الرئيسة/  مقالات وتحليلات

مقايضة الخيانة بالمال !

نشر بتاريخ: 2018-08-26 الساعة: 08:31

 موفق مطر تدخل القيادة على رأس الشعب الفلسطيني بمرحلة اختبار تاريخي هو الأصعب منذ مئة عام، ولا مجال أمامنا الا التحدي والثبات والقبض على الجمر، والتحلي بالصبر، واعادة رسم اولوياتنا السياسية والاقتصادية ومفاهيمنا الاجتماعية، والعمل ابداع بدائل عملية خلاقة، مقنعة للجماهير، فاللحظة لاتحتمل التنظير والتفسير والسفسطة، أوتبوء مقاعد المناكفين، ففتح ثغرة في جدار قلعة الصمود الفلسطيني رسميا وشعبيا يعني الضلوع في جريمة الخيانة العظمى.

علينا استخراج خطط مشاركة الرأسمال الوطني الفلسطيني في الداخل وفي المهجر لتعويض الاموال الأميركية، والاثبات لهم ان رقبتنا الفلسطينية لاتنكسر لأنها تستند على اكتاف صلبة قوية شديدة المنعة  قادرة على التحمل بلاحدود.

بامكاننا اعادة جدولة ما لدينا من مال عام، وتخفيض النفقات، مقابل تأمين مستلزمات ومقومات الصمود، وكم سيكون عظيما تجسيد الايثار، ففي هذه اللحظة التاريخية سنفجر ينابيع القيم الأخلاقية  الانسانية والروحية والوطنية الناظمة لمنهج حيواتنا، حتى يتيقن المستبد في البيت الأبيض أننا شعب لايعد ايامه السوداء بقدر افتقاده للخبز والماء، وانما بقدر انكساره وانكفائه عن السير في درب الحرية وضعف ايمانه بناموس الفداء، وهذا لم يحدث يوما، ولن يحدث أبدا.

 نعتقد بأن القيادة الفلسطينية لاتحتاج لتقديم برهان لأحد بانعدام تأثير المال الأميركي على مواقفها وسياساتها وتمسكها بالثوابت الوطنية، أما اذا كانت الادارات الأميركية المتعاقبة تعتقد أن مالها كان ثمنا لسير قيادتنا في نهج السلام والتزامها بالاتفاقيات فهذا ظن المستبد الآثم، الذي يعتقد بامكانية شراء الضمائر الانسانية بالمال، نحن براء منه لأننا كنا ومازلنا مسيطرين على مؤشراتنا في كل الاتجاهات وتحديدا تلك المصوبة نحو البيت الأبيض.

 لم تتوقف الادارات الأميركية عن محاولات ابتزاز القيادة، وانتزاع مواقف  منها وقرارات مخالفة لآمال الشعب الفلسطيني واهدافه، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد بلغ اعلى نقطة ممكن أن نتخيلها في رسم بياني لمستويات الضغط ألأميركي المتتابعة على قيادتنا الوطنية، مايعني بالنسبة لنا اقرار بفشل سياسته معنا بتكريس مقايضة الخيانة بالمال.

قرارات ادارة ترامب ايقاف الدعم عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) والغاء تقديم 200 مليون دولار لمشاريع في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة  "وتحويلها الى مكان آخر" كما جاء في البيان الأميركي، انعكاس صحيح وطبيعي لعقلية الاستبداد والاستغلال المحركة (لمنظومة الرأسمال المتوحشة) التي يعتبر ترامب احد أهم رموزها في العالم، ان لم يكن رمزها الفريد والمتفرد!!.   

ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فنحن بعد كل امتحان نخرج أقوى وأوعى، وباتت واضحة للعيان خطيئة الذين روجوا منذ اتفاق اوسلو مقولة سقوط حركة التحررالوطنية الفلسطينية في (جرن عسل) الأميركان ، فقرارات ترامب المتعلقة بالقدس والاونروا والغاء الاموال المقدمة للمشاريع الفلسطينية في الضفة وغزة المتزامنة مع قانون القومية الاسرائيلي، وقوانين الكنيست الاسرائيلي لقرصنة وسرقة اموال الضرائب الفلسطينية (المال العام الفلسطيني) ليست لاجبار قيادة الشعب الفلسطيني على قبول صفقة القرن، وارغامها على الخضوع ، وانما عقاب اميركي اسرائيلي مدعوم من (صغار) في الاقليم!.

يمر ترامب بمرحلة سقوط وقد تكون مروعة، لكن علينا التذكر دائما، أن هذا الرجل قد تألم من صفعة الرئيس الفلسطيني ابو مازن له، كما تألم من صفعة الصين  الاقتصادية، هذا ان لم تك صفعة الرئيس أبو مازن اشد واقسى باعتبار الفارق الهائل –لا مجال للمقارنة- بين مقومات دولة كبرى عظمى كالصين الشعبية، وبين مقومات حركة تحرر وطني ودولة شعب مازال يناضل لانجاز استقلاله والتحرر من الاحتلال والاستعمار العنصري الاسرائيلي.. فترامب عندما سمع عبارة : "يخرب بيتك " قد قطع الشك باليقين ان للفلسطينيين رئيسا وقائدا لايبادل الحرية برغيف الخبز، فقرر ارجاع أمواله الى خزينته لينفقها على الذين يأتونه صاغرين !!.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024