله رئيس اتحاد البرلمان الدولي أمام مسمعي، قال: إن مجلسكم أكثر ديمقراطية من معظم برلمانات العالم.
أما التجربة الثانية وهي لم تعمر طويلا بسب انقلاب حماس في غزة والانقسام الذي نجم عنه، إلا أنني أذكر أن كتلة حماس كانت تتصرف كأنها كتيبة عسكرية، الأمر يأتيها من الأعلى، وهذا أمر يخل بالحياة البرلمانية الديمقراطية.
إن أهم ما في البرلمان هو التفاعل بالنقاش البناء من أجل الوصول إلى ما هو أفضل من القوانين، وممارسة أكثر جدوى للوقاية وأن تكون شفافة قدر المستطاع.
في المحلس التشريعي الأول كانت الشفافية والديمقراطية سكر زيادة فهذا أسلوب فتح، كل شيء مكشوف وبنقاش حر.. إنها حركة انفتاح بعكس الحركات الباطنية، التي تخفي كل شيء.
أخي المواطن: فكر بصوتك عشر مرات كي لا يأخذك إلى كارثة تندم عليها وتضر بمستقبل أبنائك وبناتك.
mat