الرئيسة/  مقالات وتحليلات

جيلا جاملئيل .. اسرائيل في فلك عصر الانحطاط

نشر بتاريخ: 2017-11-28 الساعة: 09:23

موفق مطر تؤكد تصريحات مسؤولين اسرائيليين كبار تحليق عقليتهم السياسية في فضاء العصور الوسطى ، حيث كانت المنطلقات الدينية ومقتضيات أمن السلطان ( الملك ) وقدرته على السيطرة وديمومتها على الجغرافيا واقامة سلطته على الناس بالاكراه ، ملامح رئيسة للدولة الدينية حيث كان وظف الدين لخدمة الملوك المأخوذين برغبة السيطرة واخضاع الآخرين ، وسفك الدماء تحت عنوان الانتصار للعقيدة  التي كانوا ومازالوا يصيغونها بأقلام أطماعهم واهوائهم واستجابة لنزعة الاستبداد.

قد يكون مناسبا الرد على جيلا جاملئيل وزيرة  المساواة  الاجتماعية في حكومة نتنياهو بالقول لها : نعتقد ان اليهود المؤيدين لمشروعكم الاستعماري الاستيطاني  أغنياء ، وأموالهم المستثمرة في الجريمة التي تمارسونها ضد الانسانية ، بالاحتلال والاستيطان ، وتصنيع الفتن والحروب في العالم  قادرة على تحويل اي صحراء في العالم الى جنة ، هذا ان قبل واحد من هذا العالم التنازل لكم عن موطىء قدم في صحراء بلاده ، مثلنا نحن الفلسطينيون ، فكل جنات الدنيا لن نقبلها كبديل عن موطىء قدم في فلسطين ، اما سيناء التي اقترحت ان تكون مكانا للدولة الفلسطينية ، فانها جزء لايتجزأ من أرض الشقيقة مصر  العربية ،  التي هي جزء لايتجزا من الوطن العربي ، وكل متر مربع فيها مقدس كما كل متر مربع من جبال القدس ، وسهل مرج بن عامر وصحراء النقب .

 لايبدو كلام الوزيرة الخارجة على قوانين المساواة والعدالة الانسانية مجرد هلوسة ، وانما استحضار لأفكار ومشاريع كانت قد طرحت بعد حوالي سبع سنوات على اعلان انشاء اسرائيل في العام 948 ، ولم تفلح اسرائيل  والدول المساندة لها حينها ، والتي شنت الحرب على مصر في العام 1956من تمرير هذا المشروع ، ورغم محاولة  رئيس جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي نبش قبره ، وبث الحياة في عظامه المهترئة .

قالت جاملئيل :" إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية فكرة خطيرة لإسرائيل "مشيرة وقالت ايضا :" من  المستحيل إقامة دولةفلسطينية بين النهروالبحر " واضافت :" إن المنطقة بين نهرالأردن والبحرالمتوسط ،لايمكن أن تكون إلا لدولة "إسرائيل"؛لأسباب إيدولوجية ولأسباب أمنية ".

هذا تصريح واضح لايقبل الشك أبدا ، كما لايقبل التأويل في أن النظام السياسي في دولة الاحتلال  ( اسرائيل ) يدور في فلك القرون الوسطى ، وعصور الانحطاط التي مرت على الانسانية ، فكلامها بألأمس اقرار بذلك ، فهي تنسف كل مبادىء الفكر السياسي الانساني الحديث ، والقواعد التي ترتكز عليها الأمم الحضارية في ابراز الدولة بمفهومها المعاصر المنسجم مع  الحقوق التاريخية والطبيعية والسياسية والانسانية لأي شعب في العالم ، امتلك مقومات الدولة ، اذ لايوجد شعب في العالم لايمتلك ارضا تخصه وسلطة قانونية هي في المحصلة دولته ، وهذا ينطبق على الشعب الفلسطيني ، اما أقوال الوزيرة جاملئيل ، فهو يعيد للأذهان فكرة الجريمة التاريخية لبريطانيا العظمى المتمثلة في وعد بلفور ، وعندما ارهصت  وهيأت الأسباب لانشاء دولة على اساس ديني ( دولة لليهود في فلسطين ) أو ماسماه بلفور وطن قومي لليهود في ارض الشعب الفلسطيني الذي حرم منها بواقع الرؤية الاستعمارية ، لتسير بريطانيا في ذلك الوقت في عكس اتجاه المنهج التحرري والفكري  والثقافي لشعوب اوروبا ، ولتستكمل منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني هذا الدوران الذي نراه معاكسا لحركة الكون الانساني وقوانينه  وجاذبية الاستقرار والسلام المنشود لدى شعوب العالم  الحضارية المشبعة بالأفكار والقيم الانسانية النبيلة .

تعرف جاملئيل أن مابين النهر والبحر هو فلسطين التاريخية والطبيعية ، الوطن والحق الطبيعي للشعب الفلسطيني ، وأن اقرارها بالحاجة  الأمنية والايديولوجية كسببين رئيسين ترتكزعليهما في موقفها الرافض  لدولة فلسطينية  [Anchor] ، وتكريس ما اسمته السيادة الاسرائيلية على ارض فلسطين  التاريخية ، انما هو انغماس حتى مافوق الأنف في ظاهرة الارهاب في المنطقة ، حيث يروج لدعاية الدولة الدينية ، التي يجب انشاؤها بالقوة على كل شعوب المنطقة ، وتعداها الى حد  القول ( بغزو اوروبا في عقر دارها ) و وفرض السيادة عليها  واخضاع سكانها لسلطان هؤلاء المجرمين ، حتى وان اقتضى ألأمر ابادة السكان ألصليين او تهجيرهم  او تشريدهم أو نفيهم الى أصقاع  واراض في الدنيا غير أراضيهم واوطانهم التي ماعرفوا غيرها في التاريخ الذي خط اسفاره أجدادهم الأولين .. مايعني وبكل بساطة أن ما الجامع بين أدمغة الجماعات الارهابية الدولية ، وجماعة الحكم في اسرائيل  حبل سري ، لايهمنا تشخيص ايهما الرحم ألأصلي أو أيهما المولود ، بقدر ما يجب ان يعرف العالم ، أن قبوله بدولة اسرائيل اليهودية من النهر الى البحر  كما تدعي جملئيل تعني الاذن والمشروعية بعودة العالم الى عصور الانحطاط ، وتفجر أنهار الدماء الانسانية  البريئة . 

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024