الرئيسة/  مقالات وتحليلات

حتى النصر ..فلسطين اعظم من الايديولوجيا

نشر بتاريخ: 2020-12-31 الساعة: 09:07

 موفق مطر 

لم تكن فتح لتحظى بموقع الحركة الرائدة والقائدة الا لسبب واحد وهي انها ربطت مصيرها بمصير الشعب الفلسطيني  اذ استلهم مناضلوها ارادتهم من مجموع ارادات الشعب الفلسطيني ، وتم صياغة الوعي التحرري الوطني من مجموعة كنز الثقافة والهوية الوطنية العربية الفلسطينية الانسانية.وتم تحديد الأهداف الاستراتيجية بمعيار الايمان المطلق بالحق التاريخي والطبيعي في فلسطين الأرض والجغرافيا , ونظم الأهداف التكتيكية بمعيار العقلانية والممكن ، فحياة الشعوب ومصائرها ليست مجالا للمراهنة  او المغامرة ، فالنصر مطلوب لكن على قاعدة مساواة التضحيات بالانجازات والانتصارات ، لذلك كان لابد من ايجاد معادلة التوازن، وهذا مافعلته دائما وما ستفعله  وفق الرؤية الشاملة لمصالح الشعب الفلسطيني العليا . 

كانت آلام مليونين من الفلسطينيين الذين اجبروا على الهجرة تحت ارهاب وضغط العصابات  الصهيونية المسلحة قاعدة ارتكاز الحق  الذي لابد منه لاطلاق شرارة الثورة ، فهؤلاء المظلومين سيكونوا السبب في تغيير وجه المنطقة  وهذا ماكان  وما يجب ان يكون . 

لم تكن فتح قالبا تنظيميا ايديولوجيا مصبوبا على مقاس قوة اقليمية او تيار اخواني أو ايديولوجيا متعارضة مع حركة الانسان المتقدمة ابدا على عجلة التطور .ولم تكن وليدة نظرية  لأن عوامل انطلاقتها كانت مهياة وموجودة  أصلا  ولم يكن مطلوبا الا تنظيم قدرات شعب فلسطين وصقل أهدافه وتحديدها بالتحرر , وبلورة مميزات شخصيته الوطنية بعد أن تعرضت لعملية طمس  وتفتيت  وطحن  على حجر رحى المشروع الصهيوني  بتركيز  شديد لم يسبق أن  تعرض له شعب الا الهنود الحمر في اميركا  . 

تناضل فتح اجل حرية واستقلال متوج بدولة فلسطينية مستقلة  ذات سيادة وعاصمتها القدس , ومن اجل عودة اللاجئين الى بيوتهم وديارهم وتأمين حقوقهم المشروعة ، ومن أجل بناء مجتمع فلسطيني حضاري متنور يتمتع الانسان المواطن بحقوقه ألأساسية وحريته ، فالمعارك في ميادين المقاومة مشروعة , واختراق دفاعات الاحتلال بهجومات سياسية دبلوماسية بسلاح الثقة  بالشعب ووعيه مشروعة , وتوظيف قدراته وصبره على التضحية والصمود يكون مشروعا عندما يكون مشفوعا بانجازات , وهذا ما استطاعت فتح تحقيقه ، فالاعترافات الدولية بدولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس ، هي رجع الصدى لايماننا بالحق التاريخي والطبيعي بارضنا ووطننا فلسطين . 

اطلقت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح  الثورة  الفلسطينية المعاصرة بعمليات كفاح مسلح منذ فجر  الأول للعام 1965، عمليات فدائية كانت استجابة طبيعية لآلام وعذاب ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين اغتصب الاحتلال حقهم في الحياة بكرامة في بيوتهم واراضيهم وقراهم ومدنهم في الوطن التاريخي والطبيعي  فلسطين ، واستطاعت اعادة رسم خارطة المنطقة ( الجغرافية -السياسية ) فكانت ومازالت المانع الرئيس أمام المد الاحتلالي الاستيطاني الصهيوني ، تصد محاولات  حفر بصمات المنظومة الصهيونية  على شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية ، ورغم كل الانحرافات في المحيط إلا أنها أعادت التوازن الى الوعي الوطني الفلسطيني والقومي العربي ، وتمكنت من ابداع اساليب كفاحية شعبية مشروعة ساهمت بفضل حالة المد والمدد الشعبي الفلسطيني والعربي باحداث تغيير جوهري وجذري على ثقافة المقاومة المشروعة ، فغدت صور الفدائي بالكوفية  الفلسطينية رمزا وطنيا وعربيا وعالميا للمقاومة والفداء . وصار نشيد الفدائي هو السلام الوطني للفلسطينيين في كل مكان. 

ماكان لفتح ان توجد وتستمر اكثر من نصف قرن لولا رؤية  قيادتها  ومناضليها المتبصرة لمستقبل الشعب  الفلسطيني  وامنه واستقراره وانتهاج الخيارات الصحيحة ، واختيارها السبل المنطقية الواقعية  عند كل منعطف ومتغير , فتحقيق الانتصارات  للقضية الفلسطينية  كانت دافع فتح لتطوير وسائل النضال ، واختيار انجعها ، بما يكفل ويضمن التقدم وتحقيق الاهداف الوطنية . 

استمدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني روحها ومقومات ديمومتها كحركة رائدة من ارادة الشعب الفلسطيني , واستلهمت من سجل كفاحه ونضاله وثوراته المتعاقبة مبادىء  الثورة الفلسطينية المعاصرة وصاغت اهدافها وبرامجها النضالية وعبرت في كل مرحلة عن تطلعات  وطموحات شعبنا ، ورفعت مصالحه الوطنية العليا فوق كل اعتبار , واتخذت من الوحدة الوطنية عقيدة سياسية  والسلاح  ألأقوى في  ميادين الصراع  مع منظومة  الاحتلال والاستيطان , الاسرائيلية العنصرية ، معلنة أن الأمة  العربية والوطن العربي عمقا استراتيجيا  لفلسطين الأرض والشعب  والقضية, وأكدت جذور المصير المشترك الرابط بامتنا العربية  ، وعملت دائما لأن تكون فلسطين محور  حركة القرار والعمل القومي العربي المشترك ، بالتوازي مع نضال على الساحات الدولية  لتثبيت مبدأ البعد العالمي الانساني لقضيتنا العادلة. 

مسيرة فتح مازالت طويلة وشاقة  والمهمات أمامها جسيمة وعظيمة ، تتطلب ثقة عالية  للتصدي للمسئوليات التاريخية ، فبناء مؤسسات الدولة لها من الأولوية ما يجعلنا  نؤكد أن شعار الثورة  حتى النصر الذي رفعته  الحركة منذ انطلاقها  يعني الانتصار أولا لعقل الانسان وحكمته  وقيمته وقيمه ، فالشعوب لاتنتصر بسلاحها وانما بابداعاتها الخلاقة لإثبات وجودها وحقها في الحياة. 

 سألني ضابط مخابرات في نظام عربي اثناء التحقيق معي : الى اي حزب تنتمي ، اجبته انتمي لحركة فتح ، اعاد السؤال :" ما تنظيمك السياسي  فأجبته فتح ، قال لي هل فتح حزب ، اجبته :" انها حركة تحرر ولكل حركة تحرر حزب ، ثم سألني محاولا استدراجي:" لو لم تكن منتميا لفتح  فأي حزب كنت تختاره لتكون عضوا فيه ، فأجبته ماكنت لأكون إلا مناضلا في فتح ، وهذا ليس تقليلا من شأن الاحزاب ، وانما لأني اخترتها بارادتي ، ولأنها تعبر عني " 

وبعد سنوات  وهنا على ارض الوطن فلسطين سالني صحفي :" لو عادت بك العقود  والسنين الى العام 1968 تاريخ التحاقك بفتح هل ستقرر ان تكون مناضلا في صفوفها وتنظيمها ..فأجبته نعم  أنها خياري لأن دربها تؤدي الى فلسطين الحرة المستقلة ذات السيادة ، لأن فتح نبض قلب الانسان الحر الوطني ، ومصدر الهامه ، فحركة فتح تعني فلسطين ، وفلسطين اعظم من الايديولوجيا ، وأكبر من احزاب الدنيا مجتمعة . 

 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024