الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لا تمتنعوا عن المشاركة

نشر بتاريخ: 2018-08-15 الساعة: 09:12

عمر حلمي الغول الخلافات والتباينات بين مكونات وفصائل وقوى منظمة التحرير خصوصا والساحة والنخب السياسية عموما ليست جديدة، ولا مفتعلة، وهي أمر طبيعي. لا سيما وأن لكل شخصية وفصيل وجهة نظره، وخلفيته الفكرية والسياسية. ولكن القواسم المشتركة السياسية المستندة إلى برنامج الإجماع الوطني تشكل الركيزة الأساسية، والناظم للعلاقات بين الكل الفلسطيني، والتي تعززها اللوائح الداخلية لعمل الهيئات والمؤسسات القيادية للمنظمة، الممثل الشرعي والوحيد.

وفي محطات سياسية عدة في مسيرة العمل الوطني برزت تناقضات بين العديد من الفصائل وقيادة المنظمة، نجم عنها خروج أو إنكفاء بعض الفصائل عن المشاركة في أعمال دورات المجلس الوطني أوالمجلس المركزي، وحتى مقاطعة إجتماعات اللجنة التنفيذية إحتجاجا على هذا الموقف أو ذاك. غير ان تلك الإنقاطاعات المؤقتة لم تَّحُل دون تمسك الفصائل الوطنية بمنظمة التحرير، كممثل شرعي ووحيد.

وفي هذا السياق، جاء إعلان الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالأمس عن الإمتناع عن المشاركة في الدورة ال29 للمجلس المركزي، التي ستعقد مساء اليوم الأربعاء، وهي المرة الأولى، التي تمتنع فيها الديمقراطية عن المشاركة الفاعلة والمباشرة في أعمال إحدى مؤسسات منظمة التحرير نتيجة توتر في العلاقات مع القيادة الشرعية، تعود حسب بيان الجبهة إلى عدم التطبيق للقرارات، التي تم إعتمادها في دورات المجلس المركزي ال27 و28 ودورة المجلس الوطني ال23. وبغض النظر عن دقة أو عدم دقة الأسباب، التي اعلنها المكتب السياسي للديمقراطية، كان الأجدر بالتنظيم اليساري تجاوز الخلافات والتباينات القائمة، والحضور لدورة المجلس المركزي. خاصة وأنه أكد في بيانه أمس على الأخطار، التي تتهدد القضية، وإستشعاره أهمية الوحدة الوطنية، وهو ما ذكره بالنص: " في الوقت الذي نحن بحاجة ماسة إلى لم الصف الوطني، وتعزيز تلاحمه، والتعجيل بمسيرة المصالحة وصولا إلى وحدة وطنية تشكل شرطاً لا غنى عنه من أجل مواجهة حاسمة مع صفقة القرن، وخطة التهويد، التي عبر عنها قانون "القومية" الإسرائيلي". لا يجوز بحال من الأحوال الإمتناع عن المشاركة طالما إستشعرت الديمقراطية حراجة اللحظة السياسية، وحجم الأخطار، التي تستهدف القضية والأهداف الوطنية، وبالتالي فإن الضرورة تملي عليها المشاركة، والإبتعاد عن سياسة الحرد والإنكفاء عن الإسهام بما لديها من ثقل وقوة تنظيمية وسياسية في الشارع الفلسطيني، لإن الكل الوطني مستهدف.

ولعل ما يعزز هذا الموقف، هو ايضا ما جاء في بيان الجبهة، والذي أكدت فيه على تمسكها بالمنظمة وهيئاتها القيادية، حيث يقول البيان: " وأكد المكتب السياسي أن الجبهة الديمقراطية ستبقى، كما كانت دوما، حريصة كل الحرص على وحدة م.ت.ف، وإستقلالية قرارها الوطني وتعزيز مكانتها، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني." ويتابع البيان " كما أكد المكتب السياسي أن الجبهة تعتز وتتمسك بعضويتها في مؤسسات م.ت.ف بما فيها المجلس المركزي واللجنة التنفيذية، وسوف تواصل دورها الفاعل داخل هذة المؤسسات بنضال مثابر من أجل الإصلاح الديمقراطي، وتعزيز أسس الشراكة الوطنية، وإحترام مبادىء القيادة الجماعية." وإذا كان هذا هو موقف الديقمراطية الثابت فعلى أي اساس تمتنع عن المشاركة في الدورة الحالية للمجلس؟ وكيف يمكن المزاوجة والتوافق بين الإمتناع والحرص على الدور الفاعل لها داخل الهيئات القيادية للمنظمة؟ وهل يستقيم الإمتناع عن المشاركة مع الروحية الإيجابية والصادقة للجبهة، التي عكسها البيان، ومع سجلها ودورها التاريخي في الدفاع عن مكانة ودور منظمة التحرير، كممثل شرعي ووحيد، أم يتناقض معه؟

من موقع الحرص على دور ومكانة الجبهة الديمقراطية في الساحة الوطنية وداخل مؤسسات الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فإنني أدعو قيادتها عموما والمكتب السياسي للجبهة بإعادة نظر في قرارها الإمتناع عن المشاركة في دورة المجلس المركزي، حتى لا يكون سابقة سلبية في تاريخ الجبهة، وكي لا يكون شماعة لبعض القوى، التي تستهدف وجود وتمثيل المنظمة للشعب، والأهم طبيعة اللحظة السياسية والأخطار، التي تتهدد المنظمة، والتي اشار لها بيان الديمقراطية نفسه.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024