الرئيسة/  مقالات وتحليلات

القتل على خلفية الشرف ..ارهاب وعنصرية!

نشر بتاريخ: 2017-08-03 الساعة: 12:03

بقلم موفق مطر 

جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الحقوق والقيمة، لكل إنسان حق ممارسة حريته، دون أي تمييز على أساس الجنس. ومساواة المرء والمرأة بجميع الحقوق السياسية والمدنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هدف ثابت.

التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبادئ وشرعية حقوق الإنسان ويعيق تقدم المجتمع وتحقيق أهداف برامج التنمية نظرا لتغييب قدرات المرأة في المجتمع، أما العدل والمساواة بين المرء والمرأة لن يكونا صحيحين وكاملين إلا بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والاحتلال ونشر ثقافة السلام ومشاركة المرأة مع المرء في جميع الميادين، كلما كان ذلك ممكنا والعمل بإخلاص على تقاسم مسؤولية الأسرة بين الوالدين، مع تأكيد مسؤولية المجتمع في تنشئة الجيل.

 هنا لا بد من تحديث معنى دور كل من المرء والمرأة في المجتمع والأسرة. والانتصار على المعاني التقليدية السائدة لدور كل منهما عبر رفضها وتأسيس مناهج تربوية وسلوكية وأخلاقية تجعل من الأدوار التقليدية خلف قاطرة المجتمع المتقدمة دائما.

اذا أردنا تحرير مجتمعنا من قبضة اخطبوط هذه الجريمة، يجب تطهير مفاهيمنا وكتبنا وتراثنا من صور تقديس القتل باسم الرب والشرف وتمجيد السلاح لا يمكننا التقدم حتى خطوة واحدة نحو الحد من هذه الجريمة حتى لو بلغت دفاتر نصوص القوانين سقوف المجالس التشريعية والمحاكم النظامية في العالمين العربي والإسلامي، فالجرائم الجنائية حالات فردية تتطور الى ظاهرة اجتماعية في زمن الفوضى وغياب السلطات، لذا فإننا نحتاج الى بث قيم أخلاقية، ومبادئ إيمان بكرامة وقيمة الإنسان وحقوقه الطبيعية في الحياة بغض النظر عن جنسه، بالتوازي مع عملية تنمية الضمير الإنساني وتثويره ليصبح المحرك لفكر وعمل الإنسان، خاصة اذا علمنا أن قوى الشر المعنية بالترويج لمثل هذه المفاهيم استطاعت على مدى قرون من الزمان اختراق الوعي الفردي والمجتمعي وحققت احتلالا نوعيا، ضربت خلاله الضمير الإنساني بمخدر الخطيئة، فبقي على هذا الحال من جيل إلى آخر حتى استوطنت معاني القتل وسفك الدماء محل معاني الحياة والسلام، ومعاني بتر وقطع الأيدي وجز الرقاب كعقاب وجزاء محل علاج المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حتى احتل مفهوم ضرب النساء مكان الحوار العقلاني بين الإنسان الذكر والإنسان الأنثى، تم جرف وتدمير ومحو المعاني الأصلية للنصوص والمصطلحات، وأنشئ مكانها معان تمكن الجماعات والأحزاب الأصولية من الاستحواذ على السلطة بدءا من القاعدة الأصغر (العائلة) وصولا إلى القاعدة الأكبر (سدة الحكم) أو بالهيمنة والسيطرة الاقتصادية التي لا يمكن أن تتم إلا باستعباد النساء وإبقائهن كخادمات، أو في أحسن الأحوال درجة ثانية، ضعيفات لا حول لهن ولا قوة، خاضعات للترهيب بالجحيم، والترغيب بالنعيم ان هن لبين شهوات الرجل ومتعنه وأطعنه طاعة عمياء.

تحسب مجتمعاتنا جريمة العنف ضد النساء والقتل على خلفية الشرف والثأر عملا مشروعا ومفهوما موروثا مميزا، حتى ان البعض بالغ في تمجيدها وزينها كفعل رجولي بطولي إلى حد جعلها عنصرا من المكونات الثقافية لعموم شخصية المجتمعات العربية والإسلامية.

نحتاج تغييرا جذريا وقوانينا آمنة، ووضوح وصراحة ومواقف متنورة من رجال الفقه والشريعة والقانون والسياسة، من المثقفين الشعراء والأدباء والكتاب من مبادرات خلاقة من جمعيات النساء والمنظمات الحقوقية، وقبل كل أمر نحتاج لثورة في التعليم، فلعلنا ننشئ جيلا ترجح عنده كفة الضمير بثقل العقلانية والإيمان بحقوق الإنسان دون تمييز بالجنس أو العرق أو الدين.

 

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024