أحمد سليمان عقل
نشر بتاريخ: 2021-03-30 الساعة: 11:28
بقلم عيسى عبد الحفيظ
أخيراً ترجل هذا الفارس الفتحاوي الأصيل عن صهوة النضال والمثابرة والعصامية في عمان بعيداً عن مسقط رأسه في مخيم عقبة جبر. هاجرت عائلته على اثر النكبة من قرية بيت نتيف إلى أريحا حيث سكنت في المخيم أسوة بأبناء شعبهم الفلسطيني الذي أُجْبِر على الهجرة.
حصل على تعليمه الابتدائي والإعدادي وكانت الهجرة الثانية بانتظار العائلة على اثر نكسة عام 1967م، حيث اضطرت العائلة إلى النزوح باتجاه مدينة عمان، وأنهى دراسته الثانوية هناك ليحصل بعدها على منحة دراسية في الجزائر حيث أكمل دراسته الجامعية في الهندسة الكيماوية، وبقي في مجال عمله حتى أحيل على التقاعد عام 2015.
ذهب إلى فرنسا من الجزائر في عطلة الصيف لتقوية لغته الفرنسية والتي كان لزاماً عليه الدراسة فيها وهناك تعرفت إليه.
خاض معنا نشاطات الاتحاد العام لطلبة فلسطين والتجربة التنظيمية بكل مراحلها الصعبة القاسية أحياناً خاصة عندما تبرز الخلافات الداخلية على السطح والتي كانت تؤدي أحياناً إلى التراشق بالاتهامات بل وتصل أحياناً إلى استخدام العنف، وهذا حال شريحة الطلبة وحماسهم وتعصبهم أحياناً إلى درجة الصِدام، رحل هذا العصامي الذي صمم على تنشئة أولاده جميعاً على عشق الوطن الذي لم يصلوه مرة واحدة.
فلسطيني حتى النخاع وفتحاوي أصيل تربى على العصامية والوطنية وطبق ذلك على أولاده الثلاثة وبناته الأربع.
تعود بنا الذكريات إلى المدينة الجامعية (بومرداس) التي تبعد عن العاصمة خمسين كيلومتراً والنشاط المحموم لإبراز كلمة فلسطين وللتعريف بها حين أصدرنا مجلة الحائط " فلسطين " أسبوعياً كانت بالعربية والفرنسية وليالي السهر للترجمة وكان أحمد هو المسؤول عن النصف الفرنسي.
وتعود الذاكرة إلى اللقاءات التنظيمية وما يكتنفها من استعداد للعطاء والتضحية خاصة عندما تتعرض الثورة إلى أزمة وما أكثر الأزمات فمن حرب لبنان الطائفية التي تم زجنا فيها رغماً عنا للدفاع عن الوجود الفلسطيني الثوري بل والجماهيري إلى غزة عام 1982م، والنفير العام للدفاع عن عروبة لبنان ووجود الثورة بل والوجود الفلسطيني بشكل عام.
أحمد عقل ذلك الصديق الوفي والذي لم تنقطع علاقتي معه حتى بعد تركي للمدينة الجامعية التي كان يُقيم ويدرس فيها والتحاقي متفرغاً في مكتب إعلام فتح بالعاصمة الجزائر، فقد واظب على زيارتي في كل فرصة تسنح له عندما يصل العاصمة الجزائر.
تدور الأيام ويتخرج أحمد مهندساً ويقرر العودة إلى عمان وحصل على عمل في القطاع الخاص كمهندس كيماوي ثم القطاع العام.
فجأة غاب صوته ولم أعرف بما جرى له إلا من ابنه البكر سليمان أطال الله في عمره الذي أخبرني أن والده هاجمته الكورونا اللعينة وهو في المستشفى وحالته صعبة، ولم تمضِ أيام قليلة حتى جاء خبر رحيله فإلى جنات الخُلد يا رفيق مرحلة الشباب.
ذهبت وأخذت معك أجمل الذكريات وإن كانت أصعبها ولكنها ذكريات الشباب بكل ما فيه من شقاوة ومغامرات واحتدام بل وصدام.
ها أنت تغادر يا صديقي قبلنا فلماذا سبقتنا أيها الأناني؟
اذهب رافقتك الرحمة والسلام لكن ألم يكن بإمكانك انتظارنا قليلاً؟
رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون
mat