الرئيسة

إسرائيل ويهود أميركا: شرخ يتعمق وعواقب وخيمة

نشر بتاريخ: 2018-08-02 الساعة: 09:27

الناصرة- عرب 48- اتبعت حكومات بنيامين نتنياهو، التي شارك وما زال يشارك فيها أحزاب الحريديين التي تمثل التيار اليهودي الأرثوذكسي، سياسات ضد التيارين الإصلاحي والمحافظ، تتمثل بإقصائهم من الحيز الديني، سواء كان بأماكن يعتبرها اليهود مقدسة أو فيما يتعلق بالأحوال الشخصية. وبالإمكان وصف هذه السياسة بأنها عنصرية ضد اليهود غير الأرثوذكس، وأدت إلى شرخ بين الجانبين، يبرز خصوصا بين إسرائيل واليهود الأميركيين، الذين يشكلون أكبر تجمع يهودي خارج إسرائيل. وبدأ هذا الشرخ يبرز على خلفية هذه السياسة الإسرائيلية، وأيضا بسبب عوامل أخرى أبرزها استمرار الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وسن القوانين العنصرية في إسرائيل مثل "قانون القومية"، ما يدفع نحو حالة اغتراب متزايد تجاه إسرائيل لدى اليهود الأميركيين.

سعت اليهودية الأرثوذكسية إلى السيطرة على المجال الديني منذ تأسيس إسرائيل، بموجب تفاهمات بين الحريديين ورئيس حكومة إسرائيل الأول، دافيد بن غوريون، وهي تفاهمات تعرف باسم "الستاتيكو"، أي الوضع القائم الذي يتغير، ويشمل أيضا علاقة الدين والدولة. لكن في حزيران/يونيو العام 2017، صادقت اللجنة الوزارية للتشريع على قانون التهوّد الحكومي، الذي يمنح الحاخامية الرئيسية سيطرة حصرية على منظومة التهود في إسرائيل، ويمنع الاعتراف بعمليات تهود أجراها حاخامون إصلاحيون أو محافظون في إسرائيل. وفي موازاة ذلك، جمّدت الحكومة الإسرائيلية "خطة الحائط المبكى"، التي كانت تسمح للإصلاحيين والمحافظين بإقامة صلوات مختلطة للرجال والنساء في منطقة خاصة بهم في ساحة حائط البراق، إثر اعتراض الحريديين. وقد جرى هذا التجميد بعد عدة أيام من المصادقة على هذه الخطة.

ووفقا لدراسة نشرها "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، مؤخرا، وحذرت من عواقب الشرخ الذي يتعمق باستمرار بين إسرائيل ويهود أميركا، فإن عدد اليهود الأميركيين 5.3 مليون نسمة، ونسبة اليهود الأرثوذكس هناك بالكاد تصل إلى 10%، بينما نسبة الإصلاحيين تصل 35%، ونسبة المحافظين 18%، إضافة إلى 36% الذين لا يشعرون بالانتماء إلى أي تيار يهودي، ويتميزون بأنهم يحملون قيما ليبرالية. ويعتمد هذا التقدير الديمغرافي على تعريف بحثي تقليدي، مفاده أن اليهود الأميركيين يتألفون من مجموعتين: أولئك الذين يعرفون أنفسهم كيهود بموجب الشريعة اليهودية، ويبلغ عددهم 4.2 مليون نسمة؛ والمجموعة الثانية هم يهود من الناحيتين العلمانية والثقافية ولا يعرّفون أنفسهم كمنتمين للديانة اليهودية ولكنهم تربوا كيهود وأحد والديهم يهوديا، وعددهم 1.1 مليون.

وقالت الدراسة إن "هذا الشرخ الجديد – القديم يقوض شعور قسم كبير من يهود الولايات المتحدة بالتعاطف مع دولة إسرائيل، واستمرار الدعم السياسي والاقتصادي لها". ورغم أن تفاهمات "الستاتيكو"، في العقود الماضية، لم تؤثر على العلاقات بين إسرائيل ويهود أميركا، "لكن ثمة مؤشرات تدل على أنه ربما تشكل التحولات السياسية التي طرأت في العام الأخير نقطة تحول في العلاقات بين الجانبين"، وفقا للدراسة. وهذه التحولات هي:

أولا، بعد أيام قليلة من إقرار قانون التهود الحكومي، جاء رؤساء لجنة الشؤون العامة الأميركية – الإسرائيلية (أيباك) بشكل طارئ إلى إسرائيل، والتقوا مع رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، "من أجل توضيح التبعات الخطيرة للقانون بنظرهم".

ثانيا: أفادت تقارير أرسلها دبلوماسيون إسرائيليون في الولايات المتحدة بأنه منذ تجميد "خطة الحائط المبكى" وصلت توجهات كثيرة للغاية إلى القنصليات الإسرائيلية من جانب جاليات يهودية، وحتى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أوعزت للقناصل بالاستعداد لإمكانية تصعيد على شكل مظاهرات يهود خارج القنصليات.

ثالثا، نُشرت في وسائل الإعلام الأميركية، في الاشهر الأخيرة، تصريحات كثيرة ليهود أميركيين يعبرون عن نيتهم التوقف عن التبرع لإسرائيل.

رابعا، أعلن مدير عام الرابطة اليهودية في شيكاغو أن أعضاء الكنيست الذين أيدوا قانون التهود ليس مرحبا بهم في شيكاغو.

أفول متواصل بتأييد إسرائيل مقابل ارتفاع التأييد للفلسطينيين

قالت الدراسة إن لاستفحال هذا الشرخ عاقبتين مركزيتين بالنسبة لإسرائيل، في مستويي الهوية والإستراتيجي: على مستوى الهوية، شرخ مع قسم كبير من يهود أميركا، الذين يشكلون ثُلث يهود العالم، من شأنه أن يثير أسئلة ثاقبة حيال قدرة إسرائيل أن تشكل عاملا موحدا لليهود وبيتا قوميا. أما على المستوى الإستراتيجي، فإنه بسبب حقيقة أن العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة تعتمد وتتأثر من طبيعة العلاقة بينها وبين يهود أميركا، فإنه من شأن هذا الشرخ أن يمس بعلاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، حليفتها الأكثر أهمية وإستراتيجية. وينبع ذلك من أن هذا الشرخ من شأنه المس بحافزية يهود أميركا على أن يستخدموا تأثيرهم من أجل ممارسة ضغط على الإدارة الأميركية لمواصلة تقديم المساعدات لإسرائيل في المجالات المختلفة.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024