الرئيسة/  مقالات وتحليلات

القدس والوصفة السحرية للنصر

نشر بتاريخ: 2017-08-07 الساعة: 10:02

بقلم بكر أبوبكر - استطاع العرب الفلسطينيون ان يثبتوا للعالم  كفاءة الفعل المتناسق والفعل الناجز عبر صلوات الفجر والعشاء وما بينهما من صلوات، وحُسن عمل  وكثير دعاء، فتعلقت قلوبهم بالاقصى وكانت أرواحهم الهائمة تحف بالمسجد العتيق من كل جانب فقدموا ما لديهم غير عابئين بظلمة الدرب ومرارة ارهاب المستعمرين القتلة وعسف الاحتلال.

نصر فلسطين كان بالارادة الصلبة، والتصميم، دون افتقاد الهدف الواضح والمحدد والجامع، حيث وضعوا خطا عريضا تحت الجملة التالية: يجب أن تعود الأمور على ماكانت عليه قبل نصب البوابات وآلات التصوير.

 وكان النصر على جزئيته التي هي جزء من الصراع الطويل متمثلا بوحدة القلب والروح والجسد فلم يشذ عن الصف الا قلة منبوذة من الشعاراتيين الانتهازيين الذين حاولوا أن يحصدوا في حقل غيرهم فطردهم البيدر وبالت عليهم الثعالب .

خسر الانتهازيون فلا تهديداتهم الفارغة أسمعت أحدا ولا استعراضاتهم التائهة أقنعت طفلا كان يغالب النعاس ليمسك بيد والده وهو يهرول لصلاة الفجر عند بوابات وأسوار أقصانا أنهم على بينة.

في المسجد الاقصى تعلقت القلوب بحب الله ورسوله-وكان الأحبة، ويا للفزع عند العدو- وكانت هي قلوب المسيحيين والمسلمين الذين ملكوا المكان أبد الدهر، وعاشوا في أخوة ضربت في الآفاق نموذجا قهر الاحتلال ورسم صورة لن يستطيع التاريخ أن يرى مثلها اليوم الا في القدس.

في القدس انتصرت ارادة الفلسطينيين جميعا من سكان المدينة المقدسة، ومن اخوانهم القادمين من كل أنحاء فلسطين كلها، بل وانتصرت القدس نصرها المعلق بالاعتماد على الله بدعاء ووعي وحرص ونشاط كل الفلسطينيين بالداخل والخارج، والأحرار جميعا في الامة العربية والاسلامية، والعالم.

لا نصر فردي ابدا فيما حصل بالقدس، وليس نصر المقدسيين وحدهم كما قد يفترض دعاة الفرقة والأنانية المفرطة، وليس نصر حركة فتح وحدها كما قد يقول قادة الميدان من المرابطين والمعتقلين والمبعدين منهم، كلا وما النصر الا من عند الله.

انتصرت ارادة العمل والتناغم وتنسيق الخطوات ووحدة الكلمة والصف، فكما اصطفوا بنظام ونظافة وتناسق وبلا فُرَج في الصلوات الخمس على ابواب الاقصى اصطفوا وراء القيادة، فتعانق النداء في المآذن والكنائس وذابت في القدس العصبيات الحزبية البغيضة، فلم يكن لهذا الفصيل أو ذاك الا فلسطين. 

خجل الكثير من أقطاب الأمة لضعف الحراك العربي والاسلامي، ونعى الكثيرون أمتهم التائهة تحترب عند بوابات الفتنة الطائفية والفرقة الاقليمية ومغانم السلطة، وشق على الآخرين ادارة الظهر حتى كانت عبارات التآمر والخيانة والتقصير واتهام الذات تكاد تمس انتماءنا العربي ما هو ردة فعل قد تُفهم من الناس، ولا تُقبل ابدا من قادة الرأي وأصحاب الفضيلة والفخامة والنيافة.

الناهضون من تحت الجمر من الرواد هم الذين معوّلٌ عليهم جمع الشتات وتأليف القلوب وتأليب النفوس ضد الخطر الداهم والعدو الأوحد فقط لتصبح العصبيات والتخرصات والاتهامات مدعاة للرفض ومجلبة للعبوس.

ان انتصار الأمة كلها في القدس معلقٌ بين السماء والأرض، فان كان سيشق عنان السماء فعلى الأمة من الواجبات القادمة الكثير، وعليها بذل المزيد نصرة لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى محمد ومهد السيد المسيح كما ظل يردد الخالد فينا ياسر عرفات.

في انتصار القدس المعلق على استمرار محطات النضال في كل فلسطين دلالة على أن الصراع طويل، وهو كر وفر، تقدم وتراجع، انتصار يتلوه آخر،وتراكم يحقق الهدف الأكبر، وانكسارات تحتاج عبوس، ومن الحرب لبوس.

 في حربنا او نضالنا او جهادنا مشقة، وأيما مشقة، وتضحيات وبذل للغالي والنفيس: مال ونفوس وفلذات أكباد بلا انتظار ثمن شخصي أبدا.

 الثمن الشخصي هو ما نبذل فيه أرواحنا من أجل الأجيال القادمة لتنعم بسلام يحف وطمأنينة تجعل من القدس وفلسطين، وكما كانت عبر التاريخ، مفتاح الحرب ومفتاح السلام.

استدل المقدسيون على الوصفة السحرية للنصر: وعي عميق وايمان عظيم وارادة لا تلين ووحدة كلمة وتآزر وتناغم خطوات وتعاون وتضامن مجتمعي-قيادي ظهر جليا بحجم الدعم وانتشاء المرابطين يجالسون بعضهم البعض يتناولون الوجبة الخفيفة والعصير تملأ وجوههم الابتسامات والثقة بالنصر رغم العناء وامارات التعب، وما النصر الا من عند الله.

الى عنان السماء سما الفلسطينيون في القدس وكل فلسطين بالداخل والخارج إذ خاضوا معركة "البوابات" بالأقصى، بإيمان عز مثيله وإرادة لا تلين فكان من الله المنة والنصر.

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024