الرئيسة/  فلسطينية

في حوار مع "القدس العربي" الرئيس: نعارض التطبيع العربي مع إسرائيل ما دام يتناقض مع مبادرة السلام العربية

نشر بتاريخ: 2017-09-19 الساعة: 18:35

 متمسكون بموقفنا حول إثارة قضية وعد بلفور قانونيا وقضائيا محليا ودوليا

6 أشهر تقريبا مرت على آخر حوار أجرته «القدس العربي» مع الرئيس محمود عباس، وكان على هامش لقاء القمة العربية الذي انعقد في أحد منتجعات البحر الميت في الاْردن في آذار الماضي.

وبين آذار أيلول أحداث كثيرة ومثيرة وقعت، بينما لم تنفذ وعود قطعت مثل عقد المجلس الوطني الفلسطيني. ومن هذه الأحداث الإجراءات غير المسبوقة التي هدد أبو مازن باتخاذها ضد حركة حماس عقابا لها على تشكيل ما وصفها بحكومة بديلة في القطاع، وهو بذلك يشير الى اللجنة الإدارية التي شكلتها لإدارة شؤون قطاع غزة في غياب حكومة الوفاق الوطني برئاسة رامي الحمد الله، وتقصيرها في أداء واجباتها إزاء القطاع، كما  تقول حركة حماس، وهو اتهام ترفضه السلطة وحكومة الوفاق رفضا قاطعا. ويطالبون حماس أولا بتسليم إدارة القطاع للحكومة مع حل اللجنة الإدارية لكي تعود الأمور الى سابق عهدها.

ويرفض أبو مازن اتهامات حماس للسلطة بمعاقبة أهل غزة بالمطلق، ويقول: "نحن لا نعاقب أهلنا في القطاع.. كيف يكون ذلك ونحن نقدم لهم مليارا ونصف المليار دولار من الميزانية العامة سنويا.. نحن اقتطعنا من البنود التي تستفيد منها حماس".

وتحدث أبو مازن عن مخصصات أسر الشهداء والجرحى والاسرى، وأكد على استمرار السلطة ومنظمة التحرير في دفعها باعتبارها حقا لهم، ولا يمكن وقفها.

ومن الأحداث المهمة التي شهدتها الأشهر الأخيرة هبة الأقصى، التي نجحت في جمع الكل الفلسطيني قيادة وجماهير، ووحدت صفوفهم في مواجهة إجراءات الاحتلال ممثلة بنصب بوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة وغيرها، كما نجحت في فرض إرادتها على الاحتلال وجعلته يتراجع عن إجراءاته القمعية. واعتبر أبو مازن تلك الهبة مقاومة شعبية يجب أن تتكرر. كما اعتبر أبو مازن الاستيطان والمستوطنات بالمجمل باطلة وكررها ثلاثا.

وجاء اللقاء مع أبو مازن الذي تم في منزله في عمان في منطقة عبدون الغربية في العاصمة الأردنية عمان، قبل يوم واحد من توجهه الى نيويورك لإلقاء كلمة في الجمعية العامة في 20 أيلول الحالي. وقدم ملخصا لكلمته التي لن تحتوي على مفاجآت مثل ما جاء في خطاب 2015 الذي أعلن فيه وقف الالتزام بأي بنود من اتفاقات وملحقات لا تلتزم بها إسرائيل ومنها التنسيق الأمني.. ورغم ان التنسيق الأمني لم يتوقف في حينها، إلا انه مجمد منذ هبة الأقصى. وأكد أبو مازن لـ "القدس العربي" التي  كررت السؤال أكثر من مرة، ان التنسيق الأمني وخلافا لما يشاع، لا يزال مجمدا، وسيبقى كذلك الى أن يتم التفاوض حول أسس جديدة.

وأجاب على أسئلة حول أسباب تأخر عقد المجلس الوطني حيث قال في آذار الماضي إنه سيعقد في غضون شهرين. وقال: "كانت هناك عقبات ونحن نقترب من حلها"، مؤكدا ان المجلس الوطني سيعقد قبل نهاية العام، في مدينة رام الله رغم مطالبة فصائل في المنظمة مثل الجبهة الشعبية بعقده في الخارج. وأبو مازن شديد في رفضه لهذه الفكرة. وفِي الذكرى الـ 24 لاتفاق أوسلو لا يزال الرئيس عباس، وهو موقّعه، يرى فيه إنجازا فلسطينيا كبيرا ومهما. ويشير الى نجاح اوسلو بعودة منظمة التحرير وقياداتها التي كانت موزعة بين الدول العربية الى أرض الوطن، وكذلك عودة حوالي نصف مليون من الفلسطينيين وليس فقط بضع عشرات آلاف الى ديارهم كما يقال.

وتطرق الحوار الى الاستيطان والنهب الإسرائيلي للارض والمنازل والممتلكات، لا سيما في القدس، وكذلك عن دور البطريرك الأرثوذوكسي في بيع وتسريب الأراضي لجمعيات استيطانية وأسباب عدم إزاحته من منصبه حتى الآن..

وسألنا أبو مازن بحضور مدير المخابرات ماجد فرج عن عمليات الاعتقال السياسي والتعذيب في معتقلات السلطة، وتحدث بوجود استدعاءات لمن يخالفون القانون، ولكنه نفى أن يكون هناك تعذيب وإهانات خلال التحقيق. وفي هذا السياق قال فرج: "إن  فلسطين هي الدولة الوحيدة في العالم التي وقعت اتفاقات مع منظمة الصليب الأحمر ومؤسسات حقوقية أخرى، تسمح لها بزيارة المعتقلات من دون سابق إنذار".

وحول الشاب الذي اعتقل لانتقاده السلطة وأدائها، كان الرد انه ينقل معلومات لأطراف خارجية تمس بالأمن القومي الفلسطيني.

واختتمنا الحوار مع الرئيس عباس عن الإجراءات التي ستتخذها السلطة ومنظمة التحرير ردا على استهتار الحكومة البريطانية بالنكبات التي تسببت بها للشعب الفلسطيني نتيجة وعد بلفور، الذي تخطط لإحياء ذكراه المئوية في الثاني من تشرين الثاني المقبل، ورفضها الاعتذار للشعب الفلسطيني عن هذا الوعد والاعتراف بدولة فلسطين. وكرر أبو مازن ما كان قد هدد به في آذار الماضي، وقال: "إننا سنقاضي بريطانيا قريبا أمام المحاكم البريطانية والدولية.. وستسمعون عن ذلك قريبا".

وفي ما يلي نص الحوار:

■ لنبدأ الحوار بخطابك في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. هل سيتضمن أي مفاجآت كسابقاته، أم أن الأمر سيكون مجرد خطاب روتيني بسبب ضغوط عربية وإسرائيلية وأمريكية لتمهيد الطريق لإطلاق مفاوضات جديدة؟

■ لن تكون هناك مفاجآت ولكن سيكون هناك كشف حساب.. سنسأل دول العالم ماذا فعلت؟.. وماذا مطلوب منها أن تفعل.. وهذا سيكون مضمون خطابي. باختصار نريد ان نقول للأمم المتحدة يجب أن ترتقوا إلى مسؤولياتكم، ويجب ان تتحملوا هذه المسؤوليات، خاصة انه منذ ان صدر قرار التقسيم (عام 1947) الى يومنا هذا وإسرائيل تخالف القرارات او تنقضها او ترفضها وانتم لا تحركون ساكنا، بدءا من قرار 181 (قرار التقسيم) و194 (قرار حق العودة) الى 2334 (قرار الاستيطان 2016) وأصبحت كل هذه القرارات حبرا على ورق. والآن أنا أتوجه إليكم بالسؤال، إذا أنتم لا تحلون هذه المشكلة من سيحلها والى أين نذهب؟. هذا هو باختصار ما سنتكلم عنه. الأسلوب سيكون مختلفا.

■ هل يمكن أن يعقد لقاء ثلاثي يضمكم مع الرئيس ترامب وبنيامين نتنياهو كما نقل على لسانكم؟

■ لن يكون هناك لقاء ثلاثي.. أنا سمعت أن هناك فكرة للقاء ثلاثي. وسئلت في هذا الموضوع وقلت إنه ليس لدي أي مانع. ولكن عندما يدعو الرئيس ترامب الى لقاء ثلاثي يجب ان نكون متيقنين من أن هناك نتيجة. وإذا لم يتمخض مثل هذا اللقاء عن نتيجة فإنه سيكون نكبة او كارثة مرة أخرى على مسار المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين. وبعدها قيل لي الرئيس ترامب سيلتقي بي يوم 20 أيلول الحالي.

■ هل تتوقعون شيئا جديدا من هذا اللقاء؟

■ سنستمع الى ما سيقول. وبالمناسبة سيكون اللقاء قبل ثلاث ساعات من خطابي.

■ هل صحيح أن الوفد الأميركي برئاسة جاريد كوشنر، طلب منكم عندما استقبلتموه في رام الله مهلة ثلاثة أشهر لوضع تصور للوضع.

■ لا.. هم طلبوا مهلة شهر واحد حتى يجملوا أفكارا بيننا وبين الإسرائيليين. عند ذلك يعرضونها علينا وعليهم. وحتى الآن لم تمض المهلة.. ونحن ننتظر ان يجملوا أفكارا إذا ما تمكنوا من ذلك.

■ لننتقل الى موضوع المستوطنات لا سيما في القدس، وأعمال الهدم وسرقة منازل وتسريب البيوت، السرعة التي تسير فيها عمليات التهويد وسرقة وتسريب الأراضي في القدس تعني إنه في القريب العاجل لن يبقى هناك شيء تتفاوضون عليه في القدس؟

■ هذا صحيح. حكومة الاحتلال تسارع في البناء الاستيطاني في كل مكان.. كأنها في عجلة من أمرها، وتريد ان تملأ الأرض الفلسطينية بالمستوطنات، وهي للأسف لا تعترف بأن الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، هي أرض محتلة، لا تزال تصر على أنها أرض متنازع عليها. وبغض النظر عن هذا الكلام، فإنه لا بد من التفاوض حولها.. ولكنها لا تريد التفاوض. باختصار فإن وجهة نظرنا هي أن الاستيطان منذ ان انشيء عام 1967 هو باطل باطل باطل.

■ إسرائيل لا تستمع للمطالب الداعية لعودة الأوضاع سواء في الضفة او القدس المحتلة، وهي موضوع السؤال، إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل عام 2000.. لا تستمع لكم ولا للأوروبيين ولا للأردنيين أصحاب الوصاية على الحرم القدسي.. كيف ترى المخرج  لإنقاذ القدس؟

■ إسرائيل لا تستمع لأحد، خاصة ان هناك أزمة مع الأردن بعد ان قتل حارس إسرائيلي مواطنين أردنيين في سفارة إسرائيل في عمان.. نعم هناك أزمة ولَم تحل حتى الآن.. وجاءت هذه الأزمة في خضم أزمة القدس التي بدأت في 14 تموز عندما قام ثلاثة فلسطينيين من الداخل بعملية قتل فيها شرطيان إسرائيليان وهما أيضا كما تعلمون عربيان. اتصلت عندها بنتنياهو وأدنت العملية، ولكن قلت له يجب ألا تغير الأوضاع القائمة في الأقصى. وسافرت الى الصين ولكنه قام بما قام به وغيّر كل شيء، من إغلاق بوابات ووضع بوابات إلكترونية وكاميرات الى آخره. هنا كل أطياف الشعب الفلسطيني لا سيما في القدس، وقفت وقفة رجل واحد، ورفضت الإجراءات الإسرائيلية، وأصرت على الصلاة خارج الحرم القدسي. ووقفت القيادة الفلسطينية مع الجماهير وتبنت موقفها وأصرت على عودة الأوضاع إلى ما قبل 14 تموز. ووقف الأردن معنا وقفة شجاعة خاصة انه شريكنا في حماية المقدسات، وهذا شيء لا نستطيع ان ننكره، وهو متفق عليها بيننا. يضاف الى ذلك ان مختلف الدول العربية أخذت مواقف إيجابية، الأمر الذي جعل نتنياهو  يتراجع عن البوابات الإلكترونية والكاميرات وغيرها، وعادت الأمور الى ما كانت عليه قبل 14 تموز، ولا تزال كما هي. هذه قضية مختلفة عن الاستيطان. إنهم يحاولون بناء مستوطنات في الشيخ جراح (أحد أحياء القدس) وأماكن أخرى، على نحو شره وبشع..  وهذا كله غير شرعي على الإطلاق.

■ الموقف الشعبي وتماهي موقف القيادة معه، كان وراء نجاح هبة الأقصى.. فهل هذا التلاحم وما حققه من نجاح يمكن أن يكون مؤشرا لما هو قادم في المواجهات الفلسطينية مع دولة الاحتلال؟

■ بلا شك.. موقف الفلسطينيين من مسيحيين ومسلمين شكل منتهى التلاحم بين أبناء الشعب الفلسطيني شبابا وشيبا ونساء ومسلمين ومسيحيين في القدس والضفة وغزة. ووقفوا جميعا في صف واحد. ولا ننسى موقف عرب الـ 48.. وهذا يعكس موقفا  عظيما جدا.. وأنا أقول هذه هي المقاومة الشعبية السلمية. ولا بد ان نلتزم بها وأن نستمر فيها. هذه المقاومة ضرورية ومن حقنا أن نواصل هذه المقاومة الشعبية يوميا. ليسمع الرأي الإسرائيلي والعالمي ان ما يجري في أراضينا مرفوض رفضا قاطعا. ونقول  للإسرائيليين عليكم ان تقبلوا بحدود 1967 ورؤية الدولتين ووقف الاستيطان.. وبدون ذلك لن تكون هناك مفاوضات بيننا وبينهم.

■ هل التحام القيادة مع الموقف الشعبي سيكون النمط الذي سنشهده في المراحل المقبلة؟                   

■ نعم.. صحيح انه كان من المرات االقليلة في الماضي، ولكنه سيكون هذا موقف الشعب الفلسطيني الذي سيقف موقف الرجل الواحد لحماية أرضنا، فلم يعد أمام الشعب الفلسطيني مجال إلا ان يقف مثل هذه الوقفة.

■ وهذا يقودني إلى سؤال حول بيع بطريرك الارثوذوكس لأملاك الكنيسة في القدس وطبريا ويافا ومار الياس وغيرها.. الموضوع ليس جديدا فهو قائم منذ سنوات طويلة ولم تتخذ أي إجراءات ضده.. فلم السكوت عليه، أليس بالإمكان سحب الثقة الفلسطينية والأردنية فيه والعمل من أجل استعادة ما تصرف به؟

■ أنا اقول لك بصراحة إن الموقف الفلسطيني، وبالذات الموقف الأرثوذوكسي سواء في الـ 48 او في الضفة او القدس وحتى الأردن، هو موقف واحد ضد بيع أراضيهم ويعتبرون ان هذه الأراضي التي تباع إنما هي أراضي وطن وليست ملكا للبطرك او غيره. ومن هنا تأتي احتجاجاتهم على البطرك، وأظن انهم سيوسعونها للخارج وسيتوجهون الى بلدان مثل اليونان وروسيا وتركيا وحتى البابا ليحتجوا على هذه التصرفات والمطالبة بوقفها. نحن نعتبر هؤلاء أبناءنا ومن واجبنا ان نؤيدهم وندعمهم ونقف الى جانبهم.

■ من لديه القرار بإزاحة البطرك. البطرك القديم الذي اتهم ببيع وتسريب الأراضي أزيح؟

■ رئاسة الكنيسة الارثوذوكسية هي المنوطة بها قضية إقصاء او إبقاء البطرك، وأبناء الطائفة يجمعون على ان ما يتصرف به ليس من حقه.

■ يبدو ان الأيام الماضية شهدت حلحلة في موضوع المصالحة بعدما أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية من القاهرة استعداده لحل اللجنة الإدارية التي كانت سببا للإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتموها ضد غزة.. وعزام الأحمد موجود في القاهرة على رأس وفد يضم روحي فتوح وحسين الشيخ.. هل هناك ضمانات مصرية لفك هذه المشكلة التي تؤرق مجمل الفلسطينيين وليس فقط أهل غزة؟

■ هناك ثلاث قضايا أساسية، أولا إلغاء اللجنة الإدارية، والثانية تمكين حكومة الائتلاف التي شكلت في عام 2014 بالتوافق مع حماس، من القيام بمهامها وواجباتها في المحافظات الجنوبية، أي قطاع غزة، وثالثا الانتخابات التي كانت موضوع نقاش بيننا وبينهم قبل تشكيل اللجنة الإدارية. هذه الأمور إذا ما وافقت عليها حماس فإنه من جانبنا سنوقف أي إجراءات.

■ في آذار الماضي تحدثتم عن إجراءات غير مسبوقة.. لكن هذه الإجراءات أضرت بالمواطن الغزي وليس بحماس؟

■ إجراءاتنا لم تنعكس على المواطنين. أولا لم يحرم موظف من راتبه لكن هناك عدد كبير من الموظفين أحيل الى التقاعد، وهذا شيء طبيعي، ويحصل على راتبه التقاعدي.. لكن هناك مسارات (مالية) أخرى ليس من مصلحتنا ان نتحمل تكاليفها، ما دامت حماس اختارت الانفصال. مسألة الحكومة ليست مسألة شكلية.. مسألة الحكومة التي شكلتها حماس (اللجنة الإدارية) هي تكريس.. هي تقنين.. هي تشريع للانقسام، بمعنى إنهاء حلم الدولة الفلسطينية الموحدة، لأننا نقول لا دولة فلسطينية من دون غزة ولا دولة  في غزة. فعندما تشكل حماس دولة في غزة، فإنها تمنع قيام الدولة الفلسطينية، وأعتقد ان حماس ليست الوحيدة التي تقوم بمثل هذا العمل، وأن هناك الكثيرين من ورائها.. وأنا أقول إن إسرائيل وأميركا وراءها وآخرين، لان إسرائيل تدعم هذا التوجه وكذلك أميركا. لذلك نحن قررنا ان نوقف بعضا من الميزانيات التي ندفعها التي لا تزيد نسبتها عن 25٪ فقط.. نحن ندفع مليارا ونصف مليار دولار لحماس. وما دامت هي التي بادرت فإنه ليس من واجبنا ان ندفع. وسمعنا ان هناك من هو مستعد لتعويضها فليتفضل.. كما سمعت ان هناك 15 مليون دولار تأتي من أطراف أخرى، ونحن ليس لدينا مانع.. (جرى هذا الحوار قبل 24 ساعة من إعلان زعيم حماس إسماعيل هنية حل اللجنة الإدارية. ولم تتمكن "القدس العربي" من الوصول الى أبو مازن لأخذ رأيه في الأمر، لكن نقل على لسانه القول إنه عبّر عن ارتياحه للاتفاق الذي تم التوصل إليه من خلال الجهود المصرية لحل اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة صلاحياتها في قطاع غزة، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وسيعقد الرئيس عباس اجتماعا للقيادة الفلسطينية لدى عودته إلى أرض الوطن من نيويورك، لمتابعة هذا الأمر).

■ طبعا في حال تمت المصالحة ستكون هناك انتخابات؟

■ طبعا أنا لا أفهم لماذا لا يريدون الانتخابات.. هم جاءوا الى السلطة بالانتخابات التي جرت في عهدي، وأنا الذي أعلنت نتائجها، وأنا الذي طلبت من إسماعيل هنية تشكيل الحكومة. هذا الكلام منذ 2006 أي قبل 11 سنة.. فلما لا يريدون الانتخابات الآن. أم ان الانتخابات كعود الكبريت لا يشتعل سوى مرة واحدة؟

■ نكرر عليكم سؤالا طرحناه عليكم أكثر من مرة.. هل ستترشح للانتخابات لو جرت؟ خاصة وان استطلاعات الرأي تبين أنكم الوحيدون في فتح القادر على الفوز على المرشحين الآخرين؟

■ هذا موضوع آخر لا دخل له بالانتخابات. وبعدين القضية ليست قضية شخصية، إنها قضية شعب ومنظمة تحرير ومستقبل السلطة الوطنية ومستقبل دولة فلسطين، وليست مستقبل «واحد يروح وواحد ييجي».

■ المجلس الوطني: في آخر لقاء قبل نحو 6 أشهر قلتم إنه سيعقد في غضون شهرين.. وها قد مرت ستة أشهر ولم يعقد.. ما هي أسباب ذلك؟ وهل سيعقد المجلس كما قلتم بمن حضر؟ وهل سيكون مقر انعقاده في رام الله، أم ان هناك تغييرات؟ أم انه لن يعقد؟

■ المجلس الوطني سيعقد قريبا. هناك مشاورات في نهايتها تجري بين فصائل منظمة التحرير ولا علاقة لأي أحد آخر بها… نحن نتحدث عن المنظمات الموجودة داخل إطار منظمة التحرير. الحوار بينها يكاد يصل الى نهاياته المقبولة لعقد المجلس الوطني في أقرب فرصة في الوطن، وهذا الأمر مهم لنا لأننا بحاجة الى تجديد منظمة التحرير ومؤسساتها لأنها الغطاء الوحيد للشعب الفلسطيني، وهي التي ولدت السلطة. إذاً الأهم من السلطة هو منظمة التحرير، وبالتالي فإن علينا ان نحافظ عليها وان نحميها. ومن هنا أقول ان كل الفصائل تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل عقد المجلس الوطني في أقرب فرصة إن شاء الله.

■ لكن هناك فصائل كالجبهة الشعبية أعلنت رفضها عقده في رام الله لأن ذلك قد يحرم قيادات مهمة فيها من المشاركة وقد يقيد حرية آخرين؟

■ سبق أن عقدنا المجلس الوطني أكثر من مرة في رام الله.. وعقدنا المجلس المركزي في رام الله.. ونعقد اجتماعات اللجنة التنفيذية في رام الله وعقدنا مؤتمر فتح في رام الله. هذه كلها لم يحصل عليها قيود ولن تحصل قيود. هذه حجج فارغة ليس لها مبرر وهي  مردود عليها. سنعقد المجلس الوطني في وطننا.. أصبح لدينا وطن ونستطيع ان نعقده في رام الله، وقلنا لهم ان من لا يستطيع المشاركة في رام الله لأي سبب فإن بإمكانه ان يشترك عبر الفيديو كونفرانس في عاصمة عربية، كما حصل في مؤتمر فتح، حيث لم يتمكن حوالى 40 عضوا من غزة من المشاركة.. ورشُحوا عبر الفيديو كونفرانس، وسارت الأمور على ما يرام. أما إذا كانت هناك حجج أخرى فلن نقبلها.

■ فهل تراجعت الشعبية عن موقفها؟

■ كما قلت إن الحوار في نهايته وإن شاء الله يتراجعون.

■ وهل يمكن ان يعقد قبل نهاية العام؟

■ إن شاء الله قبل نهاية العام.

■ كثر الحديث عن قطع مخصصات أسرى الشهداء والأسرى بسبب التحريض الذي تمارسه إسرائيل والضغوط التي تمارسها إدارة ترامب..

■ (مقاطعا) صحيح إسرائيل تحرض أميركا على ان الأسرى والشهداء مخربون.. هؤلاء مناضلون وأبناء شعبنا.. نحن اسسنا مؤسسة الأسرى والشهداء في شهر نيسان 1965 يعني منذ بداية الثورة، وأول مبلغ محترم حصلنا عليه وضعناه في حساب أسر الشهداء.. وهم شهداء الشعب الفلسطيني، ومنذ ذلك الوقت نقدم المخصصات لهم. ونحن نقدم هذه المخصصات لأسر الشهداء. هم ينعتونهم كما يشاؤون وأنا أسميهم شهداء. فقالوا (إسرائيل وأميركا) ان هذا دعم للإرهاب، فقلت لهم لنشكل لجنة ثلاثية لبحث الأمر فرفضت إسرائيل. وقلت للأميركيين لنبحث الموضوع ثنائيا، ولم يحصل ذلك.. أنا لن أتراجع عن الموضوع، أسر الشهداء ستستمر باستلام مخصصاتها كاملة.

■ والأسرى؟..

■ والأسرى طبعا.

■ تردد مؤخرا ان أبو مازن أوقف مخصصات هيئات تعنى بالأسرى مثل نادي الأسير.. ما هي مصداقية ذلك؟                                           

 ■ حصلت قصة صغيرة خلال إضراب الأسرى عن الطعام، وكان لها بعض التداعيات ووقعت تصرفات غلط. ونحن شكلنا لجنة لمراجعة هذه التصرفات الغلط. اما نادي الأسير فسيبقى موجودا وكذلك هيئة الأسرى، ولن تتغير، وهي تابعة لمنظمة التحرير، ولن يؤثر عليها شيء إطلاقا. أما في موضوع مراجعة بعض التصرفات في نادي الأسير (ماجد فرج مدير المخابرات الذي كان حاضرا قال مقاطعا ان نادي الأسير هو مؤسسة أقامتها حركة فتح) فهذا من حقنا.

■ لننتقل الى موضوع الاعتقالات السياسية والتعذيب في معقتلات السلطة..

■ يا سيدي كل السجون مفتوحة أمام منظمات حقوق الإنسان. من حيث المبدأ أنا أرفض رفضا قاطعا ووفقا للقوانين إهانة المعتقل.. ممنوع إهانة السجين او حتى ضربه كفا.. ممنوع توجيه كلمة بذيئة له. لذا اتحدى من يتحدثون عن التعذيب والإهانات. ومن أراد فليزور السجون والمعتقلات كلها.. وجميعها مفتوحة ولا استطيع إغلاقها في وجه أي إنسان يريد ان يتحقق او يتأكد.

"فلسطين هي الدولة الوحيدة في العالم التي وقعت مع الصليب الأحمر ومؤسسات حقوقية اتفاقا لزيارات مفاجئة"؟

(مدير المخابرات فرج تدخل معقبا بقوله ان فلسطين هي الدولة الوحيدة في العالم التي وافقت للصليب الأحمر الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان على الزيارات المفاجئة في أي وقت وفي أي مكان، بغض النظر عن المدة التي تم اعتقال الشخص فيها. يتصلون بنا  ويقولون نحن أمام سجن جنيد (في نابلس) مثلا ونقول لهم تفضلوا. نحن موقعون اتفاقا مع هذه المؤسسات في هذا الشأن).

■ وهل قصة الشاب في الخليل الذي اعتقل وعذب بسبب تعليقات على مواقع التواصل.. كاذبة بمجملها؟

■ هذا شاب يسرب معلومات لجهات خارجة وأخذ للتحقيق.. وهو الآن في بيته ولكنه لا يزال تحت التحقيق. هذا من حقنا وللأمر علاقة بالأمن القومي.

■ هناك دول عربية ولن أحدد هويتها تسعى للتطبيع مع إسرائيل لتقويض الحلم الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية.. هل توافقني الرأي.

■ موقفنا إزاء العلاقات العربية – الإسرائيلية ينطلق من المبادرة العربية للسلام التي اعتمدتها كل الدول العربية في قمة بيروت عام 2002. وتنص على انه إذا ما انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، فإن لجميع الدول العربية ومن ثم جميع الدول الإسلامية حق الاعتراف بدولة إسرائيل. وأي شيء خارج عن ذلك لا نقبله. وقلنا أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة، إننا لن نقبل ان تطبق المبادرة العربية بالمقلوب من الياء الى الألف بل من الألف الى الياء. وهذا ينسحب على كل دولة عربية وإسلامية اعتمدت  المبادرة العربية.

■ نتنياهو يتغنى بعلاقات إسرائيل مع دول عربية لا تربطها بإسرائيل اتفاقيات سلام..

■ عندما يتغنى نتنياهو يفترض ان تقول له الدول العربية إن ما يقوله غير صحيح.

■ هل هذا يعني بالمطلق ان السلطة ومنظمة التحرير تقفان ضد التطبيع العربي قبل حل القضية الفلسطينية؟

■ قطعا.. ما دام يتناقض مع مبادرة السلام العربية نرفضه. لكن يجب ألا تنسى ان نتنياهو يرمي من كلامه وضع إسفين بين العرب. إذن واجب هذه الدول التي يلمح اليها نتتياهو ان ترد وليس نحن.

■ ولا تزالون عند موقفكم الرافض للحل الاقتصادي؟

■ موقفنا واضح وهو أننا نرفض الحلول الاقتصادية والأمنية وغيرها. يجب ان تسير الحلول بالتوازي .. الحل السياسي والحل الاقتصادي والحل الأمني. إذا كانوا سيأتون بقليل من المشاريع. فهذا شيء مرفوض كما هو مرفوض الحل الأمني.  والدليل على ذلك ان التنسيق الأمني لا يزال مجمدا.

■ التنسيق الأمني لا يزال مجمدا؟. كيف تتحركون إذا؟.. ألا يأتي ذلك في إطار التنسيق الأمني؟

خروجنا وتحركاتنا لا تأتي تحت بند التنسيق الأمني بل المدني، هناك فهم خاطئ لدى الناس أن تحركاتكم تأتي في إطار التنسيق الأمني..

■ مرة أخرى أنت تقول ان التنسيق الأمني لا يزال مجمدا منذ هبة الأقصى والى أجل غير مسمى.

■ نعم التنسيق الأمني مجمد.. طلبوا إعادة التنسيق الأمني، فقلنا لهم لنجلس من أجل بحث الأسس التي يرتكز عليها التنسيق الأمني. عندما يقبلون بذلك سنكون جاهزين للعودة الى التنسيق الأمني. وإذا ما قبلوا "يصطفلوا". وبالمناسبة نحن اتخذنا قرارا في المجلس المركزي بتجميد التنسيق الأمني قبل سنتين، وأنا كنت وراء تأجيله الى أن يأتي الوقت المناسب.. وجاء هذا الوقت في أحداث القدس والأقصى.

■ مرت قبل أيام الذكرى 24 لاتفاق اوسلو… ما هو تقييمكم للاتفاق بعد كل هذه السنين؟

■ بالمناسبة سأبدأ خطابي في الأمم المتحدة بأوسلو.. مع الأسف الشديد ان اوسلو وجد كي نصل الى الحل النهائي، وكان متفقا على انه في عام 1999 وخلال مفاوضات تنتهي خلال ثلاث سنوات تبدأ عام 1996 نتوصل الى الحل النهائي.. لكن جاء نتنياهو (عام  1996 ) وألغى كل شيء.. نتنياهو للأسف الشديد لا يريد حلا سياسيا وإسرائيل من ورائه لا تريد حلا سياسيا.

■ لم يعد هناك اتفاق اوسلو فقد مات؟

ما هو أوسلو.. وجود السلطة.. وهي موجودة لكنها ليست موجودة بفاعلية.

■ السلطة مسحوبة الإرادة وعاجزة؟

■ نعم ان السلطة مسحوبة الإرادة وعاجزة.. لكن لا أريد ان أتحدث عما كسبنا.

■ ولنترك الموضوع لحديث آخر. الثاني من تشرين الثاني وراء الأبواب وبريطانيا لم تتراجع عن إحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور.. هل حصل أي تطور منذ آذار الماضي؟.. قلتم إنكم ستتخذون إجراءات قانونية.. فهل لا يزال الوضع قائما ام ان هناك تغييرات؟

■ نعم سنتخذ إجراءات. وقلنا للبريطانيين إنكم ارتكبتم جريمة بحق الشعب الفلسطيني، وعلى الأقل عليكم ان تعتذروا له  وتعترفوا بدولة فلسطين.. وعفا الله عما مضى. فلا اعترفوا ولا اعتذروا. وقالوا نشكل لجنة.. قلنا لا مانع لدينا واتفقنا، لكنهم رفضوا اللجنة، او لنقل انهم ماطلوا في تشكيل اللجنة. نحن مستمرون في موقفنا وسنثير هذا الموضوع قانونيا وقضائيا.. محليا ودوليا.

■ متى؟

■ فورا.. نحن "شغّالين" في الموضوع.. سنثير هذا الموضوع في المحاكم البريطانية وفي المحاكم الدولية..  بريطانيا اعتدت علينا، وألغت وجود حوالى 96٪ من السكان، وقالت إنه ستكون لهم في الحد الأقصى حقوق مدنية. وكرست هذا في صك الانتداب وفي ميثاق عصبة الأمم الى ان دفعت بقرار التقسيم الذي لم يطبق .. القانون لم يطبق .. ميثاق الأمم المتحدة لم يطبق.. واشرح ذلك ان البند 41 من ميثاق الأمم المتحدة يحدد ان لهذا الطرف هذه النسبة وللطرف الآخر هذه النسبة. وبعد ذلك اعتدت إسرائيل بعد استيلائها على أرضنا.. والقانون يقول ان من يعتدي على أرض الغير يرد بقوة السلاح.. أين هو السلاح والإجراءات الأخرى لردع المعتدي.. فسيطروا على 78٪ من الأرض وليس 55٪ كما ينص قرار التقسيم ولم يردعهم أحد.. والآن يحتلون كل الأرض ولم يفعل أحد شيئا بعد 50 سنة من الاحتلال. وأنا أتهم أمريكا في المقام الأول لأنها الدولة الوحيدة التي يجب ان تقول لإسرائيل عليك ان  تنسحبي من الأراضي المحتلة عام 1967، وتدعم قيام دولة فلسطينية عليها.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024