سنبقى نحبك ما دامت فلسطين في قلبك
نشر بتاريخ: 2021-04-13 الساعة: 11:40
بقلم موفق مطر
كتبت على فضاء ظاهر في إطار صورة ضوئية (فوتوغرافية) كنت قد التقطت لحظتها في تونس الشقيقة للقائدين ياسر عرفات أبو عمار، وخليل الوزير أبو جهاد - رحمهما الله- وهما يتقدمان بخطى ثابتة ولحظة تصميم معبرة على محياهما لدخول قاعة اجتماع للمجلس المركزي الفلسطيني في العاصمة التونسية "سنبقى نحبك ما دامت فلسطين في قلبك)، وقدمتها كهدية للقائد الرمز ياسر عرفت لمناسبة عيد ميلاده خلال احتفال نظمه الراحل العميد أبو العبد خطاب – رحمه الله- خلال دورة للأشبال والزهرات الفلسطينيين حملت اسم الشهيد أبو جهاد بعد حوالي عام ونصف العام على استشهاده.
استشهد القائد العام الرمز الرئيس أبو عمار، لكن فلسطين التي اشترطنا فيما كتبناه على الصورة أن تكون في قلبه حتى آخر نبض في عروقه لتخليد حبنا له بقيت، وستبقى ما دامت الشمس تشع على الدنيا من المشرق، فنحن نحب قادتنا الذين يضربون الأمثال في حبهم لفلسطين الحرية والتحرر، على درب الثورة حتى النصر، درب استقلال القرار الوطني، درب المواءمة في النضال والتوازي بين التحرر والبناء، درب الدولة والتقدم والنمو، درب الانتماء وتكريس الهوية الوطنية التقدمية الديمقراطية، نحب تضحياتهم، وأفكارهم، ونظرياتهم الصائبة، وإبداعاتهم في ميادين النضال اللامحدودة، نحبهم ما داموا متعاقدين مع فلسطين على الحب الخالص المجرد من المنافع والمكاسب، حب متحرر من الرغبة السلطوية الجامحة نحو الكراسي والمناصب على حساب القيم والمبادئ، لكننا نحب فلسطين التي سنراها في قلوبكهم وعقولهم وسلوكهم وأعمالهم، فالقائد في امتحان دائم، لا مجال فيه للهبوط عن درجة النجاح بالممتاز جدا وبامتياز، ومطلوب منه تقديم البراهين العملية كل يوم ليؤكد للجماهير أنه في قلب ومركز قضايا الوطن، صادق مخلص وفي للعهود والمواثيق، ونموذج للالتزام النقي.
ينحرف (قادة) عن الدرب أو قد يجدون أنفسهم في متاهات دخلوها لإفراطهم في الاعجاب بوجوههم التي يرونها في المرآة ألف مرة ما بين الصبح والمساء ويتجنبون رؤية غيرها رغم ضجيجهم في مقولات الرأي والرأي الآخر والديمقراطية والتعبير عن الرأي.. وغيرها الكثير من المصطلحات المنمقة، فنحن في بلادنا لا ضريبة على الكلام حتى لو كان ضربا من العبث بوعي الجمهور، وقد تصاب قلوب بعضهم بمرض الغرور والتضخم، وتنمو على أدمغتهم كتل ضاغطة، فيختلط عندهم الصواب بالخطأ ويفقدون القدرة على التمييز بين الالتزام والتشرذم، بين الانتماء والارتماء في أحضان رغبات الذات الجائعة والشهوانية، ويخضعون لإرادة الغير أو يقدمون انفسهم كمنافسين في حلبة تقديم الخدمات اللاوطنية لمن يدفع اكثر، أو لمن يساندهم في تحقيق مآربهم، مثل هؤلاء ستسقط عنهم سمة وصفة ومكانة وهيبة مهمة القيادة إذا ظنوا أن فلسطين (الوطن) بحجم عضلة لحمية تقبع بين أضلاع قفص صدري عظمي تسمى في اللغة العلمية القلب، فيحسبون أنفسهم عظماء بقامات أكبر من الوطن، وكأنهم لا يعلمون أن ظل المرء مهما تمدد فإنه في لحظة الزوال سيتلاشى على حواف قدميه، وأن القائد الحقيقي هو الذي لا تأخذه العزة بطول وعرض ظله، وإنما بما يثبته ويجسده كحقائق ووقائع مادية على الأرض، تشع عليها الشمس وتمر عليها كل متغيرات الطبيعة والعوامل الخارجية والدخيلة والطارئة والصعبة، لكنها تبقى خالدة، كسراج زمن الظلم والظلام، تلهم الجمهور، يستقوي ويتقوى بمعانيها الروحية والمادية.
تخسر حركات التحرر، والأحزاب والتنظيمات والقوى كل التضحيات وتذهب دماؤهم وأرواحهم هدرا إذا ظن واحد في الأطر التنظيمية لها أن الوطن (الأرض والشعب) غنيمة، وأنه حر بفعل ما يشاء بحصته، فهذه العقلية هي الزلزال بقوة عشر درجات الذي يؤدي إلى الخراب والسقوط والنهاية الأبدية لهذا الكيان السياسي أو ذاك، ذلك أن أول درس في الانتماء للتنظيم كان الالتزام والوفاء بالعهد والقسم، فكيف وأن مناضلي حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح قد أقسموا على الإخلاص لفلسطين (الوطن) قبل تعهدهم بحفظ أسرار حركتهم وما يعرفون من أمورها، فالذي يقدم مصلحته الشخصية الفردية على مصلحة الوطن، ولا يعبأ بمكانة فلسطين في قلب كل مناضل في الحركة، وجب عليه أن يعلم أنه يطعن فلسطين مهما ادعى وقال وخطب ورش المنابر بالمبهر من الكلام.
mat