الرئيسة/  مقالات وتحليلات

عودة اللاجئين... أصل الحكاية والرقم الصعب في حل القضية الفلسطينية!

نشر بتاريخ: 2020-12-27 الساعة: 12:46

*بقلم: فيصل أبو خضرا

بحلول أعياد الميلاد المجيد وقرب انتهاء العام٢٠٢٠ وبعد هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية وقرب تسلّم منافسه الفائز جو بايدن في العشرين من الشهر المقبل ووسط أزمة وباء كورونا التي لم تفرق بين دولة وأخرى او بين غني وفقير، وفي ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها شعبنا، وسط ذلك كله طفت على السطح مجددا آمال إطلاق عملية سلام جادة لحل القضية الفلسطينية وهو ما يدعو إلى التساؤل حول مرتكزات إطلاق أي عملية سلام وحول الثوابت الفلسطينية التي تشكل خطوطا حمراء في اي تحرك سياسي بهذا الشأن، والتي طالما أكد عليها الأخ الرئيس محمود عباس، في مختلف لقاءاته وخطاباته وتصريحاته.

 

بداية لا بد من التأكيد على أن من المستحيل انهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون عودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم المقدس فلسطين التاريخية، وكل كلام حول أي حل لا بد ان يشمل عودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم، التي هُجِّروا منها قسرا .

 

ولا يوجد أي زعيم عربي يستطيع الوقوف ضد عودة اللاجئين إلى ديارهم مهما حاول ان يجد حلولا بديلة بدعوى ان الشعب الفلسطيني سيقبل بها، اي التوطين او التعويض وغيرهما من "الحلول".

 

ان السلطة الوطنية بقيادة الأخ الرئيس محمود عباس أعلنتها بشكل واضح ان فلسطين وحقوق شعبها ليست للبيع حتى لو بمال الدنيا كله. وبالنسبة للقيادة الفلسطينية المعترف بها دوليا بقيادة الاخ الرئيس محمود عباس، فهي ملتزمة ومتمسكة بثوابت من المستحيل التنازل عن أي منها تحت أي ظرف وسواء كان الرئيس الامريكي من الحزب الجمهوري او الحزب الديمقراطي وهي :

 

- انسحاب الاحتلال الإسرائيلي إلى حدود الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ بما فيها القدس، العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.

 

- عودة اللاجئين الى وطنهم الأصلي وديارهم التي هجِّروا منها عام ١٩٤٨ وتعويضهم.

 

- دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

 

هذه هي الخطوط العريضة لأي حل ممكن قبوله من الجانب الفلسطيني، علما أن قبول الفلسطينيين بتقاسم فلسطين التاريخية وبحل الدولتين يعتبر كرما سخيا تجاه إسرائيل بعد كل ما ارتكبته بحق شعبنا، ولا يمكن التنازل بأي حال عن هذه الخطوط الحمراء.

 

لقد نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٤٢ للعام ١٩٦٧ في أحد بنوده على ايجاد حل عادل لقضية اللاجئين دون ذكر العودة أو الرجوع الى الي القرار الأممي رقم ١٩٤ للعام ١٩٤٩م. ولكن بالنسبة لنا فإن التفسير الوحيد لهذا البند يعني العودة والتعويض ايضا لان التعويض وحده عن املاك اللاجئين يعني التنازل عن جذورهم وعن ديارهم، وهذا غير مقبول لان أرضنا المقدسة ليست للبيع.

 

وفي الحقيقة يجب على دول الطوق جميعها ان تعترف بمسؤليتها أيضا عن عدم عودة اللاجئين الى بلادهم فلسطين، والسبب ان هذه الدول التي يقيم فيها اللاجئون قد وقعت هدنة دائمة مع العدو في العام ١٩٤٩-١٩٥٠ م بدون شرط عودة اللاجئين إلى ديارهم مما تسبب في نكبة أخرى إضافة لنكبة العام ١٩٤٨م، لأن عودتهم كان من الممكن ان تمنع الكثير من التداعيات المأساوية الخطيرة الخاصة بالقضية الفلسطينية ولحققنا انجازا حقيقيا بدون طلقة نار واحدة.

 

اليوم وفي هذا الوقت الذي يرى فيه الشعب الفلسطيني تطبيعا كاملا من قبل البعض مع العدو المغتصب لوطننا وحقوقنا والذي يهدد الأقصى والاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس، يجب ان يفتح الفسطينيون جميع الملفات التي ادت الى ما نحن فيه من تراجع للقضية الفلسطينية بل من انهيار كامل . وهنا نشير لثلاثة أسباب وهي الانفصال المشين من قبل "حماس" ، ومواقف الدول العربية التي اخذت على عاتقها إنهاء الاحتلال ولم تستطع حتى اليوم من تحقيق ذلك، وتكالب الدول الاوروبية وامريكا وروسيا على دعم المعتدي بدلا من الوقوف الى جانب حق الشعب الفلسطيني في ارضه وارض اجداده رغم التمايز بين مواقف هذه الدول.

 

الشعب الفلسطيني لم يعتد على العصابات الاشكنازية التي أتتنا من شمال اوروبا بحجة ان النازي اعتدى على اليهود ، وهذه حجة سخيفة خصوصا ان وعد بلفور المشؤوم والظالم صدر في العام ١٩١٧م اي قبل وجود النازي مما يؤكد التآمر الاستعماري البريطاني الأوروبي ضد شعبنا وامتنا العربية قبل النازية.

 

الشعب الفلسطيني يعرف تماما المكر البريطاني الامريكي الاوروبي، فهذه الدول قررت زرع هذا الكيان السرطاني في قلب الامة العربية وقسمت الوطن العربي الى دول وارست التفرقة الدينية والمذهبية لاضعاف العرب ولسرقة اموال وثروات الوطن العربي، كما افتعلت هذه الدول الاستعمارية النزاعات بين الدول العربية وغذت الخلافات الداخلية حتى تستنزف ميزانيات العرب وقدراتهم لشراء السلاح القاتل للشعوب العربية المسالمة.

 

لقد قبل الشعب الفلسطيني السلام في ظل اختلال ميزان القوى وفي ظل استمرار استهداف الشعب الفلسطيني ووجوده رغم معرفتنا أن لا حق للعدو، ان كان سنده المزعوم توراتيا او تاريخيا، وان مزاعم الصهاينة بأن سيدنا ابراهيم، اب الانبياء، كان يهوديا فهي قمة التزوير والكذب على الدين والتاريخ، لأن سيدنا ابراهيم طرد من العراق هو وزوجتة سارة لانه لم يكن يعبد الأصنام وكان موحدا، اي لا يعبد الا الله وحده، ولم يكن يهوديا، ومن بعده هرب النبي موسى من فرعون مصر الى صحراء سيناء بعد ٧٢٢ عاما من النبي ابراهيم عليه السلام، ومن بعده أتى النبي يشوع بن نون، الذي عبر نهر الاردن الى أريحا في العام ١١١٨ قبل الميلاد، الذي تنص التوراة على انه نكل بأهل اريحا الكنعانيين الذين هم اصحاب ارض فلسطين التاريخية، وقتل كل من فيها نساء ورجالا وأطفالا، وغير ذلك من المقولات والزاعم فهو كذب وتزوير للتاريخ بامتياز.

 

وللعلم فإن هذه العصابات القادمة من أوروبا التي احتلت أرض فلسطين هي من أصول آرية وليست سامية، أما اليهود "الصبرا" والسفردين -الشرقيون- الذين عاشوا معنا فهم من العرق السامي .

 

وغني عن القول ان هذه العصابات ارتكبت أكثر من ١٥٠ مجزرة ضد شعبنا، يندى لها جبين الإنسانية، وهي موثقة، مقابل جيوش عربية هزمتها هذه العصابات، والذي دفع الثمن حتى يومنا هذا هو الشعب الفلسطيني المسالم.

 

الان هزم الرئيس الامريكي ترامب الصهيوني الجاهل دينيا وتاريخيا واهدى الصهانية الذين احتلوا فلسطين ما بقي من الاراضي الفلسطينية والجولان السورية وكأنها املاك امريكية، ونجح في الانتخابات الامريكية جو بايدن ذي الميول الصهيونية، ولا مانع من فتح صفحة جديدة معه، ولكن لا تنازل عن الثوابت، وخصوصا عودة اللاجئين الى وطنهم الاصلي فلسطين واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. فقصة اللاجئين هي أصل الحكاية ومحور قضيتنا ولا يعقل ان يكون هناك اي حل دون حق العودة الذي هو حق فردي وجماعي غير قابل للتصرف ووفق قرار الشرعية الدولية الذي ينص على حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين.

 

هذه هي ثوابتنا الفلسطينية التي طالما أكدها الأخ الرئيس محمود عباس وكافة القوى والفصائل الفلسطينية التي يحتّم عليها واجبها الوطني اليوم انهاء الانفصال والاتفاق على ما هو مشترك، خاصة قرارات الشرعية الدولية والقوانين 

 

الدولية، وكفى تشرذما فالمستفيد الأول هو عدونا ... وكل عام وشعبنا بمسلميه ومسيحييه ووحدته وأمتنا بخير... والله المستعان.

 

*عضو المجلس الوطني الفلسطيني

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024