ابتزاز السعودية المتكرر
نشر بتاريخ: 2021-03-01 الساعة: 09:16بقلم بكر ابو بكر
وأخيرا صدر التقرير الاستخباري الأمريكي حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وهو التقرير الذي طال انتظاره من عديد الدوائر، الأجنبية خاصة ومن أبرزها تلك المعنية بحقوق الانسان.
باديء ذي بدء لا بد من التأكيد على أن مقتل شخص واحد لا يقلل من قيمة الجريمة، أي جريمة، فقتل شخص واحد هو كمن قتل الناس جميعا، فمابالك بمن يستهدف فعليًا الناس جميعا؟
نؤكد أن الجريمة بحق خاشقجي مُدانة ومرفوضة من قبل الجميع، بمن فيهم الدولة السعودية التي قامت رسميًا بما رأته يحقق القانون، وهذا وفق الاجراءات السعودية.
المجرى الذي نريد الإضاءة عليه هو عملية نشر التقرير بحد ذاته، والذي يحاول أن يصوّر الولايات المتحدة الأمريكية وكأنها حامية الحقوق الانسانية!
الإدارة الامريكية ذاتها هي التي ارتكبت ومازالت مختلف الفظائع بحق الإنسان سواء داخل الولايات المتحدة ذاتها، أو خارجها، وإن وضعنا أمريكا داخليا جانبا، فإن نقائض دعم حقوق الانسان بالعالم من قبل الدولة الامريكية واضحة المعالم، خاصة في منطقتنا.
وللتذكير فقط فإن مأساة كل الشعوب العربية اليوم لا تخرج عن لعبة النفوذ والهيمنة والمصالح الإسرائيلية الأمريكية فيما يحصل في العراق وسوريا وليبيا...، وبالطبع في الماسأة المتواصلة في فلسطين.
إن الابتزاز الأمريكي وانحراف المقاييس وانحراف المعايير الأمريكية وازدواجية التعامل مع العالم تمنع الانسانية الحرة أن تمنح الإدارات الأمريكية المتعاقبة صكًا لتبرئتنها من انتهاكات حقوق الانسان، بل وانتهاكات حقوق الشعوب بأكملها كما تفعل بالتخصيص مع شعبنا العربي الفلسطيني.
الدولة الأمريكية التي أنشأت الكيان الصهيوني في فلسطين جنبًا الى جنب مع بريطانيا ومن خلال حصان الحركة الصهيونية، لم تكن تفكر بحقوق الانسان العربي الفلسطيني في أرضنا فلسطين، ولا بحقوق الانسان الأوربي اليهودي بأرضه في أوربا أو غيرها من الدول، وهو الذي الذي هُجّر الى فلسطين، بل كانت تفكر بمصالحها فقط، وأيضًا وفقًا لرؤى البعض الاستعماري/الانجيلي الصهيوني الآخر تلك الرؤى الدينية الخرافية.
ما يحصل في فلسطين يوميًا من قتل واغتصاب وعنصرية وضم واستعمار واحتلال، وما يقابله من دعم مستميت لهذا العدوان، من الإدارات الامريكية المتعاقبة التي يديها ملطخة بدماء الشعوب يكذب محاولاتها إدعاء الحفاظ على حقوق الانسان!
إن ما حصل من سرقة وابتزاز مهول للمملكة العربية السعودية من قبل إدارة الرئيس السابق المتصهين "دونالد ترامب" كان بغية دفع المملكة -في أحد الاتجاهات- للاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي وبناء علاقة معه، وهو ما لم يحدث ما يُسجل لهذا البلد العربي الهام بكل احترام شديد.
يأتي الرئيس الجديد "بايدن" ليكمل الحلقة من حول رقبة السعودية استتباعاً لذات الأسلوب الابتزازي المصلحي للبلد، وبما يضرّ بقضية العرب المركزية كما حصل عبر "صفقة القرن" ل"ترامب-نتنياهو" المقبورة، وبما تقوم به الإدارة الجديدة ضد العرب وضد المملكة لتظل دولنا جميعها دولًا ذليلة ومرتبطة ذيليًا بأمريكا، فتُريها ما ترى! من تضخيم العدو الاقليمي على حساب عدو الأمة والانسانية الذي زرعته أمريكا في الوطن العربي قسرًا، ومازالت ترعى هذا الزرع الاستعماري العنصري، ولو على حساب كل شعوب الأمة.
كيف للعربي أو للعربي الفلسطيني وحتى للانسان الحرّ أن يفهم وجود مصداقية للأمريكي في ظل سعيه الحثيث لتصفية القضية الفلسطينية عبر "صفقة القرن"؟ واليوم عبر استغلال دم إنسان بريء، وهو أي الأمريكي يقدم كامل الدعم المالي والعسكري والسياسي لكيان كامل احتل ويحتل وقتل ويقتل الآلاف في فلسطين ويتمدد بالجوار؟!
إن هذا ما هو إلا منطق القوة المهيمنة ومنطق المصالح وازدواج المعايير، والابتزازالمنظم وإن بأشكال متنوعة، لهدف إبقاء الأمة ضعيفة خانعة، خائفة على أنظمتها وبدعم الانعزاليين العرب، فتتخلى عن القضية الفلسطينية العامل الأول لتماسك الأمة، فلا حقوق إنسان لدى الإدارة الامريكية حقًا تهمّ، ولا إنصاف ولا حقوق ولا عدالة ولا قيم.
m.a