الرئيسة/  مقالات وتحليلات

نيسان ـ حزيران، ثلاثة شهور حرجة!

نشر بتاريخ: 2021-03-30 الساعة: 12:25

 

بقلم حسن البطل


وحده، في الجانب الفلسطيني، عقّب صبري جريس، في 18 آذار، على خطاب المحكمة الجنائية الدولية الموجّه لإسرائيل، بشأن شروعها في التحقيق بجرائم حرب في فلسطين؛ ووحده قدم مجلس الأمن القومي الإسرائيلي توصيات إلى حكومته، يوم 21 آذار بشأن التعامل مع الخطاب.
صبري جريس، معروف كمدير سابق لمركز الأبحاث الفلسطيني، وقلّة تعرف دوره، مع ثلاثة آخرين، في «حركة الأرض»، أوائل ستينيات القرن المنصرم، التي صارت «يوم الأرض»، كما أن جريس خرّيج القانون من الجامعة العبرية.
عامّة النّاس الفلسطينيين، تخلط بين «غير شرعي سياسياً» في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وبين «غير قانوني دولياً»، لكن مع خطاب المحكمة الدولية الموجّه إلى إسرائيل، سنرى من نيسان ـ إلى حزيران، كيف ستتمكن فلسطين من إعادة قنطرة بين ما هو «غير شرعي سياسياً»، و»غير شرعي قانونياً»!
في 9 نيسان المقبل، ستبدأ المحكمة في محاكمة إسرائيل على ثلاثة مسارات: الاستيطان وجرائم حرب العام 2014 على غزة، وجرائم العام 2018 ضد مسيرات العودة.
في العام 2009 استلمت المحكمة إعلاناً من السلطة الفلسطينية بقبول اختصاصها، لكن الجواب الذي تلقّته كان من «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، والتي شكلت لجنة تحقيق برئاسة القاضي اليهودي ريتشارد غولدستون، من جنوب أفريقيا، وأدانت الجيش الإسرائيلي بشبهة جرائم حرب، دون تعاون مع إسرائيل لأنها رفضته!
لكن، من العام 2009 حتى شباط 2002، كانت فلسطين صارت عضواً في منظمة اليونسكو، ثم صارت «دولة فلسطين» عضواً مراقباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 2012.
في العام 2015 انضمت فلسطين إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وفي كانون الأول 2019 أعلن مكتب المدعي العام للمحكمة فاتو بن سودا، أنه سيفتح تحقيقاً بثلاثة مسارات: حرب 2014، و2018، وبالذات في الاستيطان اليهودي عموماً، ودون تحديد زمن من العام 1967 حتى الآن!
لا إسرائيل ولا أميركا أعضاء في نظام روما الأساسي للمحكمة، ومن ثم اتهمتاها بالعداء للسامية، كما انسحبت أميركا الترامبية من اليونسكو و»مجلس حقوق الإنسان» ثم عادت إدارة بايدن إليهما، كما عادت في مسائل أخرى!
كانت فلسطين قدمت شكوى إلى «محكمة العدل الدولية» حول جدار الفصل العنصري العام 2003، فقررت تلك المحكمة إدانة تعديات الجدار على الأراضي الفلسطينية، دون القطع في شرعيته الأمنية، لو أقيم على خطوط 1967، فقامت محكمة العدل العليا الإسرائيلية بتعديلات طفيفة على مساره.. ثم واصلت إسرائيل سياسة التوسع الاستيطاني.
الأمر خلاف ذلك في قرار الجنائية الدولية في النظر بالاستيطان اليهودي غير القانوني دولياً، وليس فقط غير الشرعي سياسياً، كما في قرار مجلس الأمن 2016 الذي لم تنقضه إدارة أوباما، باعتباره غير شرعي سياسياً لأنه يشمل نقل السكان إلى الأراضي المحتلة.
على صعيد جرائم حرب، اعتادت إسرائيل أن تفتح تحقيقات ذاتية، ثم تقوم بإغلاقها سريعاً دون متابعة،  وهذا ما ستفعله إزاء جرائم الحرب 2014 و2018، لكن لا تستطيع إسرائيل التحقيق مع نفسها في الاستيطان باعتباره «جريمة حرب»، ومن ثم تستخف بقرارات الشرعية السياسية ضد الاستيطان.
إذا رفضت إسرائيل التعاون مع مسار اعتباره «جريمة حرب» حسب القانون الدولي وليس فقط كخرق لقرارات الشرعية السياسية الدولية، فسوف تتم محاكمتها غيابياً، ولو شكلت لجنة تحقيق عسكرية في حرب 2014 و2018.
لذلك، أوصى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي المستوى السياسي بالحذر الشديد في الاستمرار بتوسيع الاستيطان، بما في ذلك شرق القدس، على أمل أن يتولى كريم خان البريطاني مهام المدعي العام للجنائية الدولية، خلفاً لفاتو بن سودا في حزيران المقبل، ويقرر إعادة النظر بالقرارات.
يشكل قرار المحكمة الدولية نجاحاً للدبلوماسية الفلسطينية الدؤوبة منذ العام 2003 حتى العام 2020، كما في البناء على عضوية فلسطين في اليونسكو، ثم عضويتها المراقبة في الجمعية العامة، ولهذا السبب قامت بسحب بطاقة الشخصيات المهمة (VIP) من وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، بعد عودته من اجتماع مع المدعية العامة فاتو بن سودا في مقر المحكمة بلاهاي البلجيكية.
يمكن لإسرائيل وأميركا ودول أخرى أن تتقبل تحقيقات أمنية تلفيقية في جرائم حرب 2014 و2018، لكن ليس في مقدورها الالتفاف على اعتبار الاستيطان كجرائم حرب مخالفة للقانون الدولي، وليس فقط للشرعية السياسية الدولية.
السؤال، هل تتمكن محكمة الجنايات من إصدار حكمها حول لاقانونية الاستيطان  قبل حزيران المقبل، أو ستصدر حكمها، وبالتالي ستطلب فلسطين من مجلس الأمن التصويت مجدداً على قرار مجلس الأمن 2016، وكيف سيكون موقف إدارة بايدن من قرار إدارة أوباما 2016، علماً أنها أعطت إشارات على انسحابها من «صفقة القرن» الترامبية، واعترافها بأن الاستيطان «ليس غير شرعي»؟!
كانت إسرائيل تريد ترحيل «الخان الأحمر»، لكنها الآن بعد قرارات الجنائية الدولية تقترح تحريكه قليلاً، وكانت إسرائيل تريد ضم الأغوار لو فاز ترامب، ويبدو أنها جمّدت الضم لصالح خطوات ضم تدريجية.
في الظاهر أن الشهور الثلاثة الحرجة لا تتعلق فقط بأزمة تأليف حكومة إسرائيلية، ولا في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، بل في صدور قرار الجنائية الدولية حول الاستيطان اليهودي.. هذا إذا صدر قبل حزيران المقبل وممارسة ضغوط على المدعي العام الجديد للمحكمة البريطاني كريم خان.
فلسطين مجبرة على قبول قرارات الجنائية الدولية حول إدانة «حماس»، لكن إسرائيل كدولة غير طرف في نظام المحكمة ستحاول عرقلة التحقيق الجديد الذي قد يفكر فيه المدعي العام الجديد للجنائية الدولية. لن ينقض القرار، لكن قد يؤجّل إدانة الاستيطان؟

حسن البطل

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024