برنادوت والجنائية الدولية .. و( دولة الجريمة )!
نشر بتاريخ: 2021-04-11 الساعة: 08:03موفق مطر
" لولا قتل برنادوت لما قامت دولة اسرائيل " قائل هذا الإقرار والاعتراف غير المباشر بعد عشر سنوات على جريمة قتل اللورد فولك برنادوت هو البولندي الصهيوني ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء في ( اسرائيل ) .
كان برنادوت أول مبعوث ( وسيط) في تاريخ الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حيث تولى مهمته بتاريخ 20 مايو/أيار عام 1948 أي بعد بضع شهور على قرار تقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني – نوفمبر 1947 اثر مواجهات بين الشعب الفلسطيني والغزاة الصهاينة في فلسطين ، لكن منظمة شتيرن الصهيونية الإجرامية الإرهابية نفذت تهديدها عبر رسائل وصلته إلى مكتبه في القدس قد قتلته يوم 17 سبتمبر من العام 1948 على حدود المدينة .
إثنان ممن نفذوا جريمة قتل حفيد الملك السويدي اوسكار الثاني رئيس الصليب الأحمر، الديبلوماسي السويدي هما مناحيم بيغن رئيس منظمة "أرغون" واسحاق شامير رئيس منظمة "شتيرن" الارهابيتان حيث تولى كل منها رئاسة وزراء منظومة الاستعمار العنصري الاحتلالي ( إسرائيل ) لذا ليس غريبا رفض المنظومة الحالية قرار محكمة الجنايات الدولية بفتح تحقيقات بجرائم حرب ارتكبت في فلسطين المحتلة ، واعتبار بنيامين نتنياهو هذا القرار عدائيا وهجوما لا ساميا على إسرائيل التي قررت رفض التعاون مع الجنائية تحت ذريعة أن :" لإصلاحية لها لفتح تحقيق بحق إسرائيل " !!!.وقبل المضي في الموضوع وجب وضع السادة القراء بمعلومة هامة أن برنادوت عرض وضع القدس كاملة تحت السيادة الفلسطينية وعارض ضم أراض فلسطينية إلى المناطق اليهودية حسب قرار التقسيم وطالب بإعادة اللاجئين الى ديارهم وبيوتهم بعد جولات ميدانية اطلع خلالها على جرائم حرب وضد الإنسانية حيث رأى بأم عينه نتاج عمليات تشريد وتهجير الفلسطينيين وتدمير مئات القرى وبعد استعانته بمراكز أبحاث ودراسات مكنته من الاطلاع على الحقائق والوقائع على الأرض .ورغم أن مبادرته تضمنت نقاطا ايجابية لصالح المنظومة الصهيونية حينها إلا أنهم أصروا على قبر مبادرته معه فقتلوه .. ليأت بعد عقود وريث لعقلية هذه المنظمات ليقتل اسحاق رابين الذي وقع اتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية كمقدمة لتوقيع اتفاقية سلام نهائي، ما يؤكد مدى تحذر عقلية الجريمة بحق كل ماله صلة بقرارات الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة .
رد مكتب رئيس وزراء منظومة الاحتلال العنصري نتنياهو انعكاس طبيعي لمفاهيم وتكوين دولة ناقصة متمردة على القانون الدولي وخارجة على الشرعية الدولية ، كانت الجريمة وسفك الدماء البريئة منذ تأسيسها سبيلا لتثبيت وجودها كأمر واقع في المنطقة بمساندة لا محدودة من المستعمرين الكبار ..
لم توقع منظومة الاحتلال إسرائيل على ميثاق روما 17 يوليو/تموز 1998 عندما وافقت 120 دولة في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا على قرار إنشاء المحكمة الذي تحول إلى معاهدة ملزمة في 11 أبريل/نيسان 2002. تمكن المحكمة من النظر في القضايا المرفوعة إليها منذ هذا التاريخ . وعليه فان قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا بقانونية وصلاحية المحكمة بفتح تحقيقات بجرائم حرب ارتكبت في أراض دولة فلسطين سيضع ضباطا وجنودا في جيش منظومة الاحتلال على قائمة التحقيق بسبب جرائم ارتكبوها أو أمروا بارتكابها وراح ضحيتها مئات وآلاف من الشعب الفلسطيني منذ العام 2014.. علما أن فلسطين أصبحت عضوا رسميا في معاهدة روما 2002 في الأول من نيسان من العام 2015.. لكن عدم انضمام ( إسرائيل) للمعاهدة لا يمنع المحكمة من التحقيق مع أشخاص ينتمون لدولة غير عضو متهمون بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وكذلك محاكمتهم بعد أن ألزمت المعاهدة الدول الأعضاء بالمساعدة العملية للقبض على المتهمين وتسليمهم للمحكمة إذا كانوا من رعاياها أو كانوا غير ذلك ووصلوا لأراضيها ، أما الدول غير الأعضاء فإن اتفاقيات خاصة بين الطرفين تنظم عملية تسهيل التحقيقات.
تنظر المحكمة بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وهي جرائم بحق سكان مدنيين كالقتل العمد، وإبعادهم ونقلهم دون رغبتهم ، والتفرقة العنصرية وجرائم الحرب حيث تحدث انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب المحددة في اتفاقية جنيف 1949 سواء كانت في صراع دولي أو محلي ، ونعتقد كما يعتقد المؤمنون بحقوق الإنسان أن للمحكمة الحق بالتحقيق في كل هذه الجرائم مع أشخاص في المستويين العسكري والسياسي وكذلك في أوساط المستوطنين لانطباقها عليهم تماما .
إذا نظرنا باختصاصات المحكمة سنجد أن الاختصاص المكاني والزماني يمنحها حق التحقيق والمحاكمة حيث تمارس اختصاصها المكاني إذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطنا لإحدى الدول الأعضاء أو إذا قبلت دولة المتهم بمحاكمته أو إذا وقع الجرم المزعوم في أراضي دولة عضو في المحكمة (أو إذا سمحت الدولة التي وقع الجرم على أراضيها للمحكمة بالنظر في القضية أو إذا أحيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الأمن. أما في الاختصاص الزماني فتستطيع المحكمة النظر في القضايا المرتكبة في 1 يوليو 2002. او ما بعده ويمكن للدول ممارسة صلاحياتها بعد ستين يوما من تاريخ انضمامها .
يلاحظ أن الولايات المتحدة وإسرائيل تحدا عارضتا الاختصاص الإقليمي أي بأن يكون للمحكمة سلطة عالمية للتهرب من التعاون الملزم في التحقيقات وتطبيق قرارات المحكمة .
لن تقبل منظومة الجريمة ضد الانسانية ( اسرائيل ) التعاون مع الجنائية الدولية ، لأمر بسيط وهو أن المحكمة ستكشف الطبيعة الحقيقية لهذه المنظومة كشفها صراحة بن جوريون ، فما بين الخطوة لأولى لإنشاء الدولة الناقصة والناكثة ( إسرائيل ) والخطوة الأخيرة التي يحلم بها نتنياهو بعد مئة عام لا يوجد غير جرائم القتل والحرب والجرائم ضد الإنسانية ، ونعتقد تماما أن العالم يشهد كل يوم جرائما شبيهة وأفظع من جريمة قتل مبعوث الأمم المتحدة برنادوت ضحاياها أبرياء من الشعب الفلسطيني لكنه لم يعتبر ولم يستخلص وستبقى فلسطين ميدانا لهؤلاء المجرمين ما لم تنتصر الأمم المتحدة لمبادئها وقوانينها وقراراتها وتنصب المحاكم لقتلة برنادوت ووارثيهم في دولة الجريمة .
m.a