الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بدائل حكيمة وغير ممولة

نشر بتاريخ: 2018-01-23 الساعة: 18:19

عماد الأصفر المنشورات الواردة على الفيسبوك حول البدائل الوطنية، الغث منها والسمين تتقافز من موضع لآخر على الشاشة الزرقاء، تحصل على قلب حب هنا وشارة إعجاب هناك، وقد ترتقي للحصول على مشاركة، وقد يصيبها الحظ الحسن فتحظى بتعقيب قد يتسبب في اعدامها او حرفها عن مسارها وقد تنال تأييدا مخلوطا باليأس والتيئيس والاحباط .
مطالبات شتى ببدائل شتى، ومطلب التبديل محق ويعكس احتياجا ما عاد احد ينكره، او يستطيع انكاره حتى لو عاند ضميره، غير ان بعض هذه المطالبات تأتي خالية من الضمير او الموضوعية او الحكمة ولا تعكس الا الاحباط ولا تدفع الا للانتحار او المستقبل المفتوح على الفوضى والفراغ والرهان على احتمالات شبيه باحتمالات الربح في يانصيب لا نعرف ان كانت دواليبه ستدور فعلا أم لا. 
نعم كلكم تعرفون بان بعض المطالبات كلام حق يراد به باطل، هل تريدون مساعدة للتعرف على هذه المطالبات المشبوهة إليكم بعض الخطوات:
تمعنوا أولا في اسماء وتواريخ اصحاب هذه المطالبات، استعرضوا تاريخهم، واسألوا انفسكم هل كانوا في الامس القريب جزءا من هذا المصير الذي نعيشه أم لا؟ إن كانوا فما هو سر هذه الصحوة؟ وهل قدموا نقدا لأنفسهم واعتذروا عن سابق تورطهم؟.
تمعنوا ثانيا في أماكن إقامة اصحاب هذه المطالبات، هل يقيمون في عواصم ذات اجندات؟ هل يقيمون فيها طوعا أم كرها؟ سنتسامح مع من يقيمون هناك كرها ولا يستطيعون الحضور الى هنا للتعايش معنا والسعي والسهر على تنفيذ بدائلهم، غير اننا يجب ان ننظر الى المستوى الاقتصادي الذي يعيشون فيه مقارنة بالمستوى الذي يدعوننا للعيش تحت سقفه. 
تمعنوا ثالثا في المستوى الفني لمنشوراتهم وخاصة مقاطع الفيديو وقدروا معي مدى الجودة الفنية واللجوء للتقنيات والبرامج الحديثة من مونتاج وانفو جرافيك وفيديو جرافيك وغيرها، الا يعكس ذلك وجود قدرات مالية وحالة مؤسسية لدى هؤلاء؟ الا يعكس ذلك وجود فرق رصد وصياغة وتحرير وتنفيذ فضلا عن خبراء مهرة في توجيه الرسائل. 
تمعنوا رابعا في كلمة SPONSORED التي تظهر في اعلى منشوراتهم وفيديوهاتهم ، لمن لا يعرف فمعنى هذه الكلمة ان المنشور هو أعلان ممول قام صاحبه او من يقف وراءه بالدعم والتمويل بدفع مبلغ مالي عبر بطاقة الفيزا او الماستر لقاء كل ظهور او تكرار بعد ان اختار منطقته الجغرافية المستهدفة وكذلك إعمار واهتمامات المستهدفين، تفاصيل خبيثة جدا تقع في هذا الباب ولا أستطيع ان اشرحها. 
دعونا نستثني هذه المنشورات البدائلية المشبوهة او الغبية او اللامسؤولة ونركز على غيرها، ستجدونها في منشورات بسيطة صادر عن بسطاء لم يفكروا مطلقا بتحويلها الى إعلانات ممولة.
دعونا نفكر كيف يمكن تحويل هذه المنشورات الى مادة للتفكير اليومي والى عناوين للنقاش في المؤسسات الأكاديمية ودور البحث وعبر الاعلام والبرامج الحوارية والندوات وورشات العمل والمؤتمرات وصولا لاقتراح أفضل البدائل وتشكيل رأي عام حولها. 
حالة عدم الرضى التي نعيشها جماعيا، محقة تماما، وهي حالة صحية واستجابة طبيعية، ما ليس طبيعيا ان لا يبادر احد من النخبة مؤسسات وأفراد للتعامل معها بحكمة علها تنتج بدائل حكيمة. وليس طبيعيا بدرجة اكبر تحول افراد النخبة الى مجرد مطلقي نكات ومروجي سخرية وصانعي فكاهة مرة وواضعي لايكات ومستخدمين مهرة لأيقونات الوجوه العابسة التي يقترحها عليهم الفيسبوك في قسم التعقيبات، ربما سيلجأ بعضهم من الباحثين عن التميز الى شراء أيقونات ساخرة جديدة فهذه الخدمة متاحة عبر تطبيقات عديدة.

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024