الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ابو ثريا .. ابراهيم القدس

نشر بتاريخ: 2017-12-17 الساعة: 10:07

موفق مطر لامعجزات في القرن الواحد والعشرين، ولكن أن يرد الجريح الذي رآه الناس معدوم القدرة على الوقوف والسير قدما والرد على صفعة القرن، فهذا هو الاعجاز الوطني ... ولكن كيف مشى ابراهيم ابو ثريا ؟!.

بديهي جدا رفض ابو ثريا استخدام طرفين صناعيين حتى لو صنعا له خصيصا في اعظم وافضل مصنع في العالم ، فهذه الهامة ، هذه الروح  المعجونة بتراب الارادة التي ارتفعت بصيرتها ، وعلا بصرها كل السواتر والحواجز والاسلاك المكهربة والجدران الفاصلة بين ارضها وارضها لتغرس علم فلسطين ماكانت لتمضي الى ما تشاء ، مالم تك مرفوعة على مئذنة مسجد الأقصى من اليمين، وبرج كنيسة القيامة من الشمال، او العكس ، لايهم ، فابراهيم ابو ثريا مثال على الذين لايحبون الاتجاهات والنظريات والفلسفات المسيسات.

مضى الجريح الفلسطيني ابراهيم ابو ثريا ، على كرسي ليس كالكراسي التي يجري عليها الصراع ، كرسي متحرك ، بقوة قبضته ، واتكاله على نفسه ،  وبثقة الذين معه في الميدان  بين النيران والغبار والدخان

مضى ، بل مشى ابو ثريا ، وهو يرى مسعى عسكر دبابات البغي والعدوان لسد افق الحرية أمام عينيه ، ويفاخرون بقدرتهم على حجب  قبلته الأولى (القدس ) بدخان اسود ، مصنوع في ( الكونغرس )  ومختوم من البيت الأبيض .. ولكنه مضى

 مضى الانسان الذي رأيناه كمثل آدم ، قد خلقه الله من تراب هذه ألأرض المقدسة (فلسطين ) ، رأيناه يخرج من أديمها ، من صخرها ، من تربتها الحمراء ، في قامة الفدائي ، وهامة البطل ، فاذا بنا أمام صفحة من كتاب التاريخ الوطني الفلسطيني ، يخطها ابراهيم ابو ثريا في شهر ميلاد النبيين ، الأول عيسى ابن مريم (عليه السلام )، الأول الذي قام من القدس وارتقى الى السماء ، والآخر محمد بن عبد الله  (صلى الله عليه وسلم ) الذي عرج من القدس الى السماء ، في اياب الاسراء .

مضى ابو ثريا، ليرينا آية الحق، آية ألآحرار، ومشى ، وسار على رافعة  القدير ، فتسلق (برج التوتر العالي ) وهو يدرك أنه بلا قدمين ، بلا ساقين ، بلاحتى فخذين ، ولكن كيف ؟! حقا إنه سؤال ساذج !! فقد علمنا ابو ثريا أن الانسان الذي لايحمله قلبه،ولايسيره عقله، ولاتنبض القدس في عروقة هو المقعد ، المعاق، هو الضعيف المسكين.

 ارتقت روح ( ابراهيم القدس ) الى السماء ، فقد يراه بعضنا قمر، وقد يراه  بعضنا شمسا ، وقد تبكيه الجموع بالدموع ، وقد يصبح ضريحه مزارا ، وقد تؤلف عن سيرته الكتب ، فاذا بأبي ثريا الذي شغل مقعد الريادة في المقاومة والافتداء، ورفع علم فلسطين مابين ألأرض والسماء، قد أزاح القناع عن وجوه المهرجين  والبهلوانيين، وكشف عورة الصراخين في المهرجانات والاحتفالات ، فذلكم يهرعون الى فيلاتهم المحروسة وسياراتهم الرباعية الدفع المكيفة ، أما ابراهيم ابو ثريا ، فانه وهو الناهض من ( فرشة زاهد ) على ألأرض ، العاشق للذوبان في حبيبات ترابها المقدس ، قد عاد اليها،  لتكتمل سيرة جسده كما خلقه الله اول مرة ، ولكن بعد ان مضى ، ومشى ، وسار بلا قدمين بلا ساقين ، بلا فخذين فوصل الى المدينة المقدسة ، فصار ثريا القدس .

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024