الرئيسة/  مقالات وتحليلات

اسألوا يغئال عمير عن (عظام أوسلو)

نشر بتاريخ: 2017-12-24 الساعة: 12:21

موفق مطر لماذا يصر البعض على دفع القيادة الفلسطينية إلى تحمل المسؤولية عن إغتيال العملية السياسية عموما وإتفاق أوسلو خصوصا، وهمم يعلمون تمامًا أن أوسلو قد اغتيلت لحظة أطلق اليهودي الإرهابي  يغال رابين مساء الرابع من تشرين الثاني –نوفمبر 1995 برصاص مسدسه على رابين الذي كان على رأس مهرجان لمؤيدي عملية السلام في تل أبيب.
قبل شهر من اغتياله كان المتطرفون ذوي النزعة الإستعمارية العنصرية في اسرائيل قد احتشدوا فيما كان الكنيست يناقش المرحلة الثانية من إتفاقية أوسلو، وكانوا يهتفون: "رابين الخائن" و"الموت لرابين". حتى أن بعضهم حمل تصميمات أظهرت رئيس وزراء اسرائيل حينها اسحاق رابين بصورة  جندي ولكن بزي عسكري نازي.
من المهم جدا تذكير المطالبين بحماسة إلغاء إتفاق أوسلو بهذا الحدث، وإعلامهم أيضا أننا منذ ذلك التاريخ قد أدركنا جيدا أن مراكز القوى الناظمة للعقلية الاحتلالية الاستيطانية الاستعمارية في دولة الاحتلال ماكانت لتسمح بتطبيق إتفاق كان سيؤدي بعد حوالي خمس  من تاريخ التوقيع عليه إلى قيام دولة فلسطينية، وأننا منذ اللحظة التي تلت إغتيال رابين، وإنكشاف القاتل والجهات الواقفة والدافعة له، بدأت القيادة الفلسطينية في إحداث تغييرات على الأرض، والمضي بالمتاح من أرض فلسطين لاستنهاض مقومات وأساسات الدولة  التي كان تم الإعلان عن قيامها في وثيقة الاستقلال في الخامس عشر من نوفمبر من العام 1988.. فالمناضل الوطني ينتزع حقوق ومصالح الشعب من منظومة الاحتلال المهيمنة، ولا ينتظر حسن أو سوء نوايا مغتصبها، فالشعب هو الذي يسترجع الأرض التي هي مبرر وسبب وجوده في الدنيا.
استطعنا رفع وقائع جديدة على الأرض، وغيرنا قواعد وقوانين الصراع، ورفعنا ركائز ومؤسسات دولة، وبتنا دولة عضو بصفة مراقب، وانتزعنا قرارات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تقر بأن الأرض الفلسطينية المحتلة بعد الرابع من حزيران من العام 1967 هي أراض دولة فلسطين المحتلة بعاصمتها القدس الشرقية وأن الدولة القائمة بالاحتلال هي اسرائيل، وبذلك إنتفت مقولة ( أرض متنازع عليها ) التي كانت منظومة الاحتلال الاسرائيلي  تتخذها كذريعة لمفاوضتنا عشرين عاما بعد كل عشرين عام !!.
تنتظر دولة الاحتلال اللحظة التي سنرتكب فيها هذا الخطأ، لأن الذين ( يحكمون اسرائيل اليوم) وكانوا السبب والمحرض على اغتيال عملية السلام، سيسارعون للتباكي على  (أوسلو) وأظهارنا كطرف معاد للسلام، فيخترقون ما أنجزناه سياسيا، وما حققناه لصالح قضيتنا، ليفجروا المركز القانوني لفلسطين في القانون الدولي، ويقتحموا عقل المجتمع الدولي بدعاية الإرهاب الفلسطيني، لتبديد تضحياتنا العظيمة التي بذلناها للحفاظ على حقوقنا المشروعة غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقنا بالإستقلال الوطني، وقيام دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الحل الذي ارتضيناه لإيقاف عجلة الصراع، وتأمين المنطقة بسلام  وفق متطلبات قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، والتي حفظت للآجئين الفلسطينيين حقوقهم بالعودة إلى وطنهم والتعويض .
يحق لنا أخذ القرارات المصيرية التي تحررنا مما تبقى من (عظام أوسلو)، بناء على مانحققه من بدائل تغنينا، وتجعلنا في حل منها، لكن لايجوز المناداة بقطع الصلة مع العالم الذي وقف مع فلسطين ضد دولة الاحتلال الاستعماري العنصرية، وضد الوعود الإستعمارية  الجديدة، وقرارات الإدارة الأميركية الجديدة التي أبرزها علانية الرئيس الأميريكي دونالد ترامب، التي ستؤجج صراعات على أساس ديني في المنطقة، وتطلق براكين الإرهاب التي لم يصدق العالم انه استطاع إخمادها في الشرق الأوسط، فنحن مازلنا نعمل على ترسيخ المركز القانوني لفلسطين، ونسعى للحصول على حقوق الدولة الكاملة العضوية في الأمم المتحدة، كما نعمل على أدامة نضالنا الشعبي السلمي المشروع، وحماية الجماهير وتوسيع دائرة الحراك الشعبي الوطني والعربي والعالمي، بما يضمن فتح سبل جديدة نحو آفاق الاستقلال الوطني، وتمكين الشعب من رؤية الأمل بالعين المجردة، ذلك أن الشعب يريد رؤية التضحيات وقد تجسمت  في عمق ميدان الوطن حيث الحرية والاستقلال والسيادة، كل ما تقد يتطلب منا يقظة عالية، واقتدار، ورؤية ثاقبة تأخذ مصالح الشعب العليا .
الوطنيون الفلسطينيون اليوم أمام امتحان تاريخي، ليس مسموحا لأحد التخلف عنه، أو تبرير تقاعسه في الوقوف على قاعدة الثوابت والحقوق، والحكمة والعقلانية، المرتكزتان على الايمان وصلابة، فرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس أبو مازن يصنع بفضل ثقته بهذا الشعب وقدرته على الصمود والصبر معركة تحرير العالم من إرهاب الدولة، وينذر من مخاطر استيلاد مخططات استعمارية وتحديثها بمصطلحات معاصرة قد تبدو مقبولة للبعض. فنحن وإن قال البعض إننا شعب صغير العدد، لكننا أعظم مما يتخيلون، فبإرادتنا سنبقى الرقم الأصعب في معادلة الاستقرار والأمان في العالم، وشعب هذه الأرض، والمدينة المقدسة (القدس) الشعب الفلسطيني، هو الذي يملك مفاتيحها نحو سماء الإنسانية المتطلعة للحرية والسلام .

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024