المناضل التقدمي «داوود علي عريقات»: المساواة شرط للتحرر والاستقلال فيحاء عبد الهادي
نشر بتاريخ: 2021-01-31 الساعة: 09:07"إحنا بنِدعَم حقوق المرأة في المجال الثقافي، السياسي، وحقوقها كقيادية، إحنا بِنّاضل مع المرأة، وبكل قوة، من أجل المساواة التامة بين المرأة والرجل، في كل المجالات، حتى في الحقوق المدنية، وفي القضايا السياسية، والثقافية كلها؛ انطلاقاً من مبادئ المساواة بين المرأة والرجل، على هذه القاعدة".
داوود عريقات
حين يؤرَّخ للمناضلين المبدئيين؛ الذين ناضلوا طيلة حياتهم وفقاً لمبادئهم؛ يبرز اسم المناضل "داوود علي عريقات" (1934- 18/12/ 2020)، الذي نذر حياته للنضال من أجل حرية الوطن وحرية الإنسان. آمن بأهمية تكريس مبدأ المساواة لإنجاز التحرّر والاستقلال؛ ما جعله يربط بين القضايا السياسة والاجتماعية والثقافية، ويناضل ضدّ الاضطهاد القومي والطبقي في الوقت ذاته.
قاده فكره التقدمي التنويري إلى الانتماء منذ مرحلة الشباب إلى عصبة التحرر الوطني، ثم الحزب الشيوعي؛ عضواً في اللجنة المركزية، ثم عضواً في اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني؛ وتعرّض جرّاء انتمائه وموقعه في الحزب؛ للسجن عدة مرات، وللملاحقة والتعذيب والإبعاد، خلال فترة الخمسينيات حتى السبعينيات من القرن العشرين. تحمّل صنوف المعاناة كافة؛ لإيمانه الراسخ بعدالة قضيته، وبحتمية الانتصار مهما طال الزمن.
*****
عبر شهادته حول المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية منذ الثلاثينيات، ضمن مشروع التأريخ الشفوي، (الذي بادرت إلى تنفيذه إدارة المرأة/ وزارة التخطيط) عام 1998؛ فتح الشيخ خزائن الذاكرة؛ ليذكر عدداً من أسماء نساء فلسطينيات فاعلات، لم تدوَّن أسماؤهن في كتب التاريخ، ولم يعرف عن مشاركتهن السياسية؛ منهنّ والدته "عائشة الحاج خليل المكي"، وخالته "رقية الحاج خليل المكي"؛ ما ساهم في التأريخ لمشاركة متميزة للنساء الفلسطينيات، عبر محطات النضال المتعددة:
"معاناة المرأة أكثر بكثير من معاناة الرجل. كان مطلوباً منها كثير، في ظروف حياة صعبة جداً. نضال المرأة في فلسطين بدأ في فترة مبكرة جداً، وكان لها دور في العمل السياسي، في النشاطات الاجتماعية؛ فشهدت فلسطين قبل 48 العديد من المؤسسات النسائية في شتى المجالات، كان في القدس جمعية على رأسها الرائدة "زليخة الشهابي"، كان يتعاون معها الوالدة، وخالتي؛ يجمعوا تبرّعات، ينظّموا لقاءات، يشاركوا في الاحتجاج بشكل ملموس، النضال من اجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، حقوق المرأة، في كل المعارك اللي خاضوها رجال، ولو إنُّه كان أعدادهم موش كبيرة".
*****
يقدِّم المناضل شهادة فريدة عن مشاركة المرأة في عصبة التحرر الوطني، تثبت انتماء عدد من النساء إلى العصبة:
"كان فيه "رفقة الغصين" زوجة "رشدي شاهين" في العصبة، كانت "أم خالد" زوجة "داوود الترجمان"، و"آية شاكر" زوجة "عيسى شاكر"، مش عم تسعف الذاكرة بأسماء أكثر".
*****
وكما ساهم الشيخ داوود بالتأريخ للنضال السياسي للمرأة بشكل عام، كان شاهداً على انتظام المرأة الفلسطينية، داخل صفوف "الحزب الشيوعي الأردني"، ويعزو اهتمام الحزب بضمّ النساء، وتنظيمهن، في تلك الفترة التاريخية، إلى فكر الحزب التقدمي والتنويري، والذي يؤمن بمبدأ المساواة. ذكر دور القياديتين: "سلوى زيادين"، و"إميلي نفاع"، موضّحاً أنه لا يمكن فصل النساء في شرق الأردن، عن النساء في الضفة الغربية، في عمل الحزب الشيوعي الأردني، لأن عمله مشترك:
""سلوى زيادين" كانت عضو لجنة مركزية، أيضاً "إميلي نفاع"، وصلت مكتب سياسي، حالياً عِندنا في الحزب خمس نساء لجنة مركزية.
كان فيه تنظيم للمرأة تحت أشكال، وكان فيه مجلة، وهذا كان يوخذ طابع المشاركة في العمل الوطني بكل أبعاده. في حالات الاعتقالات، قضايا التوطين؛ يقوموا في مسيرات، احتجاجات، المظاهرات يكون فيها عدد مليح من النساء: "سلوى زيادين"، "حياة بدر"، "سلوى حرب"، "رفقة الغصين"، "وجيهة حمودة"، "رقية نجاب"، "أم مازن حنا"، "آية شاكر"، "آية جوهرية"، "أم مصطفى البرغوثي"، "عندليب مكاوي"، "أم عصام"، زوجة "عزمي طه"، زوجة "محمد سعادة"، ألقي القبض عليها مع زوجها في بيت سرّي، فيه مطبعة ومنشورات، وتعرّضت وزوجها لتعذيب شديد.
كان فيه مجلة اسمها: أنصار السلام في 51؛ لأنه كانت المعركة ضد الحروب، ضد الأسلحة النووية، كانت هذه إحدى المعارك اللي كانت تخوضها المرأة، من أجل السلام العالمي. استمرّت فترة، كانت تطبع على الستانسل؛ لأنه كانت مجلة (under ground)، كانت المرأة تشارك في هذه المجلة، في التحرير، في قضايا المرأة والمجتمع والحقوق والمسائل النضالية.
كمان "جمعية اليقظة النسائية" حركة كانت من أجل نفس الشيء، من أجل حقوق المرأة والقضايا الاجتماعية، وأيضاً المجال السياسي والنضال اليومي.
بَتذَكّر مسيرة نسائية كبيرة، سنة 52؛ نظّمتها النساء؛ لأنه كان عدد كبير من رجالات الحزب كانوا بالسجن. هاجموهم وضربوهم بالهراوات. كانت تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وسارت باتجاه رئاسة الوزراء.
وفيه مظاهرات كبيرة، رجال ونساء، قامت ضد حلف بغداد، سنة 55، شاركوا النساء فيها بفعالية، وسقطت أول شهيدة: "رجاء أبو عماشة" في القدس، بينما كانت تحاول تنزل العلم التركي. كانت ساكنة بأريحا، وتقدّم التوجيهي بالقدس.
عملنا لها قبر من الرخام في أريحا؛ لكن نحن بصدد إعادة ترميمه والزراعة حوله؛ حتى يظلوا هذول المناضلات في الذاكرة، ويكونوا قدوة للناس".
*****
ويشهد أبو سلام على مشاركة نساء الحزب الشيوعي في المؤتمرات الدولية:
"حياة بدر، وسلوى زيادين، ورقية النجاب؛ طلعوا وحضروا مؤتمرات دولية للسلام والمرأة: مؤتمر وارسو، هلسنكي، موسكو، فنلندا، كتير مؤتمرات".
*****
المناضل داوود عريقات،
زرعتَ الأمل والصمود أينما حللت، عبر مسيرتك الكفاحية الطويلة الملهمة. تحمّلتَ صنوف التعذيب أثناء اعتقالك المتكرر؛ مؤمناً بعدالة القضية، وبحق شعبك بالاستقلال والحرية.
سافرتَ إلى مصر لتدرس الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى، وأسّست بعد عودتك إلى الوطن صالوناً أدبياً باسم "صالون مي زيادة الثقافي"؛ في وعي عميق لترابط العمل السياسي بالحقلين الاجتماعي والثقافي.
آمنتَ بدور الموسيقى في تعزيز الصمود، والمقاومة؛ فصنعتَ عوداً من اليقطين، وأوتاراً من خيطان المسابح، في معتقل الجفر.
وبعد خمسين عاماً؛ صنعتَ عوداً آخر من اليقطين، في بيتك في أريحا/ في معتقل الوطن الكبير.
سوف نردِّد مع ابنتك وئام، ومع عشاق الحرية: "عودك رنان يا شيخ".
[email protected]
www.faihaab.com