الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الانتخابات ضرورة وطنية.. ولكن باسم برهوم

نشر بتاريخ: 2021-01-13 الساعة: 09:46


في الواقع الفلسطيني، الذي يعرف الجميع كم فيه من التعقيدات، نحن أحوج ما نكون فيه لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية. والهدف من هذه الانتخابات بات واضحا، أولا: تجديد شرعية النظام السياسي الفلسطيني، وتكريس الحياة الديمقراطية، بما يعني ذلك تكريس حكم القانون والمساءلة والشفافية. وثانيا: نحن بحاجة للانتخابات لكونها مدخلا لإنهاء الانقسام، وتداعياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فهي إذن وبهذا المعنى ضرورة واستحقاق وطني قبل أن يكون "شرطا لإدارة بايدن" كما تحاول أوساط إسرائيلية إشاعته، وإظهار أن الفلسطينيين لا يتحركون نحو مصالحهم إلا بضغوط خارجية...!!!

ولكن أريد أن أذكر هنا، أن أول من اقترح إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني هو الرئيس محمود عباس، وذلك في مبادرة أطلقها في آذار عام  2011 للخروج من حالة الانقسام. ثم أصبحت هذه المبادرة متفقا عليها مع حماس، في ما أطلق عليه حينه إعلان الدوحة. إذن هناك إدراك وطني للحاجة لانتخابات والعودة إلى الإرادة الشعبية، لتكون هي الحكم، وذلك من أجل الخروج من المأزق السياسي الذي وصلنا إليه عندما انقلبت حماس في قطاع غزة عام 2007 على الشرعية الوطنية. إدراك أهمية الانتخابات جاء مبكرا لكن تنفيذ هذا الإدراك تأخر كثيرا لأسباب داخلية وخارحية، ولكثرة المتدخلين في الشأن الداخلي الفلسطيني، إلا أن اعتقادا اليوم أن هذه التأثيرات قد تراجعت نسبيا، وأنها قد تتراجع أكثر مع إدارة "بايدن"، وبما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، التي يتفق الجميع على ضرورة تفعيل دورها كمرجعية سياسية متفق عليها، وتفعيل دورها خصوصا لإعادة الروح للنضال الوطني في الشتات الفلسطيني، بما يتعلق بالمنظمة، ومن أجل تحقيق الهدف المذكور، فإن هناك حاجة ماسة لتجديد الشرعية فيها على إعادة الحياة لمجلس وطني فلسطيني تتمثل فيه كل أطياف الشعب الفلسطيني، ويعمل بشكل منتظم وفي دورات عادية منتظمة. وبهذا الخصوص فان على كل هؤلاء الذين كانوا يستنكفون عن العمل النضالي في الخارج، بحجة أن المنظمة قد تخلت عن دورها، أن يكونوا على استعداد للانخراط مجددا من باب تجديد المجلس الوطني.

كل ما سبق يؤكد أن الانتخابات حاجة وطنية، ولكن السؤال كم نحن واثقون، على سبيل المثال، من أن إسرائيل لن تعرقل إجراءها في القدس.!! كما أن هناك سؤالا حول مدى ثقتنا من أن الانتخابات لو جرت ستنهي الانقسام، ويصبح للشعب الفلسطيني سلطة واحدة، وسلاح واحد، وقيادة وطنية شرعية تمسك وحدها بالقرار السيادي. فمن حقنا إذن أن نتساءل إذا لم تعقد الانتخابات لمثل هذا الواقع المشار له فما الفائدة من إجرائها إذن؟

هناك واقع كرسه الانقسام امتد لأكثر من 13 عاما، وخلال ذلك نشأ نمطان ومنطقان مختلفين بالمنهج والفكر. كنا نمت مصالح في ظل هذا الانقسام، فالسؤال هل سيتخلى أصحاب هذه المصالح عنها إذا لم تلب نتائج الانتخابات تطلعاتهم ومصالحهم الفئوية؟ نحن نعلم أن جلسات من الحوار لا تعد ولا تحصى قد جرت ونجم عنها اتفاقات، ولكن السؤال كم كنا صريحين مع بعضنا البعض، بأن الانتخابات فيها خاسر ورابح، وأن هدفها يجب أن يقود إلى سلطة واحدة، وسلاح واحد وقرار سيادي واحد، فالمسألة ليست تكتيكا بهدف تسجيل نقاط، أنها حاجة وضرورة وطنية.

المشكلة الأكثر تعقيدا، هل حماس جاهزة ليكون قرارها وطنيا خالصا، أم أنها ستواصل المناورة في إطار استراتيجية فوق وطنية، وبالمقابل هل فتح التي تمسك بالقرار الوطني المستقل من الممكن أن تسلم هذا القرار لأية جهة قد تكرسه لخدمة أجندات خارجية ...!؟ من هنا وحتى إجراء الانتخابات ربما نحن بحاجة لصياغة وثيقة وطنية تجيب على كل هذه التساؤلات والمخاوف، فالتجربة الماضية كانت قاسية وصعبة ومعقدة، وأن المعادلة هي أبعد ما تكون عن مقولة "من يفز يحكم"، فالواقع الوطني الفلسطيني أكثر تعقيدا، فنحن لا نزال دولة تحت الاحتلال.

مع ذلك، فإننا بحاجة لإجراء هذه الانتخابات؛ وأن المأمول أن تتصرف كل القوى بمسؤولية وطنية، فنحن نمر بأكثر المراحل مصيرية، وهي بالفعل إما نكون أو لا نكون، والمطلوب والحالة هذه هو أن نتصرف كفلسطينيين ولا تحركنا سوى المصلحة الوطنية الفلسطينية.

----------------------------
لا أعتذر
نشر بتاريخ: 12/01/2021 ( آخر تحديث: 12/01/2021 الساعة: 09:58 )
شارك

الكاتب: عيسى قراقع

ليست دولة ولا جيشاً ولا أسطولاً، انه الطفل الفلسطيني القاصر أحمد علي صافي 17 سنة، سكان رام الله، رفض طلب قضاة لجنة الافراجات الاسرائيلية في سجن مجدو الأعتذار امامها مقابل منحه تخفيضا على حكمه ل 30 يوماً، وهو معتقل منذ تاريخ 26/6/2020 وحكم عليه بالسجن لمدة 8 شهور.
الطفل أحمد قال للقضاة: هذي يدي ضربت دولتكم المحتلة حجراً أو حجرين وربما أكثر، يدي لا تعتذر.
هذي روحي الصغيرة استطاعت ان تقفز من فوق جدرانكم واسلاككم الشائكة وحواجزكم البغيضة لتصل في يوم جمعة الى القدس، على الروح ان تجد الروح في روحها، روحي لا تعتذر.
هذا جسدي الذي أثخنتموه ضرباً وتنكيلا ودعساً بأرجلكم وبساطيركم وهراواتكم منذ ليلة اعتقالي في منتصف الليل، نزف الدم من وجهي وانفي وكل اعضاء جسمي، جسدي لا يعتذر.
هذا صوتي الطفولي الذي خنقتموه في ساحة المدرسة، وحرمتموه النشيد الصباحي والأغنية، حشرتموه في زنزانة ضيقة، وكتمتم انفاسي في ليالي الشبح والعتمة، صوتي لا يعتذر.
هذا قلبي الذي خبأته امي في صدرها،أمي لا تنام، سرقوا ولدها الحبيب من حضنها وتركوا قلبها يرفرف كالطائر الذبيح، قلبي لا يعتذر.
هذا علمي الفلسطيني أرفعه في ساحة المدرسة، ارسمه على الدفتر واوزع الوانه على اسماء الشهداء وأضواء النجوم، علمي لا يعتذر.
لي حرية الحياة الى أقصى مدى، فوق أرضي هنا وتحت سمائي، لي شرعية الحلم، وهؤلاء القضاة يلاحقون شرعية الحالمين، أحلم بالحرية والدولة، حلمي لا يعتذر.
لي حجر وكف وأغنية لا يفهمها القضاة العسكريون ولا المترجمون، حجر يشبه رغيف الخبز وحبة السفرجل والوشم في اللغة، حجري لا يعتذر.
هذه المحكمة قصفت اعمار الآلاف من ابناء شعبي الرازحين في السجون، لا زالوا معتقلين فوق اعمدة الحديد، عمري لا يعتذر.
انا لم اصادر ارضاً ولم اهدم بيتاً، انا لم أحرق بستاناً وألاحق طيراً، انا غيمة اعادت ترتيب الأفق على ما تتسع يداي، غيمتي لا تعتذر.
ولدت تحت القصف، في الخوف، بين الرصاص والموت، لي امنيات خطفتها الطائرات، لي عيد ميلاد لم يأت، اصدقاء وهدايا وشجر، ميلادي لا يعتذر.
كبرت بين الصرخة والصرخة، وكان علي تعلم الكلام كي اكسر القاعدة، لائحة اتهام ام مشنقة؟ صرختي لا تعتذر.
انا هنا لست في محكمة، انها غرفة عمليات عسكرية، قضاة لا يميزون بين الطفل والقنبلة.
قضاة يمارسون التمييز العنصري، ينظرون الى الطفل الفلسطيني انه مشروع هتلر، يكرهون ابتسامتي وملامحي الجامحة.
لا اعتذر، لي ذكريات وذاكرة، لي احباء واصدقاء في السجن، لي أم وأب ومقاعد صف فارغة، السجن ارحم من الذل وارادة الأحرار من تفتح النافذة.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024