الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الرواية العربية الفلسطينية في مواجهة الادعاءات الصهيونية في فلسطين

نشر بتاريخ: 2021-02-28 الساعة: 08:08

بكر أبوبكر

 

       في إطار صراع الرواية والعمل على تأصيل الحق الفلسطيني و روايته التاريخية الإصيلة كصراع يضاف للصراعات حول القضية الفلسطينية المتعلقة بالصراع السياسي والعسكري و الاعلامي و الثقافي في سياق حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة غير القابلة للتصرف، في هذا الإطار انتهج الرئيس محمود عباس طريقا صعبًا حاول من خلاله التشديد في إبراز الرواية العربية الفلسطينية على مختلف المنابر ليضع الجيل العربي والفلسطيني القادم أمام تحديات قضيته، كما يضع الأمة التي تعتبر فلسطين قضيتها الأولى أمام مسؤولياتها ومذكّرا دول العالم بجذور القضية ومآلها.

          في 22/9/2016 في الأمم المتحدة يفتح الرئيس ابو مازن قرار التقسيم "وهو القرار الوحيد الذي يؤسس لدولتين على أرض فلسطين" كما أشار في خطابه، ويفتح إعلان بلفور غير القانوني رافضا سردية الاحتلال الإسرائيلي فيقول: (إن تحقيق مصالحة تاريخية بين الفلسطينيين والاسرائيليين تقتضي بأن تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن النكبة التي حلّت بشعبنا الفلسطيني ولا زالت).

          وفي تعرضه لإعلان بلفور في خطاب له عام 1997 يقرر أن (إعطاء أرض فلسطين دون وجه حق، أرض فلسطين لغير شعبها ..) قد أسس (لنكبة الشعب الفلسطيني بفقدان أرضه)، ولا يتوانى عن القول أن (إسرائيل قامت ومنذ العام 1948 بالاعتداء على الشرعية الدولية عبر انتهاكها لقرار الجمعية العامة 181 ...، بقيامها على أكثر مما خُصص لها [من مساحة] ، وهو انتهاك صريح للبنود 39،41،42 من ميثاق الأمم المتحدة ... الا أنه وللأسف لم يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته بمحاسبة اسرائيل على سيطرتها على أراضٍ مخصصة للدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم).

          إن ما يمكن أن نفهمه من الزاوية التاريخية والتعبوية في الرسالة السياسية الموجهة بوضوح لجميع الأجيال هنا هو التأكيد الصلب على [أرض فلسطين] في إشارة لا تخطئها العين أن الجغرافيا والإقليم والأرض والوطن في فلسطين،[1] رغم قرار التقسيم الذي أعلن ظُلما قيام دولتين، ومشيرا للتعدي الصهيوني حتى على الجزء الذي لم يخصص لهم، ما هو إشارة للسّمة العدوانية الاستعمارية الاستيطانية الاحتلالية لهذا العدوان الصهيوني الذي وقف العالم كلّه عاجزا أمامه، فلا مناص في الحد الأدنى من التأكيد على الحق الذي لن يضيع مادام وراءه مطالب.

وفي ذلك كله ردٌ على ترهات وأكاذيب وادعاءات نتنياهو التي كان قد بدأ يزفّها للعالم معلنا برعونة أن كل فلسطين بلده! [2]

 

نتنياهو يزوّر التاريخ مجدداً

          في 15/2/2016 قال (نتنياهو) في لقائه مع الرئيس الامريكي المنحاز والعنصري (ترامب) إن (اليابانيين من اليابان والصينيين من الصين ، مثل اليهود من يهودا)! في قاعدة عامة اتبعها في كل أحاديثه التي تميّزت بالخداع من جهة، وبتزوير التاريخ والتلاعب بالمصطلحات ، وإثارة المتدينين التوراتيين ومن ورائهم "المسيحيين الصهاينة" والتحريض على حرب دينية.

          رئيس الوزراء الاسرائيلي ذاته، وفي العام ذاته، ردّ على الرئيس أبو مازن ومطالبته بمقاضاة بريطانيا لإعلان بلفور غير القانوني قائلا: "لقد سمعت أن السلطة الفلسطينية تنوى مقاضاة بريطانيا حول اعلان بلفور، بمعنى ذلك أنها لا ترفض الدولة اليهودية فحسب، بل هي ترفض البيت القومي اليهودي الذي سبق الدولة اليهودية"!

          استطاعت الدبلوماسية الفلسطينية وكافة أشكال النضال، وامتدادا لإرث الخالد ياسر عرفات، أن تحقق الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب بالأمم المتحدة بتاريخ 29/11/2012 وكان هذا مكسبًا فلسطينيا صاعقًا للسياسة العدوانية الصهيونية، وأيضا وعلى رأسه نتنياهو ومن ورائه "المسيحيين الصهاينة".

 ففي هذا العام ومن على منبر الأمم المتحدة قال نتنياهو: "قبل 3000 عام سيطر الملك داود على بلادنا وعاصمتها الأبدية القدس"، مالا يستقيم تاريخيا، وإيغالاً في روايته التوراتية الخرافية – وهي للأسف شبيهة بالرواية التي تغلغلت في عديد كتب التاريخ الاستشراقي المسيحاني – يقول وذلك بتاريخ 4/3/2014 "آن الأوان لأن يعترفوا هم [الفلسطينيين] بإسرائيل كدولة يهودية"! وأكمل أنه وهو البولندي "جاء من القدس العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل والشعب اليهودي".

 وفي محاولة دحض بسيطة للجملة الأسطورية الأخيرة نكتشف أنه عبر التاريخ لم يكن هناك بتاتًا شيء اسمه [الشعب اليهودي][3]، ولم تكن القدس عاصمة لهذا ]الشعب[ الذي لم يوجد أصلا، ولم تكن هناك أرض اسمها ]اسرائيل[ وان وجدت إمارات/مخاليف تابعة لقبيلة بني اسرائيل القبيلة العربية المندثرة التي لا صِلة عرقية لنتنياهو بها.

          إن نتنياهو الذي يحاول بمشقّة إقامة الحُجّة بتكرار الرواية التوراتية، وفق مبدأ: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون فتصدق نفسك، التي تتحدث عن قبائل بادت، وعلى رأسها قبيلة اسرائيل العربية المنقرضة (سواء وجدت في فسطين أو اليمن أو البرازيل)، والتي لا صلة انثروبيولوجية له بها هي حُجّة باطلة كما بطلان الادعاء أن إمارة يهودا المندثرة تخصّه، وهو امتداد لها! فتلك ما هي إلا إمارات (مخاليف)[4] قديمة لا صِلة لها بغالب يهود العالم اليوم من قوميات متعددة غالبها أوروبية وروسية وغيرها، وفي المقابل فإن الانتماء الديني لا يتحول لقومي أبدا، فهذا شيء وذاك شيء مهما حاول نتنياهو ويمينه العنصري، وكهنته والحركة الصهيونية والمسيحيين الصهاينة أن يفترض أن الديانة هي قومية أو شعب لم يكن ولن يكون.  

 

المقاصد والغايات

إن استحضار الرواية التوراتية الأسطورية في حديث "نتنياهو" الدائم، والصهاينة أمثاله، تهدف لعدة غايات منها:

1.     استقطاب قطاعات التوراتيين المتدينين سواء من اليهود، أو من المسيحيين المتصهينين[5] والذين هم امتداد للاستشراق الغربي الذي حاول اسقاط مسرح وحوادث التوراة التي في معظمها خرافات وأساطير على أرض فلسطين قسرا، ففشل عند كل حبة رمل. [6]

2.     التهرب من الاستحقاقات السياسية والقانونية أمام حق الفلسطينيين في تقرير المصير وفي إقامة دولتهم ، وأنه يقرر أنهم ليسوا شعبًا وليست لهم أرض، بل هم ليسوا بشرًا لذا لا حقوق لهم أصلا.

3.     يعود نتنياهو للرواية التوراتية مستغلا التشابه بين الأسماء الواردة في القرآن الكريم، وفي التوراة وبين الاسماء التي اخترعها هو والاستعمار الغربي والصهيوني واسقطوها بشخوصها على بلادنا في عملية تزوير تاريخية متواصلة.

4.     يحاول اليمين الصهيوني والرواية الإسرائيلية اليوم تصوير أنهم من نسل الاسرائيليين العرب المنقرضين، وأن اليهود قومية! وهم بالحقيقة من قوميات عدة عبر العالم تكذّب أن اليهودية دين مغلق، بل على العكس كانت الديانة اليهودية ككل الأديان كانت مفتوحة لجميع القبائل والقوميات. ويثبت التاريخ أن الخزر (جنوب روسيا ما بين بحر قزوين والبحر الأسود) هم غالب سكان فلسطين من الديانة اليهودية اليوم. [7]

خطاب نتنياهو خطاب خرافات دينية لكنها متداولة، وخطاب تزوير للتاريخ ويا للتاريخ من جلادين، وخطاب عنصرية بغيضة كما هي كثير من نصوص (التناخ)[8] اليهودية بينما خطاب أبو مازن هو خطاب الحق السياسي والحق القانوني والطبيعي والحق التاريخي الأصيل الذي تعترف به كل ذرة رمل في أرضنا أرض فلسطين.

 

أصل القضية الفلسطينية

          هل نبدأ القضية الفلسطينية مع وعد بلفور في العام 1917، أم نعود للقرن التاسع عشرأو الثامن عشر، وما قبله؟ أم مع قرار التقسيم الجائر عام 1947 [9] أم لعلنا نقول أن فيها من العناصر ما يعود للبعيد؟ خاصة في سياق خرافات نتنياهو التي تعود الى 3000 عام كما يقول، والذي لو كان مثل هذا الكلام له من الحقيقة أو التاريخ أو السياسي أوالقانون أو الواقع شيئا لا نقلبت خرائط العالم رأسا على عقب، وبقيت فلسطين كما هي.

لنبدأ من القرن 17 حيث كان الاستعمار الغربي الموبوء بتفوقه على الشعوب الأخرى يتقدم بظله الثقيل وعنصريته البيضاء مدعيًا أنه يحمل الحضارة للعالم وهو يقتل ويدمر ويحتل ويستغل ويشوه الحقائق، هذا إن فهمنا أن عداءه العميق ذو الطابع الديني والتاريخي والاقتصادي قد جعل من معظم أوربا تحارب يهودها وتنبذهم وتقتلهم أو تنفيهم وتعزلهم في مساحة العداء المستحكم بينهم:

-         كانت "الكنيسة تنظر إلى دراسة العبرية كبدعة يهودية أو تسلية للهراطقة، اتُخذت خطوات عنيفة لاجتثاثها طوال القرون الوسطى. لكن الأمر تغيّر منذ عصر النهضة (القرن 14-القرن17)، فأصبح طلاب العلم يتقنون العبرية مع اللاتينية واليونانية، وسرعان ما أصبحت معرفة العبرية جزءاً من الثقافة الأوروبية العامة. أما حركة الإصلاح البروتستانتي فجعلتها جزءاً من منهج الدراسات اللاهوتية. وعندما تُرجم الكتاب المقدس إلى اللغات القومية المختلفة، في أعقاب ترجمة "مارتن لوثر" إلى الألمانية، أصبح ما ورد في العهد القديم من تاريخ ومعتقدات وقوانين العبرانيين وأرض الميعاد، أموراً مألوفة في الفكر الغربي، وغدت قصص وشخصيات العهد القديم مألوفة، بل عاد يسوع نفسه إلى مكانه في المخيلة المسيحية باعتباره نهاية سلسلة طويلة من "الأنبياء العبرانيين" كإبراهيم وإسحاق ويعقوب الذين صاروا محلاً للتبجيل بديلاً من القديسين الكاثوليك. ولما كان التعليم الذي يتلقاه معظم الناس يتكون أساساً من قراءة الأدب التوراتي، فقد أخذت الأجيال اللاحقة تعتبر فلسطين بمثابة الوطن اليهودي! فلا هجرة سوى هجرة إبراهيم، ولا وجود لمملكة غير مملكة داود التي سبقتها وتلتها ممالك كثيرة، ولم يعد الناس يذكرون من الثورات إلا ثورة المكابيين، وكان يبدو وكأن لا وجود للشعوب الكثيرة التي عاشت في فلسطين، مع أن معظمها عاش فترات أطول من اليهود."[10]

-         بدايات طرح "تجميع اليهود في فلسطين" بدأت في عهد "آرثور كرومويل"، الذي وعد اليهود بالوطن في عام 1655، وتقول ريجينا شريف في كتابها "الصهيونية غير اليهودية.. جذورها في التاريخ الغربي"، إن البدايات الأولى  لطرح فكرة "تجميع اليهود في فلسطين" كانت عام 1649، مرورا بعدد آخر من المبشرين بـ"الوطن اليهودي" ومنهم الليدي "أستر سترانهوف"، التي دعت وبشرت بالوطن اليهودي ما بين 1804-1819، وهناك المزيد من الوثائق التي مهدت كلها لـ"اختلاق إسرائيل في فلسطين على أنقاض إسكات ومحو الزمن العربي الفلسطيني".[11]

-         في العام 1799 كان اعلان نابليون الذي دعا يهود العالم للهجرة (العودة) الى فلسطين. وسرعان ما تلقف الرئيس الأميركي "جون آدامز الفكرة"، فدعا  في عام 1818 إلى "استعادة اليهود لفلسطين وإقامة حكومة مستقلة لهم"!

-         في العام 1839 أي قبل 57 عاما من اعلان بلفور قال "اللورد شافستري" أن فلسطين أرض بلا شعب! داعيا لتشجيع يهود الديانة للهجرة لفلسطين. [12]

-         في العام 1865 تم تأسيس "صندوق اكتشاف فلسطين"[13] في بريطانيا ليقوموا بتزوير المكتشفات في أرض فلسطين بما يتطابق مع خرافات مسرح التوراة التاريخي.

-         كان لعدد من الرؤساء الامريكان الأوائل وأبرزهم الرئيس الامريكي "جون آدمز" (1797-1801)  سياقا يهوديا[14]، فآدمز –كمثال- أرسل رسالة إلى الكاتب المسرحي والدبلوماسي اليهودي وعمدة مدينة نيويورك "مردخاي مانول نوح" جاء فيها: "أتمنى أن أراك على رأس مئة ألف يهودي لغزو "يهوذا"، وإقامة وطن قومي لليهود على أرضهم التاريخية"!

-         في العام 1840 "بالمرستن" وزير الخارجية الانجليزي يطالب العثمانيين بفتح فلسطين أمام اليهود ، فبنى للورد روتشليد مستعمرة (ريشون لزيون) في فلسطين.

-         كان "للصهيونية المسيحية"التي تأسست في القرن17 (أو المسيحية الإنجيلية كما هو الدارج)[15] دورا أساسيا في دعم هجرة اليهود الى فلسطين، ويشار في ذلك لكتاب "سايروس سكوفيلد" مرجعهم الأول والمنظّر لحق اليهود في وطننا، فيما كان "جون داربي" الامريكي يعتبر الأب الروحي لهم في أمريكا.

-         في عام 1891، قام مبشر مدينة شيكاغو "وليام يوجين بلاكستون"، بزيارة البيت الأبيض وتقديم عريضة للرئيس الأمريكي "بن جامين هاريسون" وقع عليها 413 من كبار الشخصيات من بينهم الرئيس الأمريكي اللاحق "وليام ماكنلي" تطالبه بالعمل على اقتطاع فلسطين من أملاك الدولة العثمانية، وإقامة دولة "كومنويلث" لليهود في فلسطين، وتحقيق آمال "ما قبل الألفية الثالثة" التي لخصها في كتابه "عودة المسيح".[16]

-         تيودور هرتزل هو أول من استخدم مصطلح "الصهيونية المسيحية" وعرف المسيحي المتصهين أنه "المسيحي الذي يدعم الصهيونية"، بعد ذلك تطور المصطلح ليأخذ بُعدا دينيا وأصبح المسيحي المتصهين هو "الانسان الذي يساعد الله! لتحقيق نبوءته من خلال دعم الوجود العضوي لإسرائيل، بدلا من مساعدته على تحقيق برنامجه الإنجيلي من خلال جسد المسيح".[17]

-         يتوجب الإشارة الى أن (التيار العام (خاصة الشعبي) كان مناهضًا لليهود لأسباب معروفة. وقد وصل هذا العداء إلى ذروته في الربع الأخير من القرن التاسع عشروحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، متمثلاً في العديد من المذابح (البوجروم) التي تعرضوا لها بدءًامذبحة كيتشنيف في روسيا إثر تورطهم في اغتيال قيصر روسيا اسكندر الثاني عام (1881) وصولا إلى الهولوكوست النازي خلال سنوات الحرب العالمية الثانية. وقد حقق لهم الاستقرار في شرق أوروبا في البداية أجواء الأمن والاستقرار والحماية، بل عملت القوانين لصالحهم. وترجع الكاتبة الأمريكية جينفر سينيور ذلك إلى قدرتهم على التأقلم السريع في البيئة الجديدة وعلى عدم اعتمادهم على الأعمال البدنية، وإنما الاعتماد على النشاط الذهني وممارسة التجارة، لاسيما وأنهم اختاروا مدنهم التي تجمعوا فيها في المناطق الحدودية ومفترق طرق التجارة، وانتهزوا فرصة عدم وجود جهات لإقراض المال، فعملوا في الربا والصيرفة- وهي المهنة التي برعوا فيها وكانوا يمارسونها حتى داخل الهيكل الثاني زمن السيد المسيح- لكن هذا العمل لم يلبث أن سبب لهم فيما بعد العداء من قبل الشعوب الأوروبية، وهو ما صوره لنا شيكسبير في تاجر البندقية، وديستويفسكي في الجريمة والعقاب)، كما أن انخراطهم في الجمعيات السرية وتسببهم في العديد من الثورات ونشر الفوضى في أوروبا جعلهم مكروهين)[18]

فإن كان هذا من شأن المسار الاستعماري الواضح الدلالة منذ القرن 17 ، فما ِشأن (نتنياهو) بفلسطين؟ أنه واليمين اليهودي العنصري، و"المسيحية الصهيونية" يقفزون عن هذا الواقع الاستعماري فهذا أصبح تاريخهم ولا ينكرونه، وإنما يعودون بالرواية الى الخلف كثيرا، أي الى التوراة ومسرحها المدعي انه بفلسطين، والمدعى أنه يتعلق بجمهوره من يهود العالم اليوم.

 

الرواية المتداولة المؤسفة، و"هيرودوت"

المؤسف اليوم أن الرواية العربية أو الرواية العربية الفلسطينية حول فلسطين تنهل لدى كثير من المؤرخين من نبع التوراة[19] غير الصالح للشرب!

 فنواجه بالمتساوقين العرب مع الرواية التوراتية، كما نواجَه برواية اليمين الديني الاسرائيلي والحركة الصهيونية ، وفي ذات الحال هناك الرواية الأوروبية المشبعة بعقدة الذنب تجاه يهودهم (اليهود الاوربيين من جنسيات وقوميات متعددة) الذين عانوا الأمرين عندهم، والى ذلك نجد الرواية التطهّرية من الذنوب لدى "الصهيونية المسيحية". الا ان الحقيقة لا يمكن أن تبقى مخفية تحت أكوام وأكداس الكتب القديمة، والنوايا الشريرة، ولا يمكن أن تبقى خرافات التوراة وزيفها المجال الوحيد الذي يتم النهل منه لصنع التاريخ في هذه المنطقة وفي العالم.

          لقد أسقط "هيرودوت" أبو التاريخ خرافات التوراة التاريخية، فعندما وطأ أرض فلسطين في القرن الخامس قبل الميلاد لم يسمع لا عن أورشليم ولا عن يهوذا، ولا عن هدم الهيكل ولا عن اسرائيل ولا السبي .. ولا زلنا حتى اليوم لم نسمع عن هؤلاء شيئا في فلسطين، من خلال الحجر وعلم الآثار، باستثناء خرافات الكهنة والصهيونية ونتنياهو، وحراس الفكر الآسن.

          و"هيرودوت" المسمى ابو التاريخ هو من أشار لفلسطين البلد أو فلسطين الاقليم المحدد جغرافيا وأحيانا ضمن سوريا-جنوب سوريا، أو بلاد الشام بوضوح وبلا أي لبس ما يكذّب ادعاءات التوراتيين.

          نحن وفي مواجهة الرواية التوراتية المختلقة حول فلسطين التاريخ التوراتي وجغرافيتها، تبرز الرواية الغربية الاستشراقية التي تحاول اسقاط خرافات التوراة على الآثار، في مقابل الرواية العربية الاسلامية المتأثرة في كثير من مفاصلها بأحداث التوراة! رغم تكرار إشارة النص القرآن الكريم للكهنة بأنهم المزورين ولا يؤخذ بكلامهم، الا بالتمحيص والتفكير والتدبر.

 

عودة إلى التاريخ السحيق

          يحاول رُواة التاريخ استنادا للرواية التوراتية وهي الرواية المكتوبة بما تسمى [النسخة السبعينية] أوالسبعونية[20] بعد ما لا يقل عن 500 عام من الأحداث المدونة فيها، ورغم بطلان الرواية إلا أنها ما زالت تمثل المستنقع الذي يَغرِف منه أساتذة التاريخ اليوم في مختلف دول العالم، بما فيها دولنا العربية والاسلامية.

          يقول عالم الآثار الاسرائيلي (اسرائيل فنكلشتاين) في كتابة: التوراة مكشوفة على حقيقتها، الصادر عام 2001 "إن الأدلة على احتلال تاريخي لكنعان على أيدي بني اسرائيل معدومة"، ومثلما حدث في قصة الخروج من مصر حيث كشف علم الآثار هنا فجوة ضخمة بين الخرافة التوراتية والوضع القائم في أرضنا أرض كنعان بين العامين (1230 – 1220 ق.م)، كما تنفي الآثار أيضا أن أريحا كانت مدينة محصنة بالأسوار، وما يقال حسب "فنكلستاين وشريكه بالكتاب سيلبرمان" عن احتلال أريحا ما هو إلا أسطورة.

          وإلى ذلك يقول أيضا "فنكلستاين": "أن العديد من أحداث التاريخ التوراتي لم تحدث لا في المكان ولا الطريقة ولا الأوصاف التي رويت في الكتاب المقدس العبري"، مضيفا "بل إن بعض أشهر الحوادث في التوراة لم تحدث مطلقا" ومؤكدا أن "قصص وروايات الكتاب المقدس العبري هي نتاج آمال ومخاوف وطموحات مملكة يهودا".

هذا وكان قد كتب عالم الآثار الإسرائيلي "زئيف هرتزوغ" في صحيفة هآرتس في 18/11/1999 قائلا أنه "بعد 70 عاما من الحفريات المكثفة في أرض فلسطين توصل علماء الآثار الى نتيجة مخيفة. لم يكن هناك شيء على الإطلاق . حكايات الآباء مجرد أساطير. لم نهبط مصر . ولم نصعد من هناك. لم نحتل فلسطين . ولا ذكر لإمبراطورية داود وسليمان".

 

جدل الروايات وتناقضاتها

من الممكن التعامل مع الروايات التاريخية القديمة المتعلقة بفلسطين بأشكال ثلاثة:

الشكل الأول: هو الرواية التوراتية، ولها ثلاث صيغ الأولى انها تشكل تاريخا معتمدا وهي الرواية الاسرائيلية و"الصهيونية الانجيلية"، والثانية الرواية الغربية التي تعمل على تطابق (أي تزوير) المكتشف مع أحداث التوراة، أما الصيغة الثالثة للرواية التوراتية فهي تلك الرواية العربية الاسلامية والتي هي اليوم للأسف في السائر والمتداول مليئة بالإسرائيليات حتى في عدد من تفاسير القرآن الكريم.

     أما الشكل الثاني للتعاطي مع الرواية فهو الشكل العلمي ويحتمل النظر إليه من هذه الزوايا:

o       نقض التوراة كمسرح تاريخ، وسجلّ تاريخي متسلسل.

o       نقض التوراة كسجل جغرافي للأحداث (مسرح الأحداث).

o       نقض التوراة لامتلائها بالمبالغات والخرافات والأكاذيب والأساطير والأماني.

o       نقض التوراة لانعدام القيم والاخلاق في كثير من النصوص ومنها العنصرية والعنف والفساد ووهم التفوق.

o       نقض التوراة لذات الشخوص فيها.

      أما الشكل الثالث للتعامل مع الرواية فهو إسنادها مرتبطة بالقرآن الكريم[21]، وهنا يجدر الاشارة للثوابت التالية:

1-    إن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، ما هي قناعتنا، ولكنه كتاب حكم وعِبَر وبرهان وبناء، وليس كتاب تأريخ متسلسل.

2-     القرآن الكريم (نورٌ مبينٌ) ومسار هدايه للصراع بين الحق والباطل، ومساحة ظليلة ومفتوحة للتأمل والتفكير والإيمان والتساؤل والاثبات، وفيما يخص الشأن التاريخي متروك للبحث والتقصي والدراسة دون الإضرار بثوابت النص القرآني.

3-    كما أن القرآن الكريم ليس كتاب فيزياء أو كيمياء أو علم نفس أو جغرافيا أو تاريخ الا أن الاشارات الهامة التي يحتويها في كل المجالات مرتبطة بمنهج التفكير الانساني المتغير.

4-    وعليه فإننا حين ننقض الرواية التوراتية تظل الأحداث والشخصيات الواردة في القرآن الكريم-كما جاءت فيه دون زيادة- حقيقة ربانية، ولكنها كما هو واضح لدينا ليست ذات صِلة بالسياق الروائي التوراتي لا جغرافيا ولا تاريخيا ولا في خرافاتها وأساطيرها حول الشخصيات والأحداث.

5-    القرآن الكريم لطالما حذّر من الركون لكلام الكهنة وللرواة الكذابين، ومنهم أولئك الجاحدين من قبيلة بني إسرائيل القديمة المنقرضة، أو أولئك المزورين من كهنة التوراة اليهود الديانة لاحقا على اندثار القبيلة.[22]

6-    (نحن – كمسلمين- نصدق ما جاء في التوراة وتطابق مع ما ذكر في القرآن الكريم، كقصة موسى. كما ونؤمن بأن القدس التي ورد ذكرها صريحا في العهد القديم (وأيضًا يبوس واليبوسيين، وأرض كنعان والكنعانيين، وفلسطين والفلسطينيين) هي أرض عربية إسلامية، ولا يضيرنا على الإطلاق أن تكون موطن أنبياء الله إبراهيم واسحاق ويعقوب والأسباط الاثني عشر وزكريا ويحيى، فهؤلاء كلهم كانوا – بموجب ما جاء في القرآن الكريم- مسلمين، لذا فالقدس هي أرض إسلامية عربية منذ القدم.)[23]

 

 

 

 

 

الصهيونية المسيحية

 السؤال المحيّرهو: لماذا الرواية التوراتية رغم خرافاتها وأسطوريتها وتناقضاتها ما زالت صامدة؟ أن ذلك يحتاج لدراسة وردّ وبحث، وفي الوقت نفسه التحلي بالنفس الطويل.

 فما استقر لآلاف السنين من خرافات ليس من السهل نزعه حتى من عقول بعض العلماء (خاصة منذ عصر النهضة في أوربا، من القرن14-17)، بين ظهرانينا، وهنا يبرز دور المسيحية الصهيونية في إعطاء القيمة الكبرى للروايات التوراتية كما هي استتباعا للبروتستانتية التي انشقت على الكاثوليكية، وان بسياقات أشد جعلت من الـ150 مليون "صهيوني انجيلي" بالعالم ومنهم الـ40 مليون في أمريكا يتحالفون مع المستشرقين مزوّري الوقائع لمصلحة خرافات التوراة من جهة، ثم لاحقًا مع الحركة الصهيونية ودولة "اسرائيل"، وما يدعمه جهلنا المدقع في الدفاع عن روايتنا وتنقية المليء منها بالشوائب أو ما سُمّي في الدراسات القرآنية بالإسرائيليات..

 

علماء يتحدون الرواية الخرافية

          إن هذه الرواية التوراتية بدأت بالتفتّت، ولم تعد تصمد أمام العقل والتدبر، وأمام العلم والآثار، وعلينا التمسك بذلك مهما طال الزمن، فهي أحد أهم أركان معاركنا التي نخوضها.

 الخيالات والأساطير التوراتية والتي يستند عليها "نتنياهو" وأشياعه، والصهيونية المسيحية، واليهود ستسقط، ولنا هنا أهمية الاشارة لعديد المفكرين والبحاثة والعلماء ممن يشككون أو يعارضون أو ينقضون هذه الرواية الذابلة أمثال الاسرائيلي "اسرائيل فنكلستاين" و "فيكتور سيجلمان" و "نيل أشر سبيلبرمان" و"زئيف هرتزوغ"، و"شلومو ساند" في كتابيهِ: خرافة أرض اسرائيل وخرافة الشعب اليهودي، وكذلك "أرثر كوستلر" اليهودي الهنغاري الذي ثبّت الأصول القومية لمعظم يهود العالم بأنهم الخرز الروس والاوروبيين في كتابه القبيلة 13.

          وفي الجانب العربي يمكننا الرجوع لكتابات العلامة فاضل الربيعي، والباحث فرج الله صالح ديب، وجمال حمدان، وأحمد الدبش وجميل الخرطبيل، ود.زياد منى، وفراس السواح والبحاثة د.إبراهيم عباس (وان بجغرافيا أو مسرح أحداث مغاير)[24]، وكمال الصليبي وغيرهم.

ولما أورده الباحث الاجنبي (يولويس فيلهاوزن) الذي اعتبر التوراة (اساطير وطنية) أو بالعودة للكُتّاب الكبار أمثال (توماس طومسون) و(كيث وايتلام) في تأويل التوراة باعتبارها نسخة متخيلة أخذها المستشرقون لاستعمار فلسطين والمنطقة ككل.

          نعيد القول أن تصدّينا للرواية المتداولة للتوراة، أو "التناخ" يعني أننا نصارع 5 جبهات هي اليمين الديني الاسرائيلي، والحركة الصهيونية التي تحالف معها الاستعمار، ومع المسيحية الصهيونية، ومع الغرب الأوروبي وعقدة الذنب تجاه يهودهم، وأيضا مع أصحاب الفكر الأسن[25] والمتساوقين مع الرواية التوراتية في الأمة.

 

مفاهيم مصححة

[فلشتيم] في التوراة هو اسم لقبيلة قديمة، وفلسطين نسبة للإله الذي تسمّوا باسمه، وهي قبيلة كما الحال مع قبيلة بني اسرائيل العربية البائدة.[26]

[موسى] ويشوع كما يشير لهم البحاثة الجدد هما عربيان يمنيان بلا جدال، وهناك كانت التوراة. "وهناك بعض الباحثين – ومنهم فرويد- يعتبرون موسى كاهنًا مصريا، وهناك من يعتقدون انه سودانيا"[27].

[كريت] أو كرتيم، وليس نسبة لجزيرة كريت اليونانية بل هي قبيلة عربية أخرى، وهي من وادي كرث نسبة للعربي (كراث بن هنوم) حسب الهمداني[28]، إذن لا أصول أوروبية للفلسطينيين.

[النيل والفرات] النيل والفرات الواردان في التوراة ما هما الا واديان في اليمن القديم.

[مملكة حِمْيَر] هي مملكة يهودية، وكان آخر ملوك اليهود الديانة في اليمن هو (هوذة السحيمي الحنفي).

[يهودا] قبل الملك (هوذه) خاض الأمير أو الملك (يهوذا) المعارك ضد الغزاة الرومان في ما يسمى حرب المكابيين (160-132 ق.م) في منطقة اليمامة. وهناك قول أن اليمنيين متصلين بشجرة هود النبي [يهوذة].

[كنعان] من كُنان، وهي قبيلة جزرية (جزرية/جزيرية نسبة للجزيرة العربية) من طيء.

[على خطى صموئيل والهمذاني] الذي فعله الباحث فاضل الربيعي في سفره الكبير فلسطين المتخيلة: أرض التوراة في اليمن القديم، أنه تتبع مسرح التاريخ والجغرافيا في سِفر صموئيل وقارنه مع كتاب وصف جزيرة العرب للهمداني ومع ديوان (سجِلّ) العرب وهو الشِعر ليكتشف زيف جغرافيا التوراة في فلسطين.

ومما يذكره أن وصف (بيت بوس) و(حصن صهيون) و(صور) و(الربّة) يأتي في نطاق وفضاء جغرافي واحد يستحيل أن يكون في فلسطين بل هو في اليمن، ومشيرا الى ان مدينة السلام صِفة أطلت على مدن عديدة في اليمن كمثال 

[هيرودوت وفلسطين] هيرودوت أبو التاريخ وطأ أرض فلسطين في القرن 5 قبل الميلاد ولم يسمع لا عن أورشليم ولا السامرة ولا يهوذا ولا هدم الهيكل ولا اسرائيل ولا السبي، بينما كان اسم فلسطين البلد والاقليم حاضرا، كما أنه ورد في الكتابات اليونانية والرومانية القديمة.

[هيرودوس] يشار للحاكم هيرودوس أنه إيدومي عربي وفي إشارات وجوده في فلسطين أو اليمن، فهو أقام معبدًا رومانيا للديانات وعلى رأسها الوثنية، وهو ما يدّعيه الاسرائيليون اليوم (الهيكل الثاني).

[مملكة سليمان] اليهود في اليمن يؤكدون أن مملكة سليمان عندهم قرب صنعاء (وكذلك أبحاث من ذكرنا أنفا من علماء عرب وأجانب) وكذلك ما ورد في مقابلة للباحث السوري نزيه المؤيد مع حاخام باليمن عام 1916 الوارد في كتاب رحلة في بلاد العربية السعيدة.

* يشار لتدفق القبائل العربية (العرب العاربة) الى فلسطين وشمال الجزيرة بدءا من 200ق.م لسبب الحروب والمجاعة.

[ قبيلة بني اسرائيل] (بني إسرءيل برسم مقترح من د.زياد منى للتمييز عن الجُدُد في بلادنا)هي اسم علم لقبيلة عربية قديمة، جاءت من قبيلة حِمْيَر سواء وجدت في اليمن (حسب الروايات الحديثة) أو حتى في فلسطين، (أو في أمريكا الجنوبية!) فهي قبيلة مندثرة لا علاقة لها بهؤلاء اليوم في بلادنا ممن تسمّوا بنفس الاسم، وهي قبيلة مندثرة تاريخيًا كقوم عاد وثمود ولوط وقوم نوح...الخ، والمعلوم أن الصلة الروحية أو الدينية بين الأقوام القديمة وبين المعتنقين للدين، أي دين، لا تؤسس لحق تاريخي أو جغرافي بمعنى أن كوني مسلم لا يعطيني حق الانتساب لقريش أو الادعاء بملكية مكة والمدينة، وكذلك الحال مع معتنق الديانة اليهودية وفلسطين.

[اسرائيل] الواردة في القرآن الكريم جاءت فقط كذكر لشخص أو لقبيلة بائدة منتسبة له، ولم تذكر اللفظة بتاتًا للإشارة الى (بلد / اقليم) أو (شعب) أو (وطن) أو (أرض) أو (مملكة) قط، وفي كثير من أحداث التوراة وردت كصفة لقوم أو قبيلة.

[ عابر ، اليهود، اسرائيل] من المهم التفريق بين المصطلحات الثلاثة فالأول جد أعلى (عابر)، والثانية ديانة، والثالثة قبيلة منقرضة. [29]

] د.إبراهيم عباس[ يكتب في مسار الدفاع عن فلسطين والقدس وعروبتها وحقنا ما يدحض الأباطيل الصهيونية في فلسطين، ولكن ضمن اعتبار مسرح أحداث التاريخ القديم أنه في فلسطين، كما الحال مع عدد من المفكرين والمؤرخين الآخرين أمثال زياد منى وفراس السواح وغيرهم.[30]

]  المؤرخون الجدد[ نجد أنه منذ سبعينيات القرن العشرين ظهر جيل من العلماء رفضوا الروايات التوراتية "الكتابية" نتيجة ظهور الحقائق استنادا للعلوم الحديثة المتصلة بالآثار واللغات القديمة والنقوش ومقارنة الأديان والإناسة (انثروبولوجيا) ودراسة علم تاريخ المناخ أمثال: توماس تومسون وفيليب ديفيز ، والأمريكي جوستا آلستروم (أعتبر الرواة الكتابيين غير صادقين)، ونيلز بيتر لمكة (اعتبر العهد القديم تاريخ مخترع ومخلوق مشوّه)، وجيوفاني غاربيني، وكيث وايتلام[31]

]جون بارتلت[ رئيس كلية كنيسة أيرلندا اللاهوتية في دبلن يقول عن التوراة أنها: "كتاب ذو أصول ومضامين متنوعة. فهو مجموعة مقتطفات تضم شرائع يهودية قديمة وأساطير وخرافات وترانيم وأناشيد وأغاني حب وأمثالا وتنبؤات وقصصا وتراجم وتواريخ ورسائل ورؤى وتأملات فلسفية كتبت في أزمنة مختلفة ما بين القرن 8 ق.م وبدايات القرن 2 ق.م وقد كتبها مؤلفوها العديدون لتستجيب لمتطلبات أزمانهم وليس لزمننا. أما المؤرخون منهم فقد كتبوا التاريخ كما رأوه هم وقدموا ماضي إسرائيل بلغة صممت لتستجيب لأجندتهم السياسية والدينية وليست لأجندتنا"[32]

[كيث وايتلام] يقول في تأويل التوراة أنها مجرد نسخة متخيلة أملتها تطلعات الفكر الاستشرافي لاستعمار فلسطين والمنطقة.

[فاضل الربيعي] هو و عديد المفكرين والبحاثة يرجّحون أن روايات التوراة -بعد تشذيب المبالغات والأساطير فيها-  وقعت في اليمن القديم[33]. ففي كتابه الثمين فلسطين المتخيلة، أرض التوراة في اليمن القديم والمكون من 1200 صفحة (لحقه كتبت عديدة أخرى منها "اسرائيل المتخيلة"، والقدس ليست أورشليم) يوضح  تطابق وانسجام السرد للمكان والزمان بين سفر صموئيل في التناخ، وكتاب الهمداني ومكان الاحداث، كلها في مكان هو سُراة اليمن بالبحر الأحمر، وما يشير إليه من قبيلة بني اسرائيل اليمنية الحميرية. ويشير الربيعي والدبش وديب لحقيقة التلاعب المقصود بالحقائق التاريخية والجغرافية.

[كمال الصليبي] وفي أبحاث كمال الصليبي وكتبه مثل: خفايا التوراة وأسرار اسرائيل، وكتاب: تاريخية اسرائيل التوراتية، والتوراة جاءت من جزيرة العرب ما اعتمد فيه على فقه اللغة (الفيلولوجيا) في تفسير التوراة خاصة سفر صموئيل الأول والثاني حيث قصة واود وسليمان. وفي اشارات العديد من العلماء لتشوّه النص التوراتي عندما نُقل من الآرامية الى اليونانية عندما كتب من 72 كاهن (التوراة السبعينية).

[الملوك في فلسطين] إن وجود الأنبياء لدينا كمسلمين ثابت، وهم كل من ذكروا بالقرآن الكريم، وهم أو بعضهم ممّن يسميهم اليهود الديانة ملوكًا وهذا شأنهم كما هي الحال مع داوود وسليمان، الا أنه لم يثبت آثاريا أوتاريخيا وجودهم في فلسطين.

[الهيكل] [34]: بنى الهيكل في أورشليم اليمن كدار عبادة أو مسجد للموحدين، وحتى ما يسمى الهيكل الثاني أو المعبد سواء في اليمن أو فلسطين حسب الروايات المختلفة بالجغرافيا كمسرح للاحداث القديمة فإنه بنى للعبادة للوثنيين وغيرهم من قبل هيرودوس.

[ اسرائيل فنكلستاين] مما يقوله "أن العديد من أحداث التاريخ التوراتي لم تحدث لا بالمكان ولا بالطريقة ولا بالأوصاف التي رويت في الكتاب المقدس العبري ... بل إن بعض أشهر الحوادث لم تحدث مطلقا أصلا". مشيرا الى أن التاريخ التوراتي تم تأليفه "لإشباع طموحات سياسية واصلاحات دينية وتبريرات أيديولوجية"، وما يكذب الروايات هذه تناقضات الآثار مع قصص التوراة.

[فيكتور سيجلمان] الصهيوني يؤكد أن علماء الآثار لم يعثروا على شيء ، ومع ذلك فهناك ارتباط يهودي بفلسطين!

[يوليوس فيلهاوزن] العالم الألماني يقول: يجب النظر للقصص التوراتية كأساطير وطنية تماما مثل ملحمة هوميروس.[35]

[أروشليم حسب فنكلستاين] كانت قرية نائية، والإسرائيليين كانوا غرباء، وليسوا من السكان الاصليين لكنعان كما يورد العالم (طوماس طومسون).

[الربيعي أيضا] يشير لوجود 3 مدن أو بلاد اسمها قدس، وواحدة اورشليم. والأربعة في اليمن القديم. ويشير الى أنه بحدود 130 ق.م هاجرت قبائل عربية وثنية وموحدة (يهود الديانة) لحاضرة الامبراطورية الرومانية أي الى الشام. ويشير لإقليم (بلاد السمرا) أنه ما زال حتى اليوم في شمال اليمن وهو ليس في فلسطين.

[احمد الدبش] مما يذكر الباحث أحمد الدبش أن أرض كنعان أو أرض فلسطين حسب الرواية الاستعمارية الاستشراقية هي ما تسمى (أرض الميعاد) وهذا باطل وخرافي، بينما الحقيقة أنها جزء من بلاد الشام.

-         والفلسطينيون قبائل جزرية (نسبة للجزيرة العربية)، وليست مصطلح سامية حيث لاسام بالتاريخ أصلا، استوطنت فلسطين.

-         ويشير لإطلاق هيرودوت على المنطقة من جنوب دمشق الى سيناء اسم فلسطين، ولا ذكر لديه للأحداث التوراتية كما ان الكتابات الاغريقية تصف سكان فلسطين حتى القرن 2 ق.م بانهم سوريين أو بسوريي فلسطين.

 

 

 

 

 

حقائق وجدل

1- قضيتنا ليست قضية دينية توراتية، ولا تاريخية قديمة خُرافية.

2- قضيتنا ليست قضية أرض تواجدنا [معًا] فيها مطلقا.

3- ولا يستقيم السؤال: هل هي أرض متنازع عليها؟ أم نحن غرباء؟ أم أصحاب الأرض؟ فنحن بلا جدال أصحاب هذه الأرض منذ الأزل.

4-  نرفض الفكرة الأسطورية العنصرية القائلة بوجود أناس مقدّسين (شعب الله المختار) وآخرين مدنّسين (الغوييم،الأغيار)؟ (حاشا لله أن يكون منه ذلك))

5- إن جوهر قضيتنا اليوم إنها قضية استعمار واحتلال لوطننا وبلادنا وأرضنا، ولا صلة لادعاءات هذا الاستعمار والاحتلال بالواقع والحقيقة من أي زاوية شئت، وإنما استند باغتصابه لفلسطين على أهداف توسعية واقتصادية استعمارية، ثم لخرافات توراتية.

6- القدس ليست محور أو جوهر الصراع العربي الصهيوني فقط، بل إن استعمار واحتلال كل فلسطين العربية هو الجوهر.

7- صراعنا ليس دينيا مطلقا، فلو أسلم كل اليهود المحتلين لبلادنا يظلون مستعمرين محتلين.

8- مقولة أن فلسطين هي أرض الأنبياء ما قبل عيسى، لا دليل عليها بتاتًا وغير ثابتة لا تاريخيا ولا آثاريا.

9- قام اليهود المحتلين لبلادنا عام 1949 بتزوير الأسماء العربية الفلسطينية لوطننا من أراضي ومدن وقرى وشوارع، ووديان ووِهاد وجبال وخِرب... الخ وتحويلها لأسماء توراتية بلجنة مزورين من 9 أشخاص (m.a

Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024