الرئيسة

12 ساعة عمل مقابل توصيلة بخمسة شواقل!

نشر بتاريخ: 2018-01-14 الساعة: 12:21

غزة- الحياة الجديدة-  يكابد الشاب أحمد عيد في العشرين من عمره، 12 ساعة عمل يوميا على الأقل، ينقل كابونات مؤن وكالة الغوث على عربة يجرها حمار، ليظفر ببضعة شواقل في نهاية اليوم تسد حاجة عائلته متعددة الأفراد والاحتياجات.

وتكاد ملامحه تختفي خلف آثار الدقيق وقد اختلط بعرقه المتساقط من جسده النحيل، وهو يوزع كوبانات الدقيق التي استلمها لبعض المواطنين ثم يوصلها إلى بيوتهم مقابل خمسة شواقل فقط، وبدا أحمد منهكا وكذلك حماره الذي يجر عربة ذات أربع عجلات، يحمل الدقيق والزيت للناس وينقله أحيانا إلى شقق سكنية عالية في الطابق الثالث والرابع وفق قوله، مما تسبب بإصابته بانزلاق غضروفي كما حصل لوالده من قبله ولكنه ما زال يعمل في ذات المهنة لأنه لا يجد غيرها فالمنافسة عليها ضعيفة لقلة دخلها والجهد الكبير المطلوب في أدائها.

ولا يتردد أحمد الذي حصل على معدل 92% في الثانوية العامة الذي ينتظر مولوده الأول بعد أيام بالعمل في أي مهنة، حتى لا يبقى عاطلا عن العمل ويلتمس العون من الناس لمساعدته ولا يبقي الفقر ينهش جسده وعائلته، كغالبية الأسر الغزية، علما أنه لم يستطع اكمال تعليمه نظرا لظروف عائلته المتردية.

ويصر أحمد الذي يقطن في بيت صغير في منطقة نائية شرق رفح برفقة والده ووالدته وإخوته، على الكدح طوال اليوم وعدم الاستسلام للفقر.

بنية اقتصادية مدمرة

ويعاني نحو 40% من القوى البشرية العاملة في قطاع غزة بطالة دائمة ناجمة عن توقف غالبية المنشآت الاقتصادية فيه، وتحديدا المصانع التي كانت تستوعب آلاف العمال، بعد ان فاقم من تدهور الأوضاع الاقتصادية والحياتية والإنسانية تعرض القطاع لثلاث حروب والتي كان آخرها عام 2014، أدت إلى إلحاق خسائر بشرية ومادية فادحة وخاصة الحرب الأخيرة التي دمرت عددا كبيرا من المنشآت الصناعية في القطاع وفقا لاحصائيات مراكز حقوقية بغزة.

ويواجه المواطنون في قطاع غزة، خاصة ربات البيوت وأولياء الأمور، صعوبة في تدبر أمور الحياة اليومية لمن يعيلونهم، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مرجعين ذلك لقلة ما في اليد بسبب تفشي البطالة والحصار المفروض على القطاع لما يربو عن عشر سنوات.
وبناء على تقديرات أعدها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن معدلات الفقر ارتفعت بين الأفراد في قطاع غزة عنه في الضفة.

توقف الحياة الاقتصادية

وفي هذا الإطار، يكشف الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع أن معظم سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية المقدمة من 'الأونروا' وبرنامج الغذاء العالمي والجمعيات الخيرية والإغاثية المختلفة.

 وقال الطباع:" تفاقمت أزمة البطالة والفقر نتيجة الحصار، وارتفعت معدلات البطالة إلى 40%، والفقر إلى 80%، نتيجة توقف الحياة الاقتصادية بالكامل، وحان الوقت لإيجاد حلول جذرية لقضية العمال والبطالة المرتفعة في محافظات غزة."

واقترح الطباع وضع برامج إغاثة عاجلة للعمال وخطط لإعادة تأهيل العمالة بعد أن فقد معظم العاملين في كافة القطاعات الاقتصادية المختلفة المهارات المكتسبة والخبرات نتيجة التوقف عن العمل، ودعا إلى فتح أسواق العمل العربية أمام العمال الفلسطينيين ضمن ضوابط ومحددات، بحيث يتم استيعاب العمال ضمن عقود لفترة محددة.

ووفقا للمفهوم الوطني للفقر الذي يستند إلى التعريف الرسمي للفقر الذي تم وضعه في العام 1997، ويضم التعريف ملامح مطلقة ونسبية تستند إلى موازنة الاحتياجات الأساسية لأسرة تتألف من خمسة أفراد (بالغين اثنين وثلاثة أطفال)، فقد قدر معدل الفقر بين السكان وفقا لأنماط الاستهلاك الحقيقية 25.8% ،(بواقع 17.8% في الضفة الغربية و38.8% في قطاع غزة).
وتبين أن حوالي 12.9% من الأفراد في فلسطين يعانون من الفقر المدقع (بواقع 7.8% في الضفة الغربية و21.1% في قطاع غزة)، مع العلم أن خط الفقر للأسرة المرجعية قد بلغ 2,293 شيقل وخط الفقر المدقع قد بلغ 1,832 شيقل.

 واتفقت التقديرات السابقة مع ما بينه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره له، من أن نحو 80% من سكان القطاع المدنيين لا يزالون يعتمدون في حياتهم على المساعدات الغذائية التي توفرها وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ومنظمات الإغاثة الأخرى، التي باتت في الآونة الأخيرة تقلص من خدماتها أيضا، ما فاقم من معدلات الأسر التي تعيش تحت خط الفقر.

معدلات البطالة

وأرخت سياسة الحصار الإسرائيلي سدولها للعام العاشر على التوالي على معدلات البطالة في الأراضي الفلسطينية، وبتحليل البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد العاطلين عن العمل حتى الربع النصف الأول من عام 2017 بلغ 384 ألف شخص في الضفة المحتلة وقطاع غزة ، ووصلت نسبة البطالة في غزة إلى 43.2% مقابل 19.6% في الضفة المحتلة؛ وذلك بسبب استمرار سياسات إسرائيل العقابية.

حيث بلغ عدد العاطلين في قطاع غزة حوالي 218 ألفا مقابل 166 ألفا في الضفة المحتلة، بنسبة وصلت إلى 43.2% في قطاع غزة مقابل 19.6% في الضفة المحتلة.

ويعود التفاوت في هذه النسب لغير صالح قطاع غزة إلى انهيار المنظومة الاقتصادية بعد الحروب الثلاث التي واجهها القطاع وأدت إلى تعطل آلاف العمال بعد تدمير المنشآت الاقتصادية التي يعملون بها، وفقا للدكتور الطباع.

وأضاف الطباع ناهيك عن تأخر عملية إعادة الإعمار، واستمرار إسرائيل بسياساتها وإجراءاتها العقابية عبر تشديد الخناق على تنقل التجار ورجال الأعمال عبر معبر بيت حانون واعتقال العشرات منهم، بالإضافة إلى تجديد قائمة السلع والبضائع الممنوعة من الدخول إلى القطاع.

وهو ما أثر على كافة القطاعات الاقتصادية العاملة في تلك المجالات، وقضى بها إلى الإغلاق أو الإفلاس. وأخيرًا ظهر في ارتفاع معدلات البطالة إلى نسب غير مسبوقة وُصفت بالأعلى عالميًا خاصة في قطاع غزة.

 وتوقع مراقبون بان يزداد الوضع الاقتصادي سوءا في الفترة المقبلة مع تضاءل الدعم الدولي للسلطة الفلسطينية، خاصة وإن المال أصبح يشكل وسيلة ضغط على السلطة بسبب مواقفها السياسية الخاصة بتجميد المفاوضات مع إسرائيل ومحاولات الانضمام إلى المعاهدات الدولية والحصول على اعترافات بالدولة الفلسطينية على حدود 1967.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024