الرئيسة

طريق الصين إلى العربية

نشر بتاريخ: 2017-12-05 الساعة: 10:14

بكين- وفا- جميل ضبابات- نشأ شيانغ تشن بياو في مقاطعة هونان التي تمتد من الجزء الجنوبي الأوسط من الصين إلى الجنوب من الروافد الوسطى لنهر اليانغتسى وجنوب بحيرة دونغ تينغ، ولم يكن يعرف عن اللغة العربية سوى معلومة خاطئة؛ إنها لغة أوروبية.

يقول الشاب الذي ينحدر من أقلية مياو، وهي واحدة من المجموعات العرقية الـ 55 المعترفة في جمهورية الصين الشعبية "لم أسمع احدا يتحدث العربية إطلاقا في بلدتي التي تتحدث 6 لغات".

ويضيف "بكل ثقة أنا الآن سأحصل على اللقب الثاني في علم اللغة الحديث".

بياو الآن، عضو فعال في جامعة الدراسات الأجنبية في العاصمة بكين، وعلى عاتقه تقع أحيانا مهمة ردم الفجوة بين المتحدثين بلغتين مختلفتين، مثل العربية والصينية. إنه مترجم متطوع هادئ وفعال.

عندما حث البروفيسور شوي تشينغ قوه، بياو على أن يتحدث قليلا باللغة العربية قال "نشأت في جنوب الصين حيث لا يوجد شيء عن العالم العربي. كنت أعتقد أن العرب أقرب إلى الغرب". وأضاف ضاحكا "كنت أرى أحرف اللغة العربية مثل أعواد المعكرونة".

وبياو واحد من عدة آلاف يتلقون الآن تعليمهم في جامعات عديدة اختارت اللغة العربية كتخصص رئيس في برامجها الأكاديمية.

يقول قوة "قبل أكثر من عشر سنوات، كانت سبع جامعات صينية فقط تدرّس اللغة العربية. في السنوات الأخيرة ارتفع العدد إلى نحو 60".

وسنويا يرتفع عدد الصينين الذين يتخصصون باللغة العربية، كما تشير إحصاءات متناثرة في مقالات علمية.

كانت الجامعة التي يدرس فيها بياو قد تأسست عام 1941 قبل تأسيس الجمهورية الشعبية ذاتها. والآن تضم هذه الجامعة نحو عشرة آلاف طالب يدرسون اللغات الأجنبية الحية. وبياو واحد من نحو 2000 طالب مشوا في طريق تعلم العربية.

يقول قوه، وهو أيضا عميد كلية الدراسات العربية ووجه مألوف على شاشات التلفزة العربية كمتخصص في شؤون العالم العربي، "العام المقبل سنحتفل بمرور 60 عاما على نطق أول كلمة عربية هنا".

لكن شيانغ الذي اختار اسم باسل له "لخلق حالة عربية كاملة في حياته"، جذبه رسم حروف اللغة العربية التي قاربها سابقا من أعواد المعكرونة.

والعربية التي ظلت مجهولة لبياو الذي يسافر ساعات طويلة بالطائرة من هونان إلى بكين، عرفت أكاديميا في الصين قبل ذلك بقرون كثيرة، "يمكن القول إن تعليم العربية بدأ في الصين قبل أكثر من ألف عام" قال قوه.

لكن الاحتكاك المباشر والموثق بين اللغتين بدأ في وقت مبكر من نشوء الدولة الإسلامية.

ويضيف قوة: تشير السجلات التاريخية الصينية إلى أن أول بعثة أرسلت من قبل الإمبراطورية العربية إلى الصين كانت في سنة 651 ميلادية، أي في عهد الخليفة عثمان بن عفان.

اليوم، تجلس مجموعة من الطلبة حول أستاذهم الذي يعتبر واحدا من أكثر الباحثين في علوم اللغة العربية يتبادلون حديثا بلغة دخلت الى الصين من باب التجارة، لكنها تعود بقوة من أبواب كثيرة.

يقول تشيغ قوه إن الأسباب وراء تعلم العربية كثيرة، ومنذ تسعينيات القرن العشرين ومع تطور الاقتصاد الصيني وزيادة الانفتاح على العالم الخارجي، كثر التبادل الاقتصادي والتجاري بين المناطق الصينية المختلفة وبين الدول العربية، فبدأت بعض المقاطعات تهتم بإعداد مترجمين للغة العربية. لكن هناك أسباب خاصة جدا.

إذا كان بياو واحدا من الصينيين الذي لا يؤمنون بالأديان وجاء من جنوب الصين إلى بكين، فإن فتاة اختارت اسم خديجة تنحدر من قومية "هوي" وجاءت من الشمال لتعلم العربية في بكين، لتدرك معاني الأناشيد الدينية التي تسمعها من عائلتها.

قالت الفتاة لمراسل "وفا": منذ طفولتي أسمع الأذان ولا أفهم معانيه. عندما تعلمت العربية بدأت أدرك حديث والدي الديني".

يردد المعنى ذاته لطيف، وهو الآن في مرحلة الدكتوراه "كنت أسمع نداء المسجد ولا أفهمه."

ويقطن لطيف في مدينة لانجو وسط الصين.

 واقعيا، بدأ تعليم اللغة العربية في الصين بشكل منهجي في المدارس الصينية مطلع أربعينيات القرن الماضي، عندما اختير بعض خريجي جامعة الأزهر لإعطاء دروس اختيارية للطلبة الصينيين.

لكن قوه يقول "اللغة دخلت قبل ذلك. قبل ألف عام".

اليوم، تعج جامعة اللغات الأجنبية بالطلبة. وحتى ساعات المساء كان هؤلاء يدخلون ويخرجون من قاعات تعليم اللغات الحية، مثل العربية والعبرية والفارسية.

كان لطيف وبياو يرتبان لقاءً لطلبة كلية اللغة العربية مع زوار فلسطينيين.

يندر مشاهدة اللغة العربية في بعض المدن الصينية. في مدن أخرى يمكن استطلاع كلمات ذات دلالات دينية مثل: مطعم حلال.

في جامعة اللغات الأجنبية، يستمع الطلبة والزوار إلى تعمق اللغة العربية، عبر قنوات صينية كثيرة. والأدب الفلسطيني واحد من تلك القنوات، كما يشير البروفيسور قوه.

قوه ذاته ترجم إلى اللغة الصينية عدة دواوين لمحمود درويش بعد ترجمة رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس". قال طلابه في الجامعة إن بعض دروسهم الفصلية تضمنت جزءا من الأدب الفلسطيني.

فكراس خديجة وهو صناعة صينية وعنونت دفتاه الخارجيتان بكلمة جامبول الإنجليزية، يحمل إشارات مختلفة من فحوى دروس اللغة العربية التي تتلقاها.

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024